سأبدأ بكلام مشجع برازيلي غيور يقول: أسوأ وأمر عندي من الهزيمة الساحقة أمام ألمانيا أن أرى رئيسة البرازيل ديلما راسيف وهي تسلم اليوم كأس العالم لمنتخب الأرجنتين عدونا اللدود في كرة القدم اللاتينية.. وأضاف: ولا يمكن أن أتصور أن يرفع الأرجنتينيون كأس العالم ويحتفلوا في ملعب ماراكانا معقل الكرة البرازيلية.. أنا أرحم عندي -والكلام للمشجع البرازيلي الغيور- أن أشجع وأهتف من أجل فوز ألمانيا وهذا يريحيني وأفضل عندي من مشاهدة الأخوة الأعداء جيران الجنوب على أرضنا يسرحون ويمرحون فهذا يوجع قلوبنا.. واليوم أنا ألماني. على وقع هذا الكلام يشهد ملعب ماراكانا في ريو دي جانيرو الليلة المباراة النهائية لبطولة كأس العالم العشرين وتجمع ألمانيا والأرجنيتين في لقاء كسر عظم بين الكرة الأوروبية واللاتينية، ومع أن أغلب الترشيحات تصب في صالح المانشافت لأفضليته فردياً وجماعياً وتكتيكياً وتفوقه بروح الحماس القتالية... صحيح أن الألمان سيجدون صعوبة بالغة في اختراق المتاريس الأرجنتينية الدفاعية المحكمة، والتي تعتمد على خنق الخصوم داخل مصيدة.. إلا أن الماكينة الألمانية قادرة على فك هذا اللغز وطحن الأخضر واليابس. في الوقت الذي احتفل فيه الألمان بسباعية المجزرة وحسموها خلال عشرين دقيقة من البداية، وأكلموا المباراة مرتاحين على مبدأ السلامة، في حين أن التانغو تعب وأرهق في مباراة ماراثونية أمام هولندا امتدت 120 دقيقة، وحسمت بركلات حرق الأعصاب وببسالة حارس الأرجنتين روميرو، وبدت السعادة طافحة على وجوه ميسي ورفاقه، وعلى الألمان تجنب غرور الفارق وعليهم أن يتذكروا كيف خسروا في الدور الأول سبعة - صفر أمام المنتخب المجري المرعب آنذاك في مونديال سويسرا 1954، ثم التقيا مرة ثانية في المباراة النهائية ففاز الألمان بالعزيمة والإصرار 3/2. الجهاز الفني الألماني راقب بدقة كيف نجح مدافعو هولندا في الحد من خطورة الأرجنتيني ميسي وتقييد حركته مع زميله آجويرو، حيث جهزوا المدافع ميلس العائد من الإصابة بمراقبة ميسي بعد نجاحه في شل حركة رونالدو البرتغالي في مباراتهما معا، وهناك نقطة فنية جوهرية لا بد من توضيحها.. الألمان يتفوقون في كل شيء ولا يستطيع وسط الأرجنتين التقليدي مجاراة وسط الألمان الناري والمترابط، بالمقابل منتخب التانغو لن يستسلم وسيستميت من أجل خطف النجمة الثالثة في تاريخه، وهذا الإنجاز هو حلم ميسي الأكبر والجائزة المفقودة بالنسبة إليه.. كي يجمع الفخر من كل أطرافه لاسيما أن مارادونا ما زال في قلوب الجميع وهو الرمز الألمعي في تاريخ كرة القدم الأرجنتينية. ولا بد أن نذكر أن مواجهة الليلة بين المانشافت والتانغو قمة مكررة في ثلاثة نهائيات في المونديال، الأولى في مونديال 1986 بالمكسيك وفازت الأرجنتين 3/2، والثانية في مونديال 1990 وفاز الألمان 1 / 0، والثالثة تقام اليوم في مونديال البرازيل، والألمان أكثر منتخبات العالم وصولاً للمباراة النهائية (8 مرات)، فيما جاء تأهل الأرجنتين لقمة المونديال الحالي بعد غياب 24 سنة. أخيراً نشيد بالإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها البرازيل للمباراة النهائية اليوم داخل وخارج الملعب خوفاً من تعرض رئيسة البرازيل ديلما روسيف (راعي المباراة) لأصوات الاستهجان بحضور طرفي القمة النهائية رئيسة الأرجنتين كريستينا كيرشنر والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لتكتمل القمة النسائية.. وإلى اللقاء.