أظهر استطلاع أجرته رويترز أنه من المرجح أن يتباطأ النمو الاقتصادي في معظم دول الخليج في العام المقبل لكن الحكومات ستظل قادرة على الإنفاق لمواجهة تداعيات أي تباطؤ عالمي. ووفقا لمتوسط التوقعات في استطلاع عالمي شمل 18 محللا فمن المتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي للسعودية أكبر اقتصاد عربي وأكبر مصدر للنفط في العالم بنسبة أربعة في المئة في 2012 انخفاضا من 6.7 بالمئة المتوقعة للعام الحالي. وخفض المحللون توقعاتهم للنمو في كل دول مجلس التعاون الخليجي الستة في العام المقبل مقارنة بالاستطلاع السابق الذي أجرته رويترز في سبتمبر. وخفض المحللون توقعهم لنمو الاقتصاد السعودي في 2012 من 4.5 بالمئة. وأدت أزمة الديون في منطقة اليورو وعلامات تباطؤ النمو في الصين إلى تدهور توقعات النمو في الخليج إذ أنها صعبت حصول الشركات على التمويل من خلال القروض المصرفية أو من خلال إصدار السندات وسببت ضغوطا نزولية على أسعار العقارات والأسهم في العديد من الدول. لكن دول الخليج خلافا لدول أخرى كثيرة مازالت تمتلك احتياطيات مالية وفيرة يمكن أن تستخدمها لتحفيز اقتصاداتها. وقد عززت الإنفاق الحكومي في أوائل هذا العام لحماية الاستقرار الاجتماعي ومن المتوقع الآن أن تواصل الإنفاق المرتفع لكي تحافظ على النمو. وقال سيد هيرش الاقتصادي المختص بالشرق الأوسط لدى شركة كابيتال ايكونوميكس للاستشارات في لندن "الإنفاق الحكومي المرتفع سيعزل هذه الاقتصادات عن الآثار السلبية للتباطؤ العالمي بسبب الطلب على النفط وأسعاره." وفي الإمارات العربية المتحدة ثاني أكبر اقتصاد عربي من المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.1 بالمئة في العام المقبل من 3.9 بالمئة في 2011 وفقا للاستطلاع الأحدث الذي أجرته رويترز خلال الأسبوعين الماضيين. وقبل ثلاثة أشهر توقع محللون تحقيق نمو بنسبة 3.8 بالمئة في العام المقبل. وتوقع المحللون تسجيل أبطأ معدل نمو في البحرين وهي الدولة الوحيدة من دول مجلس التعاون الخليجي، لكن اقتصادها يتعافي تدريجيا منذ الربع الثاني من 2011 ومن المتوقع أن يتسارع نموه إلى ثلاثة بالمئة في العام المقبل. وتضررت اقتصادات الخليج بشدة من هبوط سعر النفط العالمي 75 بالمئة في 2008 ومازالت معرضة لتكرار هذا الضرر إذا سقطت الدول الغربية في ركود جديد. لكن المحللين الذين يشيرون إلى أن النفط أبلى بلاء حسنا هذا العام بالرغم من أزمة منطقة اليورو المتفاقمة يستبعدون حدوث هبوط مماثل في الأسعار. وتنبأت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني هذا الأسبوع بأن متوسط سعر النفط سيبلغ 100 دولار للبرميل في 2012 بانخفاض محدود عن 110 دولارات في 2011. وجرى تداول خام برنت مقابل 107 دولارات للبرميل. وقالت فيتش "مازال المعروض شحيحا في سوق النفط .. وتزايد المخاطر السياسية بشأن سوريا وإيران هو عامل آخر يبقي الأسعار مرتفعة . وحتى إذا حدث انخفاض محدود في سعر النفط هذا العام فإن معظم دول الخليج ستحقق فوائض مريحة في الميزانية. وأظهر الاستطلاع أنه من المتوقع أن يتراجع الفائض في ميزانية السعودية إلى 4.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل من 12.3 بالمئة في 2011 . وأظهر الاستطلاع أن ارتفاع الإنفاق الحكومي يرفع سعر النفط اللازم لتحقيق التعادل بين الإيرادات والنفقات لدى بعض الدول الخليجية إذ من المتوقع أن يرتفع هذا السعر في ميزانية السعودية إلى 84.50 دولارا لبرميل خام برنت في العام المقبل من 73 دولارا في العام الحالي. لكن نزول سعر النفط عن هذا الحد المطلوب لن يسبب كارثة لأن دول الخليج تمتلك احتياطيات وفيرة لتمويل ميزانياتها إذ تقدر الاحتياطيات المالية السعودية بنحو 280 مليار دولار وهو مبلغ يفوق الإنفاق الحكومي لمدة عام. وقد تصدر الحكومات أيضا سندات لبنوكها الغنية بالسيولة. ويعتقد أن الضغوط التضخمية عند أعلى مستوياتها في السعودية بسبب برامج الإسكان والرعاية الاجتماعية الضخمة التي أطلقتها المملكة هذا العام. ومن المتوقع أن يبلغ التضخم في السعودية خمسة بالمئة في العام المقبل دون تغير عن التوقع الوارد في الاستطلاع السابق.