تدعم المملكة كافة المحروقات للاستهلاك المحلي كمساعدة للمواطنين والمقيمين حتى اصبحت اسعار البنزين (حوالي 0.5 ريال للتر) واسعار الديزل (0,25 للتر) من اقل الاسعار في العالم. ولقد اخذت حكومة خادم الحرمين الشريفين على عاتقها بذل الغالي والنفيس في سبيل تأمين حياة كريمة لكل من يعيش على هذه الاراضي الطيبة من مواطنين ومقيمين وزائرين. حتى اصبح نمو الاستهلاك السنوي للمملكة للنفط يزيد على 6%، فعلى سبيل المثال فقد ارتفع الاستهلاك السعودي للنفط في سنة ما بين شهر مايو 2013م وشهر مايو 2014م بحوالي 274الف برميل باليوم. وهذا النمو كبير ولا يقارن بأي دولة اخرى عدا الصين، ويساوي حوالي 20% من اجمالي نمو الطلب العالمي على النفط والمقدر بحوالي 1.2 مليون برميل باليوم. ولكن الى جانب ظهور مشكلة الاستهلاك الجائر للنفط بدأت تطفو على السطح مشكلة اخرى وهي تهريب الديزل المدعوم داخلياً الى الدول المجاورة. ويبلغ سعر الديزل بالدول المجاورة اضعاف سعره بالمملكة. فمثلاً يبلغ سعر الديزل بدولة الامارات الشقيقة 13 ضعف سعره بالمملكة، ويمكن تهريب حمولة كبيرة لاخذ فرق السعر الذي قد يصل الى عشرات الآلاف من الريالات بالناقلة الوحدة وفي قوارب بعرض البحر. ولا يمكن تهريب الديزل كما هو عبر المنافذ البرية لان قوانين المملكة تمنع ذلك. ولكن يتم استخدام فسحة قانونية وهي السماح بتصدير الزيوت المستعملة ورواسب الزيت الخام. حيث تصدر هذه المواد السائلة غير الثمينة لاعادة تدويرها الى زيوت تشحيم. ويقوم المهربون بخلط هذه السوائل بمادة الديزل حتى يعتقد رجال الجمارك ان هذه زيوت مستعملة. وعادة ما تحتوي الحمولة على 80% ديزل والباقي زيوت مستعملة. وعند عبور الحدود يوجد اماكن خاصة لفصل الديزل عن الزيوت المستخدمة. ولقد لوحظ مؤخراً زيادة صادرات المواد السائلة عبر المنافذ الحدودية للمملكة. وتقوم الجهات الرقابية في المنافذ الحدودية وحرس الحدود سنوياً باحباط عشرات المحاولات لتهريب الوقود بكافة أنواعه. ولذلك قامت وزارة البترول والثروة المعدنية بالتنسيق مع مصلحة الجمارك العامة في تطبيق معايير جديدة لفحص المنتجات البترولية في المنافذ الحدودية للكشف عن أي مواد بترولية مدعومة يتم تهريبها. ولقد تمت مؤخراً مراقبة الصادرات لعدد من المصانع خلال الاشهر القليلة الماضية، وذلك بعد الارتفاع الذي شهدته المملكة مؤخراً في الطلب على الديزل. وأظهرت نتائج التحليل عدم مطابقة ما يتم تصديره للمواد المفصح عنها بالإضافة إلى احتوائها على نسب عالية من الديزل. وقد أصدرت وزارة البترول والثروة المعدنية قبل فترة تعميماً لمصلحة الجمارك بإيقاف تصاريح التصدير ل 14 مصنعا مخالفا. ويبدو ان المملكة تمضي قدماً لمنع تصدير الزيوت المستعملة والتي تستخدم كحاضنة لتهريب الديزل. ولقد تمت الموافقة مؤخراً على إيقاف تصدير الزيوت المستعملة ورواسب الزيت الخام، وذلك وفقا لما رأته اللجنة الدائمة في المجلس الاقتصادي الأعلى. والجدير بالذكر ان المملكة تعد واحدة من أهم الدول التي تقوم بمعالجة زيوت التشحيم، وهي أكبر منتج ومستهلك لهذه الزيوت خاصة في المركبات. وقد وصلت الطاقة الإنتاجية ل 25 مصنعاً في المملكة إلى أربعة آلاف طن في الشهر. وأغلب إنتاج هذه المصانع يصدر للخارج ويُوزَّع أيضا داخليا لاستخدامه في تشحيم المركبات الزراعية والمعدات الثقيلة. ولا شك ان قرار منع تصدير هذه الزيوت المستعملة يعد من القرارات المهمة والاستراتيجية والتي تسد الذرائع على المهربين. لا نريد ان تنمو ظاهرة تهريب الديزل وهو من اهم المشتقات البترولية على الاطلاق، حيث يصل سعر البرميل منه الى حوالي 130 دولارا، ويتوقع ان يكون الطلب العالمي على الديزل اعلى من الطلب على اي مشتق بترولي آخر بما فيها البنزين. ان قرار وقف تصدير الزيوت المستخدمة سوف يعطي دفعة لاقامة مصانع جديدة لتحويل هذه الزيوت الى مواد تشحيم للاستخدام المحلي؛ ولتصديرها الى الخارج بشكل رسمي وبدون شبهات بوجود الديزل فيها.