لم يجعل المشهد الدموي والمذابح الشنيعة المتنقلة في سوريا وخاصة في حمص شكّا لدى المراقب بأن النظام الإرهابي في دمشق يعيش أكبر مراحله اضطراباً ومن المؤكد أنّ الصفحة الإنسانية جراء تلك الوحشية تعصر الوجدان العربي بل حيثما كان هناك بقايا إنسان , إلاّ أن العنوان البارز يتجدد بصورة حاسمة بأن حركة الثورة السورية تجذّر فيها قرار الإيمان بإنجاز النصر مهما بلغت التحديات والتضحيات فهذه الصورة الفدائية الأسطورية التي قدمتها حمص لتنضم إلى صدارة مدن الثورة في درعا وحماة وبانياس وتلبيسة واللاذقية حملت على مستوى مدن القطر تأكيداً بأن هذا التنافس في التقدم إلى ميدان الثورة السلمية ينتشر في جغرافية سوريا ويتقدم على الأرض رغم وحشية القمع والتعذيب والاعتداء على الأطفال والأعراض , وهو ما يعكس قوة القرار الميداني الصلب للثورة الشعبية وفدائيتها التي تعجز آلة الإرهاب للنظام وحلفائه الإيرانيين وحزبهم من الوقوف أمام طابور الشهداء الزاحف بقوة إلى النصر . وخلال هذا الأسبوع برز للعالم وخاصة الجامعة العربية أنّ النظام تلاعب بمبادرتها واتخذها وسيلة إضافية لتحقيق المذابح حيث لم ينفّذ أي قرار من القسم الأول القائم على الترتيب مع القسم الثاني وهو إجراء حوار , وقد بدت الدعوة لإجراء الحوار مشهدا هزليا مروّعا أمام نهر الدماء لمجزرة حمص الأخيرة , ومع ذلك فإن النظام لم يسع لتحقيق أية حالة اعتبارية تسوّق لقبوله المزعوم للمبادرة ولم يُهدّئ حتى لساعات , بل عزز التواجد واقتحام المدن السورية في حين بات يعزف كما هو الإعلام الإيراني الحليف في المنطقة على ذات اسطوانته المشروخة في قضية الجماعات المسلحة مع صور إعادة انتشار لمدرعاته ودباباته ومجنزراته وآلياته العسكرية الضخمة التي أسكتها في الجولان لأربعة عقود وحركها ضد الشعب واستنفد ذخيرتها القديمة في صدور أطفاله . الجامعة العربية الآن باتت أمام خيار واضح أن النظام ذبح مبادرتها مع مذابحه , وعليه تعود المسئولية أكبر وأعظم لاتخاذ مواقف مركزية لدعم الشعب السوري وإنقاذ أطفاله ونسائه وشبابه وحرائره المدنيين وهو يمر عبر مسارات محددة ليس منها طلب التدخل العسكري الذي لم تطرحه أي حركة معارضة سورية فضلاً عن المجلس الوطني السوري الممثل الشرعي للشعب . أي أنّ الجامعة العربية الآن باتت أمام خيار واضح أن النظام ذبح مبادرتها مع مذابحه , وعليه تعود المسئولية أكبر وأعظم لاتخاذ مواقف مركزية لدعم الشعب السوري وإنقاذ أطفاله ونسائه وشبابه وحرائره المدنيين وهو يمر عبر مسارات محددة ليس منها طلب التدخل العسكري الذي لم تطرحه أي حركة معارضة سورية فضلاً عن المجلس الوطني السوري الممثل الشرعي للشعب والثورة في الداخل والخارج وهذه المسارات كالآتي : 1- نزع الشرعية القانونية عن النظام وإعلان المجلس الوطني السوري ممثلاً لسوريا وهو قرار في قدرة الجامعة اتخاذه , ولو كان ذلك عبر تجميد عضوية سوريا وفسح المجال أمام المجلس الوطني بإيصال خطاب الشعب في الوطن العربي والعالم . 2- هذا القرار يتبعه طلب لاتخاذ قرار ملزم من المؤسسات الدولية بإيفاد مراقبين دوليين مدنيين ومنظمات إنسانية يُلزم النظام بإدخالها تحت تهديد الحصار الشامل لتحقيق أكبر ضغط لحمله على إيقاف مذابحه ضد المدنيين , خاصةً بأن هذه الرسالة ستُقرأ من الشرائح العسكرية والأمنية التي تباشر وتدعم مذابح المدنيين وبالتالي تعزز مخاوفها من المسئولية الجنائية مستقبلا وتجعل هناك ضغطا إضافيا لقوة الدفاع عن الشعب والثورة . 3- وأهم بند مطلوب من الجامعة العربية ولديها قدرة في المساهمة فيه هو ما أشار له السيد احمد اوغلو وزير الخارجية التركي مؤخراً وهو استعداد أنقرة بتحقيق منطقة عازلة للحدود التركية السورية إذا أُعطيت غطاء عربيا أو دوليا , فهذه المنطقة ذات أهمية بالغة جداً لضمان تدفق المعونات الإنسانية وإقامة معسكرات تأمين وحماية ضخمة لمناطق الشعب السوري المتعددة والمستهدفة , وتخلق أرضية دعم مركزي مهم لحرمة الثورة السلمية واحتياجاتها الماسة . إن تحقيق الجامعة لهذه المسارات بالتعاون مع تركيا والمجتمع العالمي سيُحقق ميزانا استراتيجيا مهما لمصلحة انتقال الحكم لممثلي الشعب دون فسح لأي عمل عسكري مركزي على الأرض لأي طرف دولي وهو ما يُمهّد على الأرض الفصل الاستراتيجي المهم لتقدم الثورة من خلال تأمين الحظر الجوي عبر الطيران التركي الذي إذا تحقق في هذا المستوى فإنه يُلاقي حراكا من الجيش السوري الحر المدافع عن المدنيين والذي يتوسع بصورة كبيرة وأضحت حركة الانشقاق يوميا بأعداد متزايدة تنضم لصفوفه وبالتالي تتحقق المعادلة بصورة مختلفة لا تضطر لميدان تدخل عسكري دولي ولا تبقى مكتوفة أمام مذبحة الشعب المكررة خاصة عبر دعم الدول المركزية في الوطن العربي مع تركيا وهو ما سيخلق بالضرورة ترويكا من الاتحاد الإنساني والسياسي والعسكري الداخلي لدعم الثورة المدنية وسيُبرز أمام كل الشرائح المترددة أو المنهكة داخل بنية النظام حتمية سقوطه وهذا ما نقل مؤخراً من الداخل تصاعده , وبالتالي تهيئ الأرض والقرار لانتصار الشعب وتأمين الثورة في أسلم إطار لأجل هذا الشعب العظيم مع منظومة الاستقلال والاستقرار العربي.. الحرية والأمن الاستراتيجي معاً .