شرعت وزارة البترول والثروة المعدنية بالتنسيق مع مصلحة الجمارك العامة في تطبيق معايير جديدة لفحص المنتجات البترولية في المنافذ الحدودية عن طريق عمل اختبارات متقدمة وتفصيلية للتركيبة الكيميائية والجزيئية، وفحص السلاسل الكربونية للمواد في مختبرات متخصصة تشرف عليها الوزارة للكشف عن أي مواد بترولية مدعومة يتم تهريبها. وقد تمت مراقبة الصادرات لعدد من المصانع خلال الشهر الماضي، وذلك بعد الارتفاع الذي شهدته المملكة مؤخرًا في الطلب على الديزل وما لوحظ من زيادة في حركة صادرات المواد السائلة عبر المنافذ الحدودية، حيث أظهرت نتائج التحليل عدم مطابقة ما يتم تصديره للمواد المفصح عنها بالإضافة إلى احتوائها على نسب عالية من الديزل، وقد أصدرت وزارة البترول والثروة المعدنية تعميمًا لمصلحة الجمارك بإيقاف تصاريح التصدير ل14 مصنعًا (لتكرير الزيوت) مخالفًا. وفى هذا الإطار يعد التهريب أحد التحديات التى تواجه دعم الوقود والمحروقات فى المملكة نتيجة اختلاف اسعار الوقود بين المملكة والدول المجاورة، وهذا أدى الى ظهور مشكلة كبيرة حيث تحولت كثير من الأموال المراد إهداؤها للمواطنين والمقيمين بغرض التخفيف عليهم إلى أموال ضائعة فى جيوب المهربين. والجدير بالذكر ان المملكة تستهلك سنويًا حوالى 42 مليار لتر من الديزل سنويًا ( أو ما يعادل 264 مليون برميل يستهلك منها 88 مليون برميل للكهرباء) فيصبح ما يستهلك لغير توليد الكهرباء حوالى 28 مليار لتر، ويعد هذا الاستهلاك كبيرًا، ولايتماشى مع عدد سكان المملكة البالغ 30 مليون نسمة. ويبلغ الفرق بين السعر المحلى وسعر تصدير الديزل أيضًا حوالى 3.2 ريالات للتر، وبذلك يصبح قيمة دعم الديزل لغير استهلاك الكهرباء حوالى 90 مليار ريال سنويًا. ويعتبر سعر الديزل الأقل بلا منازع بين كل الدول العربية والخليجية، وقد يرتفع الفارق بين السعر فى المملكة وبعض الدول المجاورة الحدودية، كالإمارات والاردن واليمن إلى اكثر من عشر اضعاف، وهذا الفارق الكبير بين الاسعار هو من يدفع ويغذى عمليات تهريب الديزل السعودى الى الخارج. ان نمو ظاهرة تهريب الديزل الى الخارج من شأنها ان تنعكس بشكل خطير على نقص فى امدادت الديزل محليًا، وهو الوقود الضرورى للمواطنين، وهذا ما قد يستلزم استيراده من الخارج حتى لا تقع أزمات بسبب نقصه بالأسواق. وبالتأكيد فإن استيراده سيكون بالأسعار العالمية والتى قد تكلف حوالى 4 ريال للتر، ومن ثم يباع للمواطنين بحوالى 0.25 ريال للتر، وقد يتم تهريب الديزل المستورد من الخارج وهذه الطامة الكبرى. ويبلغ سعر الديزل فى الامارات حوالى 3.3 ريال للتر أي أعلى بحوالى 13 ضعف من المملكة، وحتى قطر التى رفعت سعر الديزل إلى 1.5 ريال للتر أى أعلى من السعر فى المملكة بستة أضعاف. لا شك أن التهريب مشكلة معقدة، وليس من السهل حلها؛ لذلك يرى البعض ان الحل يكمن برفع الاسعار بحيث تكون قريبة من دول الجوار حتى لا يصبح للتهريب منفذ أو زبائن ويحد من التبذير، ولكن فى نفس الوقت يجب تعويض المواطنيين بطرق أخرى. إن النمو الكبير وغير المبرر فى استهلاك المشتقات البترولية فى المملكة يكمن أحد اسبابه الرئيسية بتطبيق دعم الوقود الذى بدأ يؤرقها، ويلقى بظلاله الكئيب على التنامي السريع للنفط فيها؛ لذلك قد يكون الدعم الذكي هو الحل الأمثل بحيث يصل الدعم للمواطن والمواطن فقط بدون تبذير أو تهريب.