لا أعلم ماذا تخبئ الأيام المقبلة، لست متفائلة، لكن ثمة تغيرات تفاجئنا، تصدمنا، تجعلنا نرحل عن الواقع ونغيب في عدة احتمالات، عندما تتأرجح الحقائق ويتسيد الظن. إن التغير بمفهومه الشامل والمعقد لا يقف عند حد التحول من حالة إلى حالة فهو أشبه ما يكون بحالة ولادة إما الحياة وإما الموت. إن ما يشهده العالم من تغيرات سياسية وفكرية و كفيل بجعلنا نقف موقفا ثابتا للدفاع عن العقل ومجابهة الظروف أيا كانت مؤلمة. هل من الضرورة أن نلجأ إلى العنف حتى نحصل على مطالبنا ؟ هل نرفع شعارات ونعلن المظاهرات والاحتجاجات حتى يسمعنا العالم ؟ هل تمنح الحريات أم تنتزع ؟ أم أن الحرية مجرد اسم تناقلته الأجيال من غير وعي ولا إدراك كحال مصطلحات كثيرة مؤجرة على هوامش الذاكرة ؟ إن للشعوب صوتا لا يصم أبدا وإن كثرت محاولات التكميم والتكتيف. إن ثقافة التغير لا تعني الوقوف في الصف الأخير، ولا الصراخ من نافذة مسيجة من الطابق العاشر تطل على (خرابة)، ولا أمنيات كتبت بحبر بارد وزجت في قارورة تسبح في البحر ، تعبث بها الأمواج كيفما اتفق، بل هي موقف صادق، وقرار متزن، وإرادة على أن يكون التغير تحولا ايجابيا نحو الأفضل. إن ثقافة التغير لا تعني الوقوف في الصف الأخير، ولا الصراخ من نافذة مسيجة من الطابق العاشر تطل على (خرابة).. إن العبث والغضب والانجراف مع التيارات المتضاربة كالتجديف في الرمال، كما أنها فخاخ للفوضى والانفكاك فلابد من رسم خريطة واضحة المعالم للتغير المثمر، كي نخرج بنتائج مجدية تساعدنا على حل المشكلات وتجاوزها وليس دفنها حية، كفانا وأدا للمشكلات وتخديرا للأفكار. نحن بحاجة إلى لملمة أشلائنا العربية المتناثرة، لسنا بحاجة إلى الصراخ بقدر حاجتنا إلى النظام الحقيقي وليس النظام التعسفي، التعطيلى، المستنزف للطاقات من غير طائل. همسة.. «أنا لست إلا شاعرا أبصرت نار العار ناشبة بأرضية الغفاة فصرخت هبوا للنجاة فإذا أفاقوا للحياة ستحتفي بهم الحياة وإذا تلاشت صرختي ... وسط الحرائق كالدخان، فلأن صرخة شاعر لا تبعث الروح الطليقة في الرفاة « (أحمد مطر). [email protected]