أبدى عدد من رجال الأعمال السعوديين تفاؤلهم بزيادة الأموال التي سيتم ضخها في الأنشطة الاستثمارية المختلفة رغم تداعيات الظروف السياسية في عدد من دول المنطقة وأن الاقتصاد السعودى الذي تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية قادر على تلك الحقبة الحالية، مشيرين إلى أن العام الجاري سيكون مختلفا عن الأعوام السابقة في الاستثمارات والمجالات التجارية في المملكة، وأن المجال الصناعي ثم العقاري سيكونان في المركز الأول، متوقعين أن يتم افتتاح أكثر من 200 مصنع في مختلف المجالات خلال النصف الأول من العام الجاري خصوصا في ظل التسهيلات المقدمة من الحكومة وهيئة المدن الصناعية وتوفير المدن الصناعية أحدث التجهيزات وعلى مساحات كبيرة في العاصمة الرياض وباقي مدن ومحافظات المملكة. وأكد المستثمرون أن الصناعات في المملكة تطورت ولم تعد تقليدية، وأصبحت تنافس المصانع العالمية خصوصا في مجال الأسمنت والحديد ومشتقات البترول والمواد الأولية والبيرتوكمياويات وغيرها من الصناعات الأخرى، أما فيما يتعلق بالعقار فأشار بعضهم إلى أن تأخر صدور نظام الرهن العقاري ساهم في تضخم أسعار الأراضي بجانب جمود حركة العقار وتوجه رجال الأعمال لبناء المجمعات السكنية ومراكز التسوق بعيدا عن الأبراج. ويقول الدكتور حاتم بن طالب إن عام 2011 سيكون أفضل من العامين الماضيين خصوصا وأن السيولة المتوفرة لدى رجال الأعمال اتجهت إلى الاستثمار الصناعي الذي كان الإقبال عليه بطيئا، أما الآن فأصبح التوجه صناعيا وعقاريا «وهنا تلعب المدن الصناعية الجديدة التي وفرت كل الخدمات والتسهيلات دورا مهما في تسهيل إجراءات المصانع، وأعتقد أن الفترة المقبلة ستكون هناك الكثير من المصانع في شتى المواد الأولية والصناعات الغذائية». أما فيما يتعلق بالعقار فقال ابن طالب «بعد انهيار الأسهم عاد الانتعاش للسوق العقارية، وستشهد السوق العقارية خلال الفترة المقبلة قفزة كبيرة من القرى والمدن الصغيرة إلى المدن الرئيسية خصوصا العاصمة الرياضوجدة والدمام ومكة والمدينة المنورة التي تعتبر أهم المناطق في استقطاب النشاط العقاري في المملكة. وأوضح حاتم بن طالب أن سوق العقار في المملكة تعتبر ثاني أكبر سوق في المنطقة من ناحية القيمة السوقية لارتباطها بجميع النشاطات الاقتصادية «ولا شك في أنه مع ازدياد النمو السكاني في المملكة وما يتطلبه ذلك من حاجات مختلفة تجارية أو سكنية تزداد أهمية هذا النشاط، ولا أعتقد أن سوق العقار شهدت انتكاسة أو ركودا متواصلا خصوصا في فترة انتعاش سوق الأسهم فسوق العقار معروفة عالميا بأنها من الأسواق الكلاسيكية». من جانب آخر أكد رجل الأعمال المدير العام لمجموعة المطوع التجارية سليمان المطوع نمو الاقتصاد الوطني رغم تأثيرات الأزمة المالية العالمية، وأشار إلى أن توجه رجال الأعمال في ظل هذه الموازنة الحالية نحو بناء قواعد صناعية عالمية تزود دول الجوار وبلدان منطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام الثلاثة المقبلة «إذ إن افتتاح المصانع يوفر الوظائف للجيل الجديد» وأوضح أن توفر المواد الخام والأولية بشكل جيد يحفز على تطور الصناعات في المملكة. أما المدير العام لمجموعة أسبر الدولية محمد سعد العريشي