ارتفعت أسعار خام برنت قليلا في اليومين الماضيين، وعزز خام برنت مكاسبه امس حيث ارتفع أكثر من دولار للبرميل بعد أن نقلت وسائل إعلام روسية عن وزارة الدفاع قولها إنها رصدت إطلاق « صاروخين» بالستيين في البحر المتوسط. وارتفع برنت إلى 115.74 دولار وسجل زيادة 87 سنتا. وخسر النفط قبل يومين في تعاملات الاسواق الآسيوية بعد إعلان الرئيس الامريكي باراك اوباما انه سيطلب موافقة الكونجرس على تدخل عسكري ضد سوريا مما قلل من احتمالات ضربة وشيكة بحسب المحللين. وقال ديزموند شوا المحلل في «سي ام سي ماركتس» لوكالة فرانس برس ان «المستثمرين يتريثون الآن بعد قرار الرئيس اوباما عرض قراره بشأن التدخل في سوريا على المشرعين الأمريكيين». ورغم ان سوريا ليست من كبار منتجي النفط إلا ان المتعاملين يخشون نزاعا اوسع في الشرق الاوسط الغني بالنفط الخام، يشمل العراق المجاور الذي بات من كبار المصدرين. وقرار اوباما طلب موافقة الكونغرس يرجئ عمليا اي تحرك عسكري ضد سوريا الى 9 سبتمبر على الاقل مع عودة المشرعين من عطلتهم الصيفية. ولا يعرف ما اذا كان الكونغرس الذي سئم الحروب سيوافق على خطة اوباما. وقال وزير الخارجية الامريكي جون كيري إن لدى واشنطن الادلة على ان النظام السوري استخدم غاز السارين في هجوم على ريف دمشق في 21 اغسطس الماضي. واضاف ان فرق الانقاذ التي هرعت الى مكان الهجوم اعطت الولاياتالمتحدة عينات من شعر ودم المصابين اظهرت ادلة على استخدام غاز الاعصاب السارين. وقال شوا إن جميع الانظار ستتركز على اوباما في قمة مجموعة العشرين في روسيا في وقت لاحق هذا الشهر حيث من المرجح ان تكون سوريا على رأس جدول الاعمال. من جهة أخرى أشار بنك أوف أميركا ميريل لينش في مذكرة ان سعر خام برنت قد يشهد طفرة وجيزة إلى ما بين 120 و130 دولارا للبرميل في حال توجيه الغرب ضربة لسوريا لا تتجاوز بضعة أيام. وقال محللون لقطاع الطاقة في بنك أوف أميركا ميريل لينش بقيادة فرانسيسكو بلانش إن مبعث القلق الحقيقي في حالة سوريا التي لا تنتج كثيرا من النفط هو أن أي صراع قد يجر إليه إيرانوروسيا ودولا أخرى في منطقة الشرق الأوسط. وقالوا «في الحالة الأسوأ تتحول سوريا إلى ساحة حرب بالوكالة تمتد لفترة طويلة على غرار حرب فيتنام ونعتقد حينئذ أن سعر النفط قد يتحرك في نطاق 50 دولارا». وأضافوا «ورغم أننا لا نرجح حدوث ذلك فقد يفضي تطور من هذا القبيل إلى بقاء أسعار النفط في نطاق 125-140 دولارا للبرميل لمدة شهر.» وعلى جانب آخر قال بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي إن سعر برنت يمكن أن يصل إلى 150 دولارا للبرميل إذا اتسع الصراع السوري وعطل الامدادات من المنطقة وقد يصل خلال أيام إلى 125 دولارا مع استعداد السوق لهجوم محتمل أو استيعابها لآثاره. وقال مايكل ويتنر محلل سوق النفط في البنك الفرنسي «نعتقد أنه في الأيام المقبلة قد يزيد برنت ما بين خمسة وعشرة دولارات ليصعد إلى 120-125 دولارا إما توقعا لهجوم أو كرد فعل على بدء هجوم». وأضاف «إذا اتسع نطاق التداعيات الإقليمية في صورة تعطيل للإمدادات في العراق أو في أماكن أخرى فقد يقفز برنت لفترة وجيزة إلى 150 دولارا». وأضاف ان الدول المستهلكة للنفط قد تدرس إطلاق جزء من احتياطياتها النفطية الاستراتيجية الكبيرة إذا ارتفعت أسعار النفط أكثر من اللازم أو في حالة نقص حاد في المعروض. ورغم أن سوريا ليست منتجا كبيرا للنفط إلا أن أي تدخل غربي هناك يمكن أن يؤدي إلى صراع أوسع في منطقة الشرق الأوسط التي تنتج ثلث النفط العالمي. ويقول جوليان جيسوب رئيس قسم أبحاث السلع في كابيتال ايكونومكس إن سوريا منتج صغير للنفط، ليست مثل ليبيا، كما أنها ليست نقطة عبور رئيسية لصادرات النفط والغاز كما هو حال مصر. وقبل فرض العقوبات كانت سوريا تنتج 370 ألف برميل يومياً أي 0.4 بالمائة تقريباً من الإمدادات العالمية، وتصدر أقل من 150 ألف برميل يومياً معظمها إلى أوروبا. ويقدر أن إنتاج سوريا الحالي لا يتجاوز 50 ألف برميل يومياً يكرر محلياً بالكامل. وتواجه سوريا نقصاً في منتجات النفط وتضطر لاستيرادها من الخارج، ولا يزال مسموحاً بتصدير منتجات النفط إلى سوريا، وإن كان بعض التجار يحجمون عن العمل هناك. ومن الممكن أن يكون لتحرك ضد سوريا أثر على الجهود الغربية للضغط على طهران بشأن برنامجها النووي بعد أن أدت العقوبات التجارية إلى خفض صادرات النفط الإيرانية بمقدار النصف على مدى العامين الأخيرين. ولا تزال إيران تمد الأسواق الآسيوية وتركيا بنحو مليون برميل يومياً. وتقول حليمة كروفت المحللة في باركليز إن الوضع الأمني في العراق ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في منظمة أوبك تدهور تدهوراً شديدا بسبب الأوضاع في سوريا. وتزداد المواجهة تعقيداً بسبب ضلوع لاعبين كبار آخرين بما في ذلك الدعم الذي تقدمه روسيا المنتج الكبير للنفط لحكومة الأسد. وقالت امريتا سين من إنرجي آسبكتس لاستشارات الطاقة: “احتلت سوريا موقع الصدارة في حرب بالوكالة بين القوى الإقليمية والانحياز لطرف أو لآخر في سوريا يعني عمليا الانجرار إلى هذه الحرب بالوكالة”. وقال جاكوب من بتروماتريكس إن سوريا يمكن أن تشكل خطراً على شحنات الخام من العراق وأذربيجان. وقال: “خليج الإسكندرونة في تركيا على بعد بضعة أميال من الحدود مع سوريا، هو طريق تصدير رئيسي للنفط الخام من العراق وأذربيجان”. وقدر أن النفط الذي يمر من خليج الإسكندرونة يبلغ 1.2 مليون برميل يومياً أو أكثر من واحد بالمئة من الإمدادات العالمية.