يقال في المثل المصري «من فات قديمه تاه» ويقولون في الخليج «اللي ماله أول ماله تالي» و«قديمك نديمك لو الجديد أغناك».. عبارات شعبية متداولة ومشهورة التصقت في وجه كل تغير رغم كل التحولات التي قفزت خطوات متباعدة في محاولة البحث عن الأفضل أو الحصول على مكان في ذاكرة ازدحمت بالأحداث، فما زلنا نجعل من هذه العبارات قاعدة نعلق عليها عجزنا واعتمادنا على ما فات عندما يصبح الابتكار مستحيلا. أشعر بمواربة باتت كالظل لتلك المعاني التي اعتقدت لفترة أنها جميلة عندما سمعتها للمرة الأولى من جدي ثم من صديقتي التي لم تعد المقربة.. هل تحمل هذه الأمثال حقيقة؟ ربما ولكن سئمتها كما سئمت الروتين والتشابه ومافيا مراكز التجميل والمشاغل النسائية في بلدي. إلى متى نمسك بالماضي ونعظمه ونجله لدرجة أننا نرهن أنفسنا عنده ونشنق حتى محاولات التصحيح له. لا أحد ينكر الأدوار البطولية لكل مجال كان في الماضي وما خلفته لنا الحياة السالفة من جهود حفظها التاريخ، فما زلنا نقول كان العرب (قديما)، لدرجة أننا لا نكاد نعيش حالة حاضرة إلا وربطناها بالماضي، فهل أفلس العرب في الحاضر وتاه منهم المستقبل؟. إن التفاتنا للخلف واقتفاءنا لآثار الأسلاف لم يعد مؤثرا، ولا أعني إنكاره أو تجاهله، ولكن لماذا لانضيف إليه بدلا من أن نبكيه ونقول «كان يا ما كان». إن التفاتنا للخلف واقتفاءنا لآثار الأسلاف لم يعد مؤثرا، ولا أعني إنكاره أو تجاهله، ولكن لماذا لا نضيف إليه بدلا من أن نبكيه ونقول «كان يا ما كان». يعكف الكثير على عمل دراسات وقراءات للتاريخ والموروث كما تبذل الأندية الثقافية والأدبية قصارى جهدها لعمل استضافات لشخصيات حملت على عاتقها رصد الأحداث الماضية لجهود شع نورها في وقت شحت فيه المخرجات، فكانت الفرصة مواتية، حتى أصبحت الدراسات أكبر من حجم المنجز، بينما نهمش مبدعين ومبتكرين ينتظرون الدعم، يحلمون بالتفاتة حانية أو حتى إشادة لا تتجاوز بضع كلمات بخل بها من أقحموا أنفسهم ضمن التصنيف المميز. همسة.. قال الشيخ علي الطنطاوي: لقد انقضى ذلك العهد الذي كان الموظف فيه مسؤولاً أمام رئيسه، وأصبحنا اليوم كلنا مسؤولون أمام الأمة والتاريخ.