عندما تكون مدعوا إلى مؤتمر أو مهرجان، فأنت ضيف، والضيف في حُكْم المضيف. لكنك تعرف مسبقا في أي فندق سوف تنزل. وعندما تعلم أن أحد أصدقائك قد نزل قبلك في الفندق نفسه، وتكون فضوليا مثلي، فسوف تتصل بصديقك لتسأله عن مستوى الفندق. وهذا بالضبط ما قمت به في مناسبة ما. اتصلت بأحد الأصدقاء لأطرح عليه أسئلتي عن الفندق باعتباره قد خاض تجربة سابقة، وكان تقييمه للفندق متدنيا. وحين استبد بي الفضول سألته: «وهل لكل ضيف غرفة لا يشاركه فيها أحد؟» قال: «طبعا، فالغرفة لا تتسع إلا لشخص واحد»! معنى ذلك أن الغرفة صغيرة، لكن هذه ليست مشكلة، والمهم عندي هو الخصوصية. لكنَّ أمراً آخر لا يقل أهمية عن سابقه جعلني أطرح سؤالا أخر هو: «هل في الغرفة حمام؟» عندئذ ضحك قائلا: «طبعا، وكان ينبغي أن تسأل: «هل في الحمام غرفة؟» وضحكنا معا. سكنتُ الفندق نفسه، ولم يكن الأمر سيئا تماما، سوى أن الغرفة صغيرة، والإضاءة ضعيفة، وضخ الماء ضعيف، وقنوات التلفزيون محدودة، وموظف الاستعلامات لا يعلم شيئا، وعدا عن هذه (الهنات الهينات)، فإن الفندق يمكن (مع شيء من الصبر والمثابرة من الضيوف) أن يصبح من فنادق الخمس نجوم التي يشار إليها بالبنان. لكنَّ فنادق خمس نجوم ليست واحدة، إذ لا بد أن ينال الفندق شيئا من روح المكان. وقد سكنت في احد البلدان (الشقيقة) فندقا بخمس نجوم، ولتأكيد ذلك علَّق الفندق نجوما خشبية فوق (كاونتر) الاستقبال. كنا في بهو الفندق فنظر صديق ظريف إلى تلك النجوم وعلَّق قائلا: «أترى، يا حسن، تلك النجوم المعلقة هناك؟» قلت: «نعم» قال: «لو نَفَخْتَ عليها لسقطتْ منها نجمتان»! وكان يشير إلى تدني مستوى الخدمة في ذلك الفندق. في الفندق نفسه، وأثناء تواجدي في الغرفة، علَّقتُ لا فتة (عدم الإزعاج) على مقبض الباب، وتوجهتُ إلى طاولة الكتابة لأرتب قصائدي التي سألقيها مساء. بعد قليل سمعت قرعا على الباب، ولما فتحته وجدت أمامي عاملة ترتيب الغرف تقول: «أنا اللي رتبت الغرفة»! ولو كنتُ شخصا (أقشر) لأشرت إلى لافتة (عدم الإزعاج) أو لقلتُ لها: «وأيه يعني»؟ لكني فهمت مرادها فأعطيتها (المقسوم). في اليوم التالي كان عدد الفوط أكثر، والمحارم الورقية أوفر، وكذلك الشامبوهات والصابون وقوارير الماء. الجميع ينتظر (المقسوم) من حامل الحقائب إلى البواب. في بعض فنادق البلدان (الشقيقة) يطبق العاملون مبدأ «لا يُخْدم بخيل» بكفاءة عالية، مما يضطرك إلى الاتصال بهم من حين لآخر لسد نواقص الغرفة ودفع (المقسوم). مرة كنت في بهو أحد الفنادق وطلبت قهوة، وانتظرت طويلا.. حتى استفز ذلك الانتظار وما أسفر عنه، شيطان السخرية فكتبت: «السلحفاةُ اشتغلتْ نادلةْ/ طلبتُ منها خدمةً عاجلةْ/ كوباً من القهوةِ (مزبوطةٍ)/ تطرد عن رأسي الذي أثقَلهْ/ طلبتُه صبحاً فجاءت بهِ/ بعد هجوعِ الناسِ في القائلةْ/ رشفتُ من كوبي فألفيتُهُ/ شاياً بطعم الخدمة الفاشلةْ»! ختاما سأحرف المثل الشعبي فأقول: «يا ما في فنادق خمس نجوم من مظاليم»! ربما لأن النجوم في تلك الفنادق هي نفسها (نجوم القايلة)! [email protected]