التهريب وإهدار الثروات مع التقدم العلمي والتقني صار التهريب والغش التجاري في هذه الأيام أسهل وأكثر ربحية من غيره، وأصبح التلاعب بالسلع وتقليد البضائع بصورة مخالفة لأصولها من أخطر أنواع الغش التجاري، مما ترتب عليه أضرار وكوارث في الأرواح والممتلكات بسبب ضعف ورداءة تلك المنتجات، فقد وجد ذوو النفوس الضعيفة من بعض التجار في البضائع المقلدة والمغشوشة فرصا للتهريب وتحقيق الأرباح الهائلة على حساب إهدار ثروات الوطن دون حسيب أو رقيب. وعلى الرغم من حرص هيئة المواصفات والمقاييس على تطبيق المواصفات القياسية على جميع السلع الواردة إلى أسواق المملكة، إلا أن السوق لا تزال تستقبل الكثير من البضائع المقلدة والمغشوشة على مدار العام، وأصبحت المملكة محطة كبيرة للسلع المقلدة، وفي إحصائية حديثة أفادت أن عمليات الغش التجاري تكلف الاقتصاد السعودي أكثر من 4 مليارات دولار سنويا، وتشير التقارير إلى أن حجم التبادل التجاري بين المملكة والصين فقط يزيد عن42 مليار دولار وقد يصل إلى 60 مليار دولار عام 2015م. إن عدم الشفافية وغياب المعلومات كانا سببا في عدم تحديد حجم البضائع المقلدة في أسواق المملكة، الأمر الذي يستدعي تشديد الرقابة عليها، وفي بادرة جيدة من مصلحة الجمارك لمعالجة مشكلة الغش التجاري، شهدت الرياض العديد من الندوات والمؤتمرات كان آخرها الشهر الماضي حيث انطلق مؤتمر حماية المستهلك عن الغش التجاري تحت شعار (عشرة على عشرة) أي عشر إجراءات لمنع الغش والتقليد إلا أن الجمارك لم تفصح عن تلك الإجراءات أثناء المنتدى ولم نر أي تفعيل لها حتى الآن. إن المجتمع بأمس الحاجة لتفعيل تلك التوصيات ووضع آلية لذلك، وسن القوانين والأنظمة وليس عقد الندوات والمؤتمرات فقط، وفي المقابل لم نلاحظ أي دور لجمعية حماية المستهلك لأنها منشغلة بخلافاتها الإدارية فكيف لها حماية المستهلك وترشيده وهي لم تستطع تنظيم وضعها الداخلي ، ومن الممكن محاربة البضائع المغشوشة والمقلدة إذا تضافرت الجهود بين الجهات المعنية باتخاذ الأنظمة الصارمة ومعاقبة التجار والمتورطين وسحب تراخيصهم وتطبيق غرامات صارمة على من يبيع أي سلعة مغشوشة، وتحميل مصلحة الجمارك مسؤولية السماح بدخول هذه السلع، والتأكيد على هيئة المواصفات والمقاييس بعدم الترخيص للبضائع المغشوشة ومحاربة جميع أنواع الفساد والمفسدين، كل ذلك من اجل الحد من دخول السلع المقلدة والمغشوشة إلى أسواق المملكة، والتي تشكل خطرا على صحة المواطن والمجتمع حيث إن معظمها يدخل عن طريق التهريب وتحرم خزينة الدولة من إيراداته. ومن هنا يأتي دور الجهات الرقابية من مصلحة الجمارك ووكالة حماية المستهلك في وزارة التجارة، والأمانات وهيئة المواصفات والمقاييس ووزارة الصحة وجمعية حماية المستهلك وغيرها من الجهات المعنية فلو تفاعلت وتعاونت مع بعضها البعض، وعدم الاتكال على الآخر في مكافحة الغش التجاري لتحققت المكافحة، كما أننا نناشد جميع الصحف المحلية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة الوقوف بقوة ضد هذه الظاهرة والاتجاه لتوعية المواطن وترشيده عن الغش التجاري وتقليد السلع حماية للمواطن وثروات الوطن. * مستشار مالي عضو جمعية الاقتصاد السعودية