تدخل سوق الأسهم السعودية هذه الأيام مرحلة هامة ومفصلية مع اقتراب نهاية السنة المالية للشركات المساهمة العامة والمدرجة أسهمها في السوق المالية، وبخاصة الشركات التي تعتمد السنة الميلادية كأساس لسنتها المالية، حيث تتجه أنظار كثير من المتعاملين من مختلف الشرائح والأطياف إلى إعلانات وإفصاحات تلك الشركات عن نتائجها المالية الفصلية والسنوية وعن مدى اشتمال تلك الإعلانات على قرارات تتعلق بتوزيعات الأرباح، سواء في صورة توزيعات نقدية أو في صورة أسهم، وهو ما يعرف بأسهم المنحة، لذا فإنه يكثر الحديث هذه الأيام حول مدى ملاءمة تلك القرارات لوضع السوق والمساهمة في استقراره وزيادة جاذبيته، وأيهما يا ترى يجد قبولا أكثر من قبل المتداولين؟!! إلا أن التساؤل المطروح والأكثر منطقية في هذا السياق هو : يا ترى من الذي بيده اتخاذ مثل هذا القرار؟!! الواقع أن مجلس إدارة الشركات المساهمة الذي من المفترض أن يكون منتخبا من قبل المساهمين وممثلا لمصالحهم، هو الذي يتخذ مثل هذا القرار من خلال اقتراح يعرضه على الجمعيات العمومية لنسب الأرباح المقترح توزيعها على حاملي أسهم الشركة، واقتراحاته غالبا، بل دائما تكون مقبولة لدى الجمعيات العمومية!! لأسباب عدة، أهمها : أن أعضاء المجلس عادة يمتلكون الحصة الأكبر من رأسمال الشركة. كما أن البعض الآخر يمثل الحكومة في حصتها التي غالبا تكون حصة مسيطرة!! إلا أن بعض مجالس إدارات الشركات المساهمة العامة يأخذ في الاعتبار عند تحديد نسب التوزيع قيم الأرباح المحققة أو الأرباح المرحلة من أعوام سابقة ونسب الأرباح الموزعة في السنوات السابقة، وكذلك مدى توافر النقد اللازم للتوزيع، ومدى حاجة الشركات للاحتفاظ بنسبة من هذه الأرباح من أجل تمويل مشاريعها وتوسعاتها المستقبلية، إلا أن مجالس إدارات تواجه في الغالب إشكالية تتعلق بماهية نسب توزيعات الأرباح المقبولة والمرضية لعموم المساهمين سواء الكبار منهم أو الصغار!! لكي تتواءم مع معدلات التضخم المتسارعة!! إذ أن التساؤل هنا: ما نسب التوزيعات المطلوبة التي يجب اقتراحها من قبل مجلس إدارة الشركة حتى لا يشعر المساهم بأن العائد النقدي الموزع قليل قياسا في الواقع بمعدلات التضخم السائدة؟!! أي أن العائد النقدي الموزع يمثل عائدا اسميا، والحقيقي هو بعد ستبعاد معدل التضخم، حيث يرى كثير من النقاد أن محاولة البحث في مثل هذه القرارات يعد في الواقع من المواضيع الهامة والمتجددة التي تثار بين فترة وأخرى من قبل المتعاملين، نظرا لما لهذه القرارات من انعكاسات محتملة على أداء أسهم الشركات المساهمة!! وسوف نحاول في مقال الأسبوع المقبل الإجابة عن التساؤل الذي قد يطرح في هذا السياق وهو هل قرار توزيعات الأرباح في الشركة يعد قرارا استثماريا أم قرارا تمويليا؟ أم الاثنين معا ؟!! [email protected]