من المؤكد أن الأسواق المالية قد أدت أداء جيداً في النصف الأول من العام، على الرغم من الحصة غير المتوقعة لخيبات الأمل الاقتصادية وأخطاء السياسة والدراما الجيوسياسية. وهي ستكون بحاجة لأخبار أفضل في الأشهر الستة المقبلة للحفاظ على هذا الأداء، وإذا نجحت فإن من غير المرجح أنها سوف تكرر نفس تلك المكاسب على نطاق واسع. في بداية هذا العام، توقع عدد قليل من الخبراء أن الاقتصاد الأمريكي سينكمش بنسبة مذهلة مقدارها 2.9% في الربع الأول، وأن روسيا ستضم شبه جزيرة القرم، وأن العراق سيقع ضحية لتمرد طائفي- وكلها عملت على تضخيم التحديات التي تواجه الاقتصادات الضعيفة أصلاً. وكان الأمر الأكثر قابلية للتنبؤ هو سلسلة من زلات السياسة مثل التقدم المخيب للآمال في «السهم الثالث» للإصلاحات اليابانية وموقف الاقتصاد الكلي غير المتوازن باستمرار في أماكن أخرى تعتمد بشكل مفرط لفترة طويلة جداً على الأدوات النقدية وحدها. ولكن ستجد أن من الصعب الإشارة إلى العديد من الأسواق التي عانت من عواقب ذات مغزى. بدلاً من تصفيتها، تقدمت الأسهم العالمية، وكذلك سندات الشركات والسلع والأوراق المالية للأسواق الناشئة. تاريخياً، هذه المكاسب على نطاق واسع تشير إلى أن الاقتصاد العالمي آخذ في التحسن. لكن الأمر مختلف هذه المرة. بدلاً من ذلك، أمضى الكثير من المحللين النصف الأول ليس فقط وهم يقومون بتخفيض تقديراتهم حول النمو لعام 2014 ولكن حتى لتقليص تقييمهم للنمو على المدى الطويل لعدد من البلدان- بما في ذلك الولاياتالمتحدة. تم العثور على إجابة لهذا اللغز في فئة أصول أخرى أدت أداء جيداً في النصف الأول- السندات الحكومية، بما فيها تلك الصادرة من قبل ألمانياوالولاياتالمتحدة، والأصول الخالية من المخاطر القياسية. حقيقة أن السندات الحكومية ارتفعت في النصف الأول من العام هي علامة على استمرار تأثير تلك السياسة والنفوذ الذي تتمتع به البنوك المركزية في الأسواق المالية. البنك المركزي الأوروبي، المدفوع بسبب مخاوف طويلة الأمد حول تباطؤ النمو ومخاوف جديدة بشأن انكماش الأسعار، انضم إلى الآخرين في الالتزام بسياسة نقدية أكثر تحفيزاً على مدى فترة أطول من الزمن. بالإضافة إلى تخفيف ظروف الائتمان والنقدية، وهذا يضع حداً لفكرة أن خروج مجلس الاحتياطي الفدرالي تدريجياً من التيسير الكمي (برنامج كبير للتوسع في الميزانية العمومية) أشار إلى الحد الفوري من دعم البنوك المركزية للأسواق. بدلاً من ذلك، أشارت البنوك المركزية بشكل فعال إلى استعدادها لإطالة السعي لعدة سنوات لدعم أسعار الأصول وقمع تقلبات السوق، وبالتالي تضخيم آثار النمو الهيكلي الدنيا والقوى التضخمية الأضعف. بالتالي لا عجب في أن يحافظ القطاع الخاص أيضاً على الحفلة مستمرة من خلال تخفيف الائتمان– كما يتضح من انخفاض مستويات الإقراض وتآكل عهود السندات، وارتفاع أنشطة عمليات الاندماج والاستحواذ، والشهية المتزايدة على السندات والرفع المالي. مع استمرار البنوك المركزية في أن تكون جزءاً كبيراً من تفسير الوتد الفاصل بين أسعار الأصول والأسس التي تقوم عليها، فإن كثيراً من المستثمرين يشعرون بأنهم في وضع مربح للجانبين: فإما أن السياسات غير التقليدية من البنوك المركزية سوف يثبت نجاحها في تحقيق الانطلاق الاقتصادي أو ستضطر هذه المؤسسات إلى التسجيل للحصول حتى على المزيد من الدعم من الأسواق. وفي الوقت الذي يستمر فيه المستثمرون بالتنعم وسط هذا المشهد المريح في السياسة النقدية، يجدر ألا يكونوا من الحمق بحيث يستهينون بسرعة في التحذيرات الفجة من بنك التسويات الدولية، المعروف بصورة واسعة بأنه البنك المركزي للبنوك المركزية. وصف بنك التسويات البيئة الحالية على أنها بيئة ينبغي معها توخي الحر، مثل جميع «الطفرات المالية التي تنشر غبار الجنيات من الثروات الوهمية التخيلية».