تونس - رويترز، ا ف ب - اعلن حزب «النهضة» الاسلامي، الفائز الاول في انتخابات 23 تشرين الاول (اكتوبر) في تونس، انه يريد تشكيل الحكومة الانتقالية في غضون شهر، وان «المشاروات بدأت حتى قبل اعلان النتائج النهائية لانتخابات المجلس التأسيسي». وقال زعيم الحزب راشد الغنوشي لإذاعة «إكسبرس أف أم» التونسية، ان «النهضة ستنال نصيبها في روح من التنازل والإيثار، لكن الحزب الحاصل على الغالبية هو الذي يشكل الحكومة، هذا هو الوضع الطبيعي». وقال نور الدين البحيري عضو المكتب التنفيذي للحزب لوكالة «فرانس برس»، إن «النهضة» ترشح أمينها العام حمادي الجبالي لرئاسة الحكومة الانتقالية. وأضاف: «في إطار حوارنا مع الأطراف المعنيين، أعلمت الحركة شركاءها بنيَّتِها ترشيح الأخ حمادي الجبالي لتحمّل المسؤولية». والمهندس والصحافي السابق حمادي الجبالي (62 عاماً) هو المسؤول الثاني في الحزب والوجه المعتدل لإسلاميي «النهضة» وعُرف بعلاقاته الجيدة مع العواصمالغربية. وكان سُجن 16 عاماً في عهد زين العابدين بن علي، من بينها عشر سنوات في السجن الانفرادي. وفور إعلان النتائج، سيجتمع المجلس التأسيسي، بدعوة من الرئيس الموقت فؤاد المبزع. وسيتولى المجلس اختيار رئيسه والاتفاق على النظام الداخلي ونظام موقت لإدارة الدولة واختيار رئيس انتقالي جديد محل المبزع ثم تشكيل حكومة جديدة للمرحلة الانتقالية الثانية بعد الإطاحة بنظام بن علي. وقال الغنوشي إن مختلف الإجراءات التي تلي الانتخابات وصولاً الى تشكيل الحكومة الانتقالية «يجب ان تتم في اقصر وقت ممكن لا يزيد عن شهر». وأكد ان حزبه يؤيد قيام تحالف وطني واسع، وقال: «نحن بدأنا حتى قبل الانتخابات مشاورات مع كل القوى السياسية التي عارضت بن علي»، مشيراً الى ترحيبه بالتشاور مع الحزب الديموقراطي التقدمي بزعامة نجيب الشابي وحزب العمال الشيوعي التونسي بزعامة حمة الهمامي. وأضاف: «هذا موقف مبدئي، نحن مع الحوار من أجل تحالف وطني يفرز حكومة ديموقراطية». وعن الرئيس الانتقالي خلفاً للمبزع، قال الغنوشي: «شخص ناضل ضد الدكتاتورية» من دون ان يُحدد اسماً، وأضاف: «الامر لم يُحسم، ولا يزال قابلاً للتشاور». ويتم تداول ثلاثة اسماء للمنصب هي: مصطفى بن جعفر زعيم التكتل من اجل العمل والحريات، ومنصف المرزوقي زعيم المؤتمر من اجل الجمهورية، وأحمد المستيري المعارض التاريخي لبورقيبه وعضو المجلس التأسيسي لعام 1956. وأظهرت نتائج أولية غير نهائية تقدماً كبيراً ل «النهضة». ووفق حصيلة أعدتها «فرانس برس» بناء على نتائج جزئية غير نهائية تتناول 15 دائرة (من 27) أعلنتها الهيئة العليا المستقلة حصل «النهضة» على 44 مقعداً. وبإضافة 9 مقاعد في الخارج، يكون ضمن 53 مقعداً من 217 مقعداً في المجلس التأسيسي. ومن الدوائر التي لم تعلن حتى مساء امس، ولايات تونس الكبرى الأربع ذات الثقل الانتخابي الحاسم. وكانت قيادات إسلامية قالت الإثنين إنها تتوقع حصول «النهضة» على نسب تراوح بين 30 و40 في المئة من الأصوات. وعلاوة على توجه حزب المؤتمر من اجل الجمهورية (يسار قومي) بزعامة منصف المرزوقي، إلى احتلال الموقع الثاني وراء «النهضة»، حملت النتائج المعلنة مفاجأة من العيار الثقيل، بفوز قائمة لم يكن احد يتوقع فوزها بعدد كبير من المقاعد. ووفق النتائج الجزئية، فإن قائمة «العريضة الشعبية» تنافس حزب المرزوقي على الموقع الثاني، لكن الأمور ستتغير بالتأكيد مع التعرف على النتائج الباقية، حيث إن «العريضة» لا تنافس كثيراً على الدوائر الباقية. ويتزعم هذه القائمة الهاشمي الحامدي، الثري التونسي الذي كان من عناصر «الاتجاه الإسلامي» في الثمانينات، وتحول لاحقاً الى «النهضة». ويملك الحامدي قناة «المستقلة» التي تبث من لندن حيث يقيم. وقدمت شكاوى ضد «العريضة الشعبية» في فرنساوتونس تتهمها بعدم احترام قواعد الحملة الانتخابية وباستخدام المال لإحضار الناخبين. الاحتشام والصيرفة الإسلامية ونقلت وسائل إعلام حكومية عن مسؤول في «النهضة» قوله امس، إن الحزب لن يفرض «الأزياء المحتشمة» على السائحات الأجنبيات ولن تُفرض قواعد مصرفية إسلامية. ونقلت وكالة «تونس أفريقيا للأنباء» عن الجبالي، قوله إن القطاع السياحي من «المكتسبات التي لا مجال للمساس بها... هل من المعقول أن نصيب قطاعاً حيوياً مثل السياحة بالشلل بمنع الخمور وارتداء لباس البحر وغيرها من الممارسات؟ هي حريات شخصية مكفولة للأجانب وللتونسيين أنفسهم». وأضاف: «لن يتم تعميم المصارف الإسلامية وإلغاء النظام المصرفي الذي تعمل به تونس ولا تحديد نشاط رجال الأعمال، بل دعمهم بجلب الاستثمارات العربية والأجنبية». التعريب كما أكد الغنوشي ان «التعريب أساسي»، وأنه «ضد التلوث اللغوي» على رغم أهمية تعلم اللغات الاخرى. وأوضح أن «التعريب أساسي ونحن عرب»، مضيفاً: «أصبحنا نصف عربي نصف فرنسي (فرانكو أراب) هذا تلوث لغوي»، ومع ذلك «نحن نشجع تعلم اللغات خصوصاً أكثرها حيوية من دون ان نفقد هويتنا». وبعدما أشار الى «حرص الفرنسيين الكبير على لغتهم» مثلاً، قال الغنوشي إن «من لا يعتز بلغته لا يعتز بوطنيته. ينبغي أن يُدرس ملف التعليم وطنياً لأن عناصر الهوية الوطنية ليست شأن طرف واحد». وحول دور المساجد، التي يقول خصوم «النهضة» إنها تُستغل للدعاية الحزبية، قال الغنوشي: «لا ينبغي للمساجد ان تكون منابر لأحزاب ويجب تحييدها عن الأحزاب والتحزب»، وأكد ان «خوض الإمام في مسائل سياسية ليس محرماً، فهو ينبه ويوجه الناس في خطبه لكن من دون ان ينتصر او ينحاز الى حزب من دون آخر او لشخص دون آخر». وهناك شبه اجماع في تونس على الإبقاء على الفصل الاول من دستور سنة 1959 في الدستور الجديد. وينص الفصل على ان «تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها».