ذهبت وفود الجامعة العربية إلى دمشق أم لا تذهب.. فمناجل الموت تحصد المواطنين السوريين. هذه هي النتيجة النهائية لأية جهود عربية لوقت حملة القتل المنظمة والممنهجة، التي يمارسها النظام الحاكم هناك، مستغلًا الثغرات العديدة التي تدهم الواقع العربي والدولي المتأرجح بكل سخرية، على جثث الأبرياء. يبدو أن نظام دمشق يلعب على الوقت، ويراهن على يأس الجماهير التي تدفع كل يوم من ابنائها دمًا ولحمًا إلى المقابر دون نتيجة ملموسة على الأرض، ولكن الضعف العربي الواضح، بدا مناسبًا جداً للقابضين على الزناد في شوارع دمشق وحلب وحمص وغيرها من المدن الفائرة. العالم انشغل لبرهة عما يحدث، وترك الباب مفتوحًا لعصابات الشبّيحة أن تمارس إرهابها المنظم، والجامعة العربية اكتفت بوفد لتقصّي الحقائق، وكأنها تساوي بين الضحية والجلاد، وبين جولات الوفود، وذهابها ورواحها يضيع الوقت، ويضيع دم الناس، للأسف بمشاركة عربية.. وهذا ما يريده نظام الرئيس الأسد بكل حفاوة، ليتقي مصير من سبقوه. التصريح الأخير لرئيس بعثة مراقبي الجامعة العربية الفريق أول محمد الدابي حول "اطمئنان الوضع في سوريا" يُعتبر مهزلة كبرى، إذ كيف يكون الوضع مطمئنًا، والناس يقتلون بهذه الأعداد المهولة، وبالطبع جاء تصحيح الجامعة بأنه كان يقصد "التزام الحكومة السورية تجاه البعثة وليس ما يجري على الأرض". نوعًا من حفظ ماء الوجه أمام جثث وضحايا حملة القتل السورية. ولأننا لا نعرف، ما المقصود من زيارات روتينية، بكل تأكيد ستبدو منظمة، ومخططة، لإيجاد حالة من عمى الألوان، تجاه ما يحدث، لذا يبدو المطلوب تحرّكًا عربيًا جادًّا، وإلا فإن اللجوء لخيار التدويل سيكون إنقاذًا لأرواح عربية يبدو أن بعض مسؤولينا لا يدركون حتى الآن قيمتها أو أهميتها. والمؤسف جدًا، أن يعتقد القائمون على الحكم في دمشق، أن ما يروّجون له، حول نظرية المؤامرة، أو أن الثائرين عبارة عن أقلية، أو قلة مندسَّة، صحيح، وأن هناك من يصدّق حملة الكذب العاتية، التي يحاول من خلالها النظام هناك، أن يُطيل في عمر الأزمة، مستهينًا بأرواح شعبه، من أجل كرسي لعين. سوريا تحاول اللعب على أوراق التناقضات الدولية، والنظام هناك، لم يستوعب بعد حركة مجرى التاريخ، وأنه لا يمكن السباحة ضد التيار الشعبي بهذه القسوة والهمجية، وما يحدث من تهريج سياسي على حساب الأرواح والدماء، سيكون نقطة سوداء سواء في تاريخ النظام، أو في التاريخ العربي، الذي سيُقال عنه يومًا، إنه وقف متفرّجًا على أرواح تزهق بهذه البشاعة، ويمرّر فقط بعثة تروح وتجيء، أو لجنة تشكّل، تكون مهمتها أن تتغاضى عن حفلات الموت المنصوبة علنا في شوارع دمشق، فيما نكتفي نحن بالتصفيق المخزي.