التجارة التقليدية عرفت منذ قديم الزمن أنها تقوم على مجموعة من الاسس الراسخة التي لا يمكن فصلها بأي حال من الاحوال عن صفة المشتغلين بهذه المهنة الشريفة ، فهناك قواسم مشتركة بين التجارة والتاجر لا يمكن فصلها عن كل منهما وفي حال تخلف التاجر عن احدى هذه الصفات فانه يسقط من قائمة الممتهنين لمهنة التجارة. قديما كان شهبندر التجار وظيفته الأولى هي الحفاظ على شرف هذه المهنة وعدم السماح لأي تاجر بالاخلال بقواعد الشرف الحاكمة لممارسة المهنة ومن هنا صار الناس يحترمون كلام التاجر ويعتبرونه صادقا وحاملا للأمانة، ولكن للأسف ما يجري اليوم في ساحة هذه المهنة العريقة والراقية لا يمت بصلة لكل المفاهيم والاخلاقيات السامية التي بنيت عليها مهنة التجارة، ويسيطر اليوم مفهوم مغلوط يقول ان التجارة شطارة حتى اصبح التاجر في الغالب الاعم - الا ما هداه الله - مثال للشخص النهم الذي لا يشبع والذي يسعى جاهدا لتعظيم ارباحه على حساب المشتري او المواطن البسيط المستهلك، وبطبيعة الحال مع اتساع رقعة الاسواق بشكل هائل داخل المدن وتعدد البضائع اصبح سقف أي معرض تجاري متوسط الحجم يتعامل فيما لا يقل عن عدة آلاف من السلع المتشابهة والتي تسمى السلع البديلة فهي تؤدي نفس الغرض وتشبع نفس الحاجة ولكنها تختلف في الاسم التجاري والجودة والسعر عمليات الغش التجاري تقدر بنحو 20 مليار ريال ، هذا فضلا عن الكوارث التي قد يسببها الغش على الصحة العامة والسلامة الشخصية للمواطن وغيره من الاضرار التي تضر بالمجتمعوتأتي شطارة اخينا التاجر الفهلوي في كيفية استغلال المستهلك وبيعه «المقلدة « على انها سلعة اصلية او ايهامه بان المغشوشة تملك نفس مواصفات الاصلية او قريبة منها، وهذا الامر هو في الحقيقة يصنف شرعا على انه عملية غش وهذا البيع باطل وقانونا يصنف على انه عملية غش تجاري ويحاكم عليها القانون التجاري ولها عقوبة تطبق على التاجر تختلف من دولة لأخرى ، فمثلا حسب القانون التجاري في اليابان قد تصل العقوبة لحد سحب الرخصة التجارية من هذا التاجر، وهذا ما يذكرنا بشهبندر التجار الذي انتقل من اسواقنا الاسلامية الى الاسواق الاخرى. المهم أن عمليات الغش التجاري انتشرت للأسف كثيرا جدا في أسواقنا ، وأصبحت ظاهرة ملموسة وهي تكلف الاقتصاد الوطني مبالغ طائلة سنويا وفي قطاع المواد الكهربائية والتقنية فقط يقدر حجم تجارة السلع الكهربائية المغشوشة بحوالي 4 مليارات ريال في حين ان حجم تجارة عمليات الغش التجاري تقدر بنحو 20 مليار ريال ، هذا فضلا عن الكوارث التي قد يسببها الغش على الصحة العامة والسلامة الشخصية للمواطن وغيره من الاضرار التي تضر بالمجتمع بشكل كبير جدا فلماذا يحدث هذا كله بسبب جشع تاجر لا يقدر مسئوليته امام الله والمجتمع وايضا بسبب وجود ثغرة في النظام الرقابي استطاع هذا التاجر النفاذ منها. في المقابل هناك بحمد الله الكثير من تجارنا الكبار الذين نفتخر بهم ونقدر لهم التزامهم بمبادئ التجارة الشريفة وحرصهم على مصالح المستهلكين لذلك ندعو الى ان يعاد النظر بحزم في الدور الرقابي الذي يمارس على البضائع المتداولة بالسوق بكافة انواعها حفاظا على سلامة المواطن الشخصية والحفاظ على امواله. * مستشار اقتصادي