كيف يمكن تعريف الخطأ الأخلاقي، ما هي الأخلاق؟ كيف يمكن تعريف أو فهم التعدّي، فعلا وسلوكاً؟ ما هي القوانين والإجراءات التي تمثل «حماية» ضد الخطأ حين يرتكب باسم مؤسسة أو بفعل فرد يمثلها؟ ما هي الجهات التي يقع عليها واجب حماية المؤسسات والأفراد من التعديات؟ حادثتان خلال الأيام الماضية تضعان العديد من علامات الاستفهام. الأولى قيام طالبة في إحدى الجامعات بتصوير طالبات ونشرها في موقع اليوتيوب ومواقع أخرى، بغض النظر عن الموقف الاجتماعي الذي تعامل معه متصفحو هذه المواقع والذي تمثّل في أغلبه بالرفض لهذا التصرف ومطالبة حذفها إلا أن المتابعات والأخبار التي نشرتها بعض مواقع الصحف الإلكترونية تقول إن أحد فروع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باشر التحقيق بالحادثة! ما النص القانوني الذي يخول جهة مثل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمباشرة الحادثة والتحقيق فيها؟ عام 1428 أقر مجلس الوزراء نظام مكافحة جرائم المعلوماتية وجاء في نص الفقرة الرابعة عشرة والخامسة عشرة «تتولى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وفقا لاختصاصها تقديم الدعم والمساندة الفنية للجهات الأمنية خلال مراحل ضبط هذه الجرائم» بمعنى أن المسئولية المباشرة هي مسئولية الجهات الأمنية الرسمية، و»تتولى هيئة التحقيق والادعاء العام التحقيق في الجرائم الواردة بالنظام» والذي يأتي من ضمن أهدافه «حماية المصلحة العامة والأخلاق والآداب العامة» حسب المادة الثانية، كما تنص المادة الثالثة على نوع العقوبة والتي تطال التنصت أو التهديد والتشهير أو المساس بالحياة الخاصة أو التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم. الحادثة الأخرى هي قضية الطبيبة نورة المسلم التي اعتدى عليها «موظف» في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي تمارس عملها داخل مؤسستها الرسمية التابعة لوزارة الصحة. مبدئياً تعتبر وزارة الصحة وكل منشآتها مسئولة مسئولية كاملة عن موظفيها فنيا وإداريا وسلوكياً، وهذا القانون الإداري يتم الاعتداء عليه وتجاوزه من جهة واحدة فقط أو من أشخاص يمثلونها، ويحدث ذلك في حوادث متكررة بسبب عدم وجود انضباط إداري تتحمل مسئوليته الوزارة نفسها التي أتاحت الفرصة لأي كان أن يخترق هذا النظام، ويتولى إدارة هذه المؤسسات أخلاقياً. هذه التدخلات ومخالفتها للقوانين والأنظمة في الحادثة الأولى، ومخالفتها للأنظمة الإدارية التي تحكم عمل المؤسسات في الحادثة الثانية، يفترض في المؤسسات المعنية وضع حد لها وللتجاوزات المشابهة أيا كان مصدرها ومرتكبها. أما الجانب الأخلاقي في المسألة، فمن الذي يحدد مفهوم الخطأ الأخلاقي، ولماذا وكيف؟ التصرف الذي قام به عضو هيئة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ضد طبيبة لها مرجعها وحرمها الرسمي وحرمتها الإنسانية والأخلاقية، هو تعد أخلاقي، وبالتالي فهو منكر يجب إنكاره نظير ما ترتب عليه من أذى واتهام لشخص يمارس علمه في ظل حماية إدارية مفترضة وحماية إنسانية وأخلاقية واجبة. وإلا فإن مفهوم المنكر والمعروف سيتم احتكاره «إدارياً» وتفريغه من محتواه الإنساني والديني وحصره في أضيق نطاق لمجرد ممارسة السلطة. [email protected]