كثيرون يشتكون من ضيق العيش، فمصاريف هنا وهناك وحياة تستهلك أموالنا كل يوم ومستقبل ينتظر تأمينه ان سمح له الحاضر. في الأسبوع الماضي اتصل بي رجل أعمال أعرفه محبا للخير دائما، كنا على موعد مسبق، اتصل بي لتغيير الموعد نظرا لانشغاله بأمر معين لم يخبرني به، وبالصدفة عرفت السبب الذي جعله يغير موعدنا وهو أنه يستقبل عددا من المحتاجين لقضاء حاجاتهم، أسأل الله أن يجزيه خير الجزاء. كثير من هؤلاء المحتاجين هم موظفون ولكن دخلهم لا يوازي مصاريفهم، المشكلة التي تواجههم أنهم بهذه الطريقة يحلون عقبة واحدة فقط، ولكن ماذا عن بقية العقبات؟ هذا حل مؤقت فماذا عن الحلول الدائمة والجذرية؟ مشكلة المشاكل أن كثيرا منا يتصرف بطريقة مؤقتة، استطعت أن ألتقي بأحد هؤلاء المحتاجين وسألته عن حاله فقال دخلي قليل ومصاريفي أكثر، فقلت وكيف تحل هذه المشكلة فقال (المرة هذي حليتها والمرة الجاية ربك يسهل).. وهنا المشكلة الكبرى. لماذا كل من يعاني من مشكلة لا يفكر في بترها نهائيا؟ لماذا لا يحاول أي محتاج أن يبحث عن مصادر دخل أخرى ولو كانت بسيطة إما أن تساعده بالاضافة إلى دخله أو تبدأ بشكل بسيط ثم تكبر أكثر فأكثر؟. في تلك اللحظة استوقفني موقف حصل لي حين كنت أسير بسيارتي ووجدت بائعا للخضار والفواكه على جانب الطريق توقفت عنده واشتريت منه بعض ما احتاج ثم سألته وقلت له كيف الشغل معك؟ فقال الحمد لله على كل حال؟ قلت نعم ولكن هل تستفيد؟ فقال نعم رغم ان العمل متعب يتطلب وقوفا لحوالي 18 ساعة من الفجر وحتى العشاء إلا أن فيه خيرا وبركة إن سلمنا من البلدية؟ فقلت أنت تعلم أنك تعمل بشكل غير نظامي يجب عليك فتح محل مرخص من جهة الاختصاص، فقال نعم ولكني لا احمل إقامة؟ فقلت وكيف دخلت البلد؟ فقال دخلت بتأشيرة زيارة؟ قلت بتأشيرة زيارة وتمارس عملا تجاريا؟ قال نعم فالحاجة يا أخي تجعلك تفعل الصعب! هنا فكرت قليلا وتناسيت وضعه غير النظامي ونظرت لجانب آخر وهو كفاحه للعمل ومحاولته ايجاد حل جذري لمشكلته، لم يذهب لفلان وفلان لحل مشكلة يومه أو غده بل جعل الحل بيده هو فقط. لماذا لا نتعلم من هذه المواقف فكثير من مصادر الدخل لا تحتاج لرؤوس أموال قد تحتاج إلى خدمات أو وساطات وشيئا فشيئا تصبح دخلا قويا وثابتا متناميا لصاحبه ولكنها تحتاج بعض الصبر والجلد. كثير من تجار العقارات بدأوا بدون رأس مال بل ولا حتى مكاتب بل بالتوفيق بين الطلبات والعروض وحققوا دخلا طيبا والأمثلة كثيرة. مشكلة بعض الناس أنه يريد الدنيا أن تأتي إليه ولا يريد هو أن يبادر إليها ولا يعلم أن في الحركة بركة من الله يجعل فيها ما لا نعلم، فإذا كان وافد أجنبي يزور بلدنا لبضعة أشهر من خلال (تأشيرة زيارة) استطاع أن يستفيد فما بالنا بأبناء بلدنا الذين هم أولى بكل ريال فيه؟ عيدكم مبارك وتقبل الله طاعتكم وختم بالصالحات اعمالنا وجعلنا وإياكم من عتقائه من النار وجميع المسلمين.. بإذن الله ألقاكم السبت المقبل في أمان الله.