فأشار إلى أن ما تحقق من نجاحات في ميزانية هذا العام يؤكد للجميع أن المملكة تعيش في استقرار، وأشار إلى أن ضخامة الميزانية لهذا العام التي تفوقت على ميزانية العام الماضي ب 40 مليار ريال دليل على متانة وقوة الاقتصاد السعودي وسيره في خطى ثابتة ومدروسة جيدا وأنه يختلف عن اقتصادات دول الجوار وغيرها من الاقتصادات الأخرى في الشرق الأوسط. وذكر أن جميع القطاعات الاقتصادية في المملكة سيكون لها نصيب وافر من الاستثمارات وفي مقدمتها القطاع الصناعي والعقاري ثم البترول، إضافة إلى قطاعي التعليم والصحة اللذين يستحوذان على نصيب الأسد من الميزانية بنسبة بلغت 38 % وفي تزايد كل عام. وأشار إلى أن عام 2011 سيكون مختلفا ومرحلة انطلاق جديدة للاستثمارات ورجال الأعمال وفتح آفاق أوسع للشركات الأجنبية لدخول السوق السعودية وانطلاق سيدات الأعمال، وقال إن المدن الصناعية جعلت عددا كبيرا من رجال الأعمال يضخون مبالغ كبيرة في السوق السعودية «وأتوقع أن تدخل أكثر من 30 صناعة جديدة في المملكة خصوصا أن المواد والبترول والتسهيلات متوافرة». وحول مزايا الاستثمار في المملكة قال رجل الأعمال ومدير إحدى المجموعات الاستثمارية العائلية إبراهيم بن سعد آل قهار: إن المملكة تحتل المرتبة ال 23 ضمن الاقتصاديات ال 25 الأكبر في العالم، والمرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما تحتل المركز 11 ضمن 181 دولة في التصنيف العالمي من حيث سهولة أداء الأعمال وفقا لتقرير «ممارسة أداء الأعمال» لعام 2010 الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، بالإضافة إلى أنها أكبر سوق اقتصادية حرة في منطقة الشرق الأوسط، إذ تحوز على 25 % من إجمالي الناتج القومي العربي وتمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم «25 %» وتوفر الطاقة للمشاريع الاستثمارية بأقل الأسعار على مستوى جميع دول العالم؛ ما يجعل المملكة الوجهة المثالية للمشاريع التي تعتمد على استهلاك الطاقة. وذكر أن المملكة تتسم بأنها من أسرع الدول في النمو الاقتصادي على مستوى العالم، حيث إنه من المتوقع أن يزيد نصيب الفرد من الدخل القومي إلى 33500 دولار أمريكي بحلول عام 2020 بعد أن كان 20700، كما يعتبر الريال السعودي من أكثر العملات في العالم استقرارا، حيث لم يكن هناك تغير كبير في قيمة صرفه خلال الثلاثة عقود الأخيرة، ولا توجد هناك أية قيود مفروضة على الصرف والتحويل بالعملات الأجنبية وتحويل رؤوس الأموال والأرباح للخارج، وبالنسبة إلى معدلات التضخم فهي منخفضة جدا، وتسعى المملكة لتوقيع اتفاقيات ثنائية مع عدد من الدول فيما يتعلق بتشجيع وحماية الاستثمار، ومنع الازدواج الضريبي. وعن رؤيته للحوافز الضريبية للاستثمار الأجنبي في السوق السعودية أشار الرئيس التنفيذي لمجموعات شركات القيادية محمد العجمي أن الحكومة السعودية منحت امتيازات ضريبية لعدد من المناطق الأقل نموا في المملكة بهدف جذب مزيد من الاستثمارات إليها، لمدة عشرة أعوام من بداية أي مشروع، والمناطق التي تشملها التخفيضات الضريبية هي «حائل، جازان، نجران، الباحة، الجوف، منطقة الحدود الشمالية» مشيرا إلى أن جميع هذه المناطق يتوفر فيها مدن صناعية تشرف عليها مدن، وبها العديد من الفرص الصناعية والتجارية والسكنية والخدمية. وقال إن الحوافز الضريبية تشمل خصم 50 % من تكاليف التدريب السنوي للعمالة السعودية وخصم 50 % من الأجور السنوية المدفوعة للسعوديين وخصومات إضافية تمنح إذا زاد رأس المال المستثمر عن مليون ريال سعودي، وإذا ما تم أيضا توظيف أكثر من خمسة مواطنين سعوديين لمدة تعاقد لا تقل عن عام في وظائف ذات طبيعة فنية أو إدارية، كما لا توجد ضرائب على الدخل الفردي، الضرائب على الشركات الأجنبية 20 % على الفوائد وإمكانية ترحيل الخسائر الآجلة في بيان الميزانية العمومية لأجل غير مسمى للمستثمرين، وللأجانب الحق في الاستفادة من المؤسسات التمويلية المتخصصة المحلية والدولية. وأكد وجود عدد آخر من الحوافز المالية تدعم الاستثمار الوطني والأجنبي في المملكة، منها قيام صندوق تنمية الموارد البشرية لدعم الأنشطة المتعلقة بتأهيل وتدريب العمالة السعودية وتوظيفها، ووضع أسعار تنافسية لخدمات المياه والكهرباء والأراضي للمشاريع التجارية والصناعية، وقيام صندوق التنمية الصناعية السعودي بتقديم قروض للمشاريع الصناعية تصل إلى 50 % من رأسمال المشروع. وكان محافظ الهيئة العامة للاستثمار عمرو بن عبدالله الدباغ كشف أخيرا عن إطلاق برنامج طموح تحت مسمى «60×24×7» يلزم المدن الاقتصادية بتقديم جميع الخدمات الحكومية للمستثمرين والساكنين خلال مدة لا تتجاوز 60 دقيقة، وخلال جميع أيام الأسبوع، ويهدف البرنامج، إلى جعل تلك المدن الاقتصادية في المملكة الأكثر تنافسية في العالم، معتبرا أن البرنامج ترجمة فعلية لمفهوم التنافسية على أرض الواقع، مشيرا إلى أن المملكة ستساهم في هذا البرنامج. وأشار الدباغ إلى أن الهيئة العامة للاستثمار عمدت إلى دراسة التجارب الناجحة في مجال جذب الاستثمار وتبين لها الارتباط الوثيق بين مدى تنافسية أي دولة وقدرتها على جذب الاستثمار، مؤكدا أن سنغافورة استطاعت أن تصبح قوة اقتصادية متميزة ومركز جذب استثماري رغم أنها لا تمتلك الموارد الطبيعية إلا أن ذلك حدث بسبب ارتفاع تنافسيتها واحتلالها مركز الصدارة في العديد من تقارير التنافسية الدولية لعدة أعوام متتالية. ورأى محافظ الهيئة العامة للاستثمار أن تعزيز تنافسية أي دولة بصورة شاملة يتطلب بناء منظومة متكاملة تشمل البيئة القانونية والتنظيمية والإجراءات الإدارية التي تحكم عمل القطاعين الحكومي والخاص والمبادرات الاقتصادية والاجتماعية والبنى التحتية مع ضرورة التطوير المستمر للكوادر البشرية منذ المراحل الأولى للتربية والتعليم وصولا إلى المخرجات المؤهلة لإدارة التنمية وتلبية متطلبات أسواق العمل في عصر متغير ومتطور. وأكد وجود علاقة وطيدة بين مدى تنافسية وبيئة الاستثمار في مختلف الدول وتدفق رؤوس الأموال إليها، مشيرا في هذا الصدد إلى تصدر المملكة دول الشرق الأوسط والرابعة عالميا من حيث التدفقات الفعلية للاستثمارات الأجنبية المباشرة بأكثر من 38 مليار دولار وفقا لتقرير منظمة الأونكتاد، وأشار إلى أن الاستثمارات الأجنبية والمشتركة الفعلية أسهمت خلال الخمسة أعوام الماضية في إيجاد أكثر من 335 ألف وظيفة، يشغل السعوديون منها ما نسبته 29 % أي أكثر من ضعف متوسط نسبة السعودة في شركات القطاع الخاص والبالغة 13 % .