تعكس التقديرات الاولية لميزانية الخير القوة التي اتسم بها الاقتصاد السعودي خلال عام 2011 مع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 6.8 بالمائة نتيجة للزيادة الجوهرية في الإنفاق الحكومي وارتفاع الإنتاج من النفط الخام. وقالت دراسة لبنك الاستثمار بلتون المالية القابضة إن الإنفاق الحكومي سيتبع الاتجاه التوسُّعي في موازنة 2012م ، على الرغم من التوقعات بتراجع أسعار النفط، وتوقعت الدراسة أن يرتفع الانفاق الحكومي بنحو 10 بالمائة خلال العام المقبل كنتيجة للنفقات الفعلية في العام السابق. وبالرغم من انخفاض هذه النسبة عن الارتفاع الفعلي في نفقات عام 2011 بنحو 23 بالمائة، سيكون ذلك ضروريًا لدعم القطاع غير الهيدروكربوني وتعزيز الثقة في الاقتصاد. وقد تم استبعاد النفقات التي كانت الأكثر ارتفاعًا خلال عام العام الحالي، وسيستمر الاهتمام الرئيسي للموازنة منصبًّا على الإنفاق الرأسمالي على التعليم والصحة والبنية التحتية. وسيكون على صانعي السياسة الأخذ في الاعتبار التحسين من كفاءة الإنفاق الرأسمالي، وفي الوقت ذاته منح الدعم الحكومي إلى مجموعات الدخل المناسبة. وتوقعت الموازنة حدوث فائض بقيمة 12 مليار ريال خلال عام 2012 وذلك لأول مرة منذ عام 2008. وبالرغم من أن الموازنة لا تقدّم أية افتراضات حول النفط، إلا أن الدراسة افترضت استخدام متوسط سعر النفط بحوالي 65 دولارًا أمريكيًا للبرميل الواحد للنفط العربي الخفيف في ظل إنتاج 9.23 مليون برميل في اليوم الواحد.. بالإضافة إلى ذلك، وقالت إن الرصيد المالي سيسجّل فائضًا بحوالي 160 مليار ريال أو 7.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2012، هبوطًا من 306 مليار ريال أو 14.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011. وارجعت ذلك في الأساس إلى انخفاض الإيرادات النفطية.. ووفقاً إلى النفقات التي جاءت أكثر ارتفاعًا عما كان محدَّدًا بالموازنة لعام 2012، افترضت الدراسة أن يصل سعر النفط لنقطة تعادل حوالي 84 دولارًا أمريكيًا للبرميل الواحد. وأدت الزيادة الجوهرية في الإنفاق الحكومي إلى دفع نقطة التعادل في أسعار النفط نحو الارتفاع والتي أصبحت مشابهة إلى مستويات أسعار النفط الحالية. وهذا يجعل الاقتصاد السعودي أكثر عُرضة للتأثر بالصدمات المعاكسة التي تصيب أسعار النفط، مما يدعو إلى تطبيق سياسات تعزز إمكانية استمرار أوضاع المالية العامة على المدى الطويل. وبالرغم من ذلك، فإن الحكومة على استعداد للتعويض عن أي قصور قد يصيب الموازنة ودعم النمو على المدى القصير، خاصة في ظل وجود احتياطيات مالية ضخمة وانخفاض الدَّين المحلي. وقد بلغ صافي الأصول الأجنبية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي 551 مليار دولار أمريكي في نهاية شهر أكتوبر، وهو ما يعادل 95 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2011. أما الدَّين العام المحلي، فقد بلغ حوالي 6.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011 مقارنة بوصوله إلى مستوى الذروة بنسبة 103.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1999. وجاءت توقعات الدراسة للعام 2012 منخفضة نتيجة لضعف الطلب العالمي، مع تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.1 بالمائة بسبب قلة مساهمة القطاع الهيدروكربوني. أما القطاع غير الهيدروكربوني فسيواصل دفع النمو بوجه عام، برغم انخفاض هذه النسبة من 7.8 بالمائة في عام 2011 إلى حوالي 5 بالمائة في عام 2012. وسيؤدي انخفاض أسعار النفط في العام المقبل إلى ثبوت نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي عند 4.1 بالمائة، وسيحدث هبوط في فائض الميزان الجاري على نحو بسيط إلى 22 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وتوقعت الدراسة زيادة التضخُّم إلى متوسط 5.8 بالمائة في عام 2012 من 5 بالمائة في عام 2011. وستظل الضغوط التضخُّمية الناجمة عن زيادة الإنفاق الحكومي قابلة للتحكُّم بها على المدى القريب، خاصة في ظل الجهود المتواصلة لإصدار سندات امتصاص السيولة المالية. وبالتالي، ستبقى السياسات المالية دون تغيير، مع عدم الضغط على الريال السعودي المرتبط بالدولار الأمريكي.