الطب... هي المهنة التي تمثل الرحمة والعطف الإنساني والعمل من أجل الغير، فالطبيب والطبيبة ملائكة الرحمة التي تتمثل في تقديم العون لكل طالب لها، وأي عون، هو العون الذي يتمثل في تهيئة الأسباب المؤدية إلى شمول الإنسان بعناية الله سبحانه وتعالى فأي شكر نوليه لهذه الفئة، أهو شكر على تضميد الجروح، أم هو شكر على السهر والعمل المضني لإنقاذ من يحتاج للمساعدة، أم هو شكر على الارتقاء بالثقافة الصحية والطبية للناس شكراً للأيادي الحانية... الطبيبة أمل الناجي والطبيبة فاطمة الجشي، تعملان كمتطوعتين في حملة الشرقية وردية، حيث تتوليان مهمة التثقيف الصحي لزائرات الحملة، فتشرحان لهن كل ما يتعلق بسرطان الثدي أعاذنا الله وإياكن من شره ثم ترشدان الزائرات للعيادة المتنقلة المخصصة للفحص. حديث في العمق.. جميل أن يتجرد الإنسان من ثقافة الأنا ويعمل لغيره، فيكون دافعه للعمل مساعدة الغير ورد الجميل الذي قدمه له المجتمع ممثلاً في الوطن كحاضن كبير لكل من يعيش على ترابه، والمجتمع ممثلاً في كل مؤسساته خصوصاً الحكومية منها حيث تقدم لنا خدماتها دون مقابل، وأخص بالذكر المستشفيات الحكومية كوننا نتكلم عن العمل التثقيفي التطوعي الطبي. كفلسفة يعتبر العمل التطوعي بحد ذاته انسلاخا من السعي وراء المصلحة في القيام بكل عمل، وهو تطبيق عملي لمبدأ مهم من مبادئ الإسلام ألا وهو اللحمة الاجتماعية وتقوية العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد، ولا أبالغ حين أقول إنه يصل إلى حد إماطة الأذى، فالأذى لا يماط فقط عن الطريق بل إن التثقيف الطبي هو إماطة محتملة لأذى قد يضر بالإنسان لولا قدر الله. حين نعلم يقيناً أن هاتين الطبيبتين مرتبطتان بدراسة وعمل تلزمهما بذل جهدٍ حثيث للوفاء بمتطلبات هذا العمل وهذه الدراسة، ثم بعد ذلك نراهما وقد انخرطتا في أعمال تطوعية تستهدف الارتقاء بالمستوى الثقافي الصحي لزائرات هذه الحملة ندرك يقيناً أن هاتين الشخصيتين تستحقان التقدير، فمثل هاتين الطبيتين تمثلان الأنموذج الذي يجب أن يحتذي به كل الأطباء. ما يعنينا في هذا الصدد... إن للوطن حقا كبيرا معلقا في أعناقنا، ولا يُستَوفَى هذا الحق بمجرد الشعارات والكلام، بل يجب علينا أن نعمل كل من موقع عمله على رد ولو جزء بسيط من هذا الحق سواءٌ أكان هذا العمل يستهدف الوطن أم المجتمع فكلاهما حلقة واحدة، وكل عمل في هذا الاتجاه مشكور. آخر القول.. إن العمل التطوعي الطبي هو جزء أساس من مهنة الطب، حيث إن التثقيف الطبي هو الحلقة الأولى فيما يسمى بالوقاية، ولو كان كل طبيب وطبيبة يتبنون مثل هذا العمل ضمن نظام مدروس لخلقنا جيلاً وقائياً يحول الثقافة إلى سلوك ملموس يؤثر تأثيراً مباشراً على صحة الإنسان، ويوفر على خزينة الدولة ملايين الريالات.