تطور الأنظمة الاقتصادية للدول حول العالم سرع من وتيرة تطوير البنى التحتية لمدنها لتواكب احتياجات التوسع التجاري والصناعي والأنماط الحديثة للحياة المدنية. وبعدما اتضح للعديد من الدول ضخامة تكلفة إعادة الإعمار، بدأت موجة عالمية لإنشاء مدن جديدة بتكلفة أقل من إعادة الاعمار لتلبي احتياجاتها الاقتصادية والاجتماعية. وفكرة إنشاء المدن الجديدة قديمة قدم الحضارة نفسها، وتاريخ العرب والمسلمين شهد إنشاء عدة مدن جديدة في عصور مختلفة: الكوفة والبصرة وبغداد في العراق، القيروان في تونس، فاس في المغرب، الفسطاط ثم القاهرة في مصر؛ وغيرها الكثير شرقا وغربا. فكرة المدن الجديدة في عصرنا الحالي الذي يتسم بمظاهر العولمة الاقتصادية تتركز كثيرا على تطوير بيئة الأعمال والاقتصاد. من دبي وسنغافورة حتى مدن الصين الجديدة، كلها مدن جديدة وعصرية أصبحت نقاط جذب اقتصادي في مناطقها نتيجة عوامل عدة، لعل أهمها هو أنظمتها وقوانينها الجديدة. ومن أكثر الخبراء الذين درسوا هذا المجال وتعمقوا في عوامل نجاحه وفشله هو بول رومير، الاقتصادي من جامعة ستانفورد الأمريكية، والذي أصبح من أكبر الاقتصاديين العالميين تأثيرا في هذا المجال من خلال دعوته لتأصيل وترسيخ مفهوم ميثاق المدن. فكرة المدن الجديدة في عصرنا الحالي الذي يتسم بمظاهر العولمة الاقتصادية تتركز كثيرا على تطوير بيئة الأعمال والاقتصاد. من دبي وسنغافورة حتى مدن الصين الجديدة، كلها مدن جديدة وعصرية أصبحت نقاط جذب اقتصادي في مناطقها نتيجة عوامل عدة.خلاصة دعوة الخبير بعد دراسات واستشارات قدمها لعدة دول حول العالم عند بنائها لمدن جديدة هي ضرورة الوصول إلى معيار عالمي للمدن الجديدة من خلال ميثاق المدن وذلك ليضمن نجاحها باستخدام معايير ونظم جديدة لم تكن بالضرورة متأصلة في الدول التي بنتها. ويرى رومير أن الحكومات التي تبني مدنا جديدة تواجه صعوبات في استقطاب المستثمرين والسكان، ولكي تنجح في ذلك عليها أن تحفز المستثمرين من خلال مجموعة محفزات إدارية واقتصادية تضمن تسهيل الأعمال وتيسيرها وتعويض المستثمر عن مخاطرته، وفي نفس الوقت وجد رومير أن الحكومات نفسها مضطرة إلى تحفيز مجموعات من سكانها للهجرة من مدنهم القديمة بمنظوماتها الاجتماعية والقانونية والاقتصادية التي عرفوها وخبروها طويلا إلى مدن جديدة، وهذا لن يتم إلا بتقديم أنظمة وأطر قانونية واجتماعية جديدة تحفزهم على الأخذ بهذه المخاطرة. هذا هو مربط الفرس في معضلة مدننا الجديدة في السعودية. سيكون من الصعب جدا استقطاب المواطنين لهذه المدن بدون حوافز مجدية تدفعهم لترك مجتمعاتهم القديمة، ولضمان استقطاب الكفاءات يجب أن تفكر الجهات المعنية مليا بطبيعة الأنظمة القانونية والاجتماعية والاقتصادية التي أثبتت عدم جدواها في المدن الحالية وأن تتخلى تماما عن فكرة محاولة تطويعها للمدن الجديدة. ما يجب أن تفعله هذه الجهات التنظيمية، كما ينصح بول رومير، هو أن تضع إطارا قانونيا واجتماعيا واقتصاديا جديدا يعزز من فرص نجاح المدن الجديدة ويحفز المواطنين على الانتقال لمكان أفضل تزدهر فيه البيئة الاجتماعية والاقتصادية في ظل قوانين جديدة تسمح للقديم أن يبقى كما هو في مدنه القديمة فيما تستقطب المواطنين للبيئة الجديدة بمحض إرادتهم. [email protected] - twitter: @alkelabi