هناك الكثير من الناس يعتقدون، بدرجة اليقين، بأن التجارة هي حكر على الرجال، والاستيراد والتصدير هي مهارة حصرية على العنصر الذكوري. حتى في فرص الاستثمار التجاري، من حيث توفير الدعم والسيولة للبدء بالتجارة، نجد خيارات المرأة محصورة وضيقة، أو مشروطة في أمور تعيق عملها في هذا المجال، مثل: حصر أنشطتها في مجالات ضيقة جداً، أو اشتراط وجود المحرم؛ لإنهاء الكثير من تعاملاتها النظامية، وكأن الأنثى تحتاج إلى من يبرزها إلى الساحة، أو يكمل النقص فيها، مما حدا بالكثير من السيدات بخلع فكرة العمل الحر من أحلامهن، والاكتفاء بالتقوقع لانتظار وظيفة كمصدر دخل وحيد، أو ثانوي لها. لكن، لو تتبعنا بدقة، وبدون تحيز لجنس ما، لوجدنا أمثلة كثيرة في ساحة العمل الحر استطاعت إثبات نفسها، رغم كل الصعوبات التي تواجهها. وفي هذا الصدد، دعوني أسرد لكم تجربتي المتواضعة في عالم التجارة، حيث بدأت العمل في عالم التجارة مع أختي، بدأنا هذا الطريق ونحن نجهل تماما مقومات التاجر الناجح، وكيفية تعامل التاجر مع المورد والعميل، لكن كان حب استطلاع وفضول وإثبات للذات بأننا قادرون على ذلك، خصوصا بعدما فقدنا الأمل في ايجاد وظيفة مناسبة بعد التخرج، ووجدنا أنفسنا في طوابير طويلة من السيدات المحبطات، فقد كان السعي وراء الوظيفة حينها حلما يراودنا، ولكي تحقق هذا الحلم، يجب عليك تحقيق الشرط الأول والأهم (الخبرة). الخبرة لحديثي التخرج؟!!! من هنا، قررنا سلك طريق آخر، نستطيع من خلاله تحديد شروطنا التي تناسبنا، وتناسب أوضاعنا الاجتماعية. وهو طريق التجارة كما أسلفت. بدأنا بمشروع صغير لمستلزمات المرأة، وبرأسمال بسيط على نطاق الأهل والأصدقاء، وكنا حينها نجلب البضائع من السوق المحلية، رغم المكاسب البسيطة التي كنا نحققها، إلا أن فرحة الإنجاز كانت أكبر، وكان الربح الأهم هو إثبات الذات. توسع نطاق عملنا وصولاً لمراكز التجميل الكبرى في مدينتنا، واصبح من اللازم استيراد البضائع من الخارج، بهدف التنويع وتقليل التكلفة، وبالتالي زيادة هامش الربح، وبالفعل تحررنا من السوق المحلي وتوسعت دائرة تجارتنا، اتجهنا للخارج وجلبنا البضائع وحرصنا أن يكون اختيارها بعناية فائقة، تناسب رغبات عملائنا من حيث الجودة والسعر. والآن بعدما أصبح لنا اسم في عالم التجارة، على النطاق المحلي، أصبحنا نطمح حالياً لفتح محل تجاري رغم أن مستوى دخلنا حالياً جيد جداً، ونأمل أن نتغلب على عقبات البيروقراطية كما تغلبنا عليها بمراحلنا في بداياتنا. ومن هنا، فأنا ومن واقع تجربتي، أنصح اخواتي الفتيات بألا يكنّ أسيرات انتظار قطار الوظيفة، فكما قال وزير العمل السابق غازي القصيبي «رحمه الله»: السماء لن تمطر وظائف حكومية». إذا فما العمل؟!! إن مثل هذا السؤال لا يفترض طرحه في بلد يتمتع اقتصاده بقوة كبيرة، وبه فرص متنوعة، وان كانت العقبة الأولى هي رأس المال، فالدولة وفرت مصادر تمويل متنوعة، مثل: بنك التسليف، وصندوق المئوية، وباب رزق جميل المدعوم حكومياً، نعم ستواجهين عقبات البيروقراطية ولكنها ضريبة إثبات الذات، فاثبتي للجميع بأن الانثى قادرة.