بلا شك كان قرار مجلس التعاون الخليجي الموحد بطرد سفراء النظام الإرهابي في دمشق خطوة مهمة ومقدرة مع سحب سفراء دول المجلس من العاصمة السورية، ولا نحتاج أن نعيد التذكير بجرائم الحرب التي يعيشها أهلنا تحت سلطة هذا الطاغية وأسرته، فيكفي أنهار الشهداء المتدفقة في طول البلاد وعرضها، ومحرقة حمص التي تضج منها السماوات، في حين يقدم شعبنا العربي السوري وجيشه الحر أروع صفحات الملاحم والفداء التحرري النضالي لأجل الأرض المحتلة من نظام الإجرام الأسدي الطاغي. ومن المؤشرات المهمة في هذا القرار تحوله إلى خطوة مركزية مهمة في الرسائل الدبلوماسية المعبرة عن الموقف العربي الصحيح من سفارات هذا النظام وليس سفارة سوريا الدولة وشعبها العظيم، ولعل الخطوة الخليجية جاءت في سياق إدراك مهم، فإضافة إلى واجب النصرة لهذا الشعب الذبيح، فقد تبين للجميع أنّ انتصار هذا النظام على ثورته في ظل شراكة إيرانية شاملة يعني خطر مركزي على البناء القومي والمجتمعي للمشرق العربي، حين يتحول النظام إلى تنفيذ البرنامج المشترك مع إيران فيما يعتقدونه سياسة الردع والتوسع ضد عرب المنطقة، وهو أمرٌ محسوم في سياق الأحداث إلا أنّ انتصار الشعب السوري عبر ثورته أولا لتحقيق طموحه ثم مساهمته الطبيعية بضمان الأمن العربي في المنطقة وتحييد إيران عن المشرق العربي عبر سوريا الجديدة. من هنا يلزم التذكير بأن البرنامج المطلوب من دول الخليج العربي لدعم فرص سرعة انتصار الثورة وتزايدها يحتاج إلى قرارات ومواقف أخرى من دول المنطقة وهي كالتالي: 1- فيما يتعلق بالبديل الدبلوماسي الممثل للشعب السوري، فكما أشار سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ربما من الصعب أن يُعترف بالمجلس الوطني الانتقالي كحكومة بديلة للنظام القائم حالياً، لكن بالإمكان فتح مكاتب لهم لتمثيل المجلس وإدارة نشاطه وتواصله مع عواصم الخليج العربي والجالية السورية فيها ويُدعم مسارهم الدبلوماسي في دول الخليج والدول العربية. 2- وقف حركة المناورات المستمرة التي يقوم بها الأمين العام لجامعة الدول العربية المناهضة للشعب السوري وثورته، ومن ذلك تنسيقه مع الموقف الروسي في الإعداد لبعث مراقبين جدد منتقين من حلفاء النظام لمنحه مشروعية للقتل ونشر مزاعم وأكاذيب لبلبلة المشهد الحقيقي للمذابح ومسؤولية النظام عنها وضرورة إزالته لاستقرار البلد وسلامة الشعب، وذلك من خلال حملة دبلوماسية خليجية داخل الجامعة تمنع الأمين من هذا المنهج الخطير الذي يدعم النظام خاصة أن رئاسة الدورة لدى قطر ورئيس اللجنة المكلفة بسوريا هو معالي رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم النشط والمتحفز للقضية السورية. 3- ضرورة تحول دبلوماسية الخليج إلى التوحد والتنسيق مع الموقف التركي وخلق غرفة عمليات موحدة وتشجيع أنقرة على تحقيق المنطقة العازلة على الحدود وفتح معابر آمنة لهم، والدور الخليجي هنا يتمثل بدعم موقف تركيا دوليا وتغطيته والشراكة في تحمل النفقات المادية وهذه القضية هي لب محورية دعم الثورة السورية. 4- الآن وقد اعترفت كل الجهات بأن هذا النظام لا حد لمجازره وليس له نية إيقاف إلا عبر سلسلة من المذابح تضمن له تصفية جزء من الشعب السوري ليستأنف الحكم على الأشلاء والجماجم، ومن هنا يعترف كل مراقب بأن الجيش السوري الحر أضحى جيشا وطنيا يقوم بأجّل عملية عسكرية تعرفها المعايير الدولية وهي حماية المدنيين، لذا فإن الدور العربي ينبغي أن يكون محوري لدعم هذا الجيش وتأمين سلاحه والتنسيق مع تركيا لدعمه. إن هذه العناصر أضحت ضرورة مهمة لتحقيقها لإنقاذ الشعب السوري وتخفيف الضغط عليه وتعجيل فرص انتصاره والشعب العربي في الخليج لاشك أنه يدعم هذه الخطوات ويتحد معها وينتظر المبادرة لتحقيق هذه العناصر قياما بالمبادئ لأجل هذا الشعب وحريته وتحقيقا للأمن الاستراتيجي المهم للخليج العربي.. وما أجمل أن ترفع أعلام النصر ورايات الاستقلال غداً في ساحة العباسيين بعد تحقيق الثورة حرية سورية فتختلط الدموع وصور الشهداء ورايات سوريا مع أعلام الخليج العربي ليعلن المشرق العربي من جديد تاريخه المستقل السديد.