من اين سأبدأ ومن اين سأنتهي، فالفقد اكبر واعظم من التعبير, والجرح اعمق واغزر من أي كلام. كفى بي حديثاً عن سلطان بن عبدالعزيز “الإنسان” الذي: فقده الفقير قبل الغني. فقده المعاق قبل الصحيح. فقده اليتيم قبل المعول. فقدته الارملة قبل المتزوجة. فقده الصغير قبل الكبير. فقده وطن.. فقده شعب.. فقدته امة اعود بالزمن الى الوراء القريب واعادة شريط الماضي بفرحة الشعب عند عودته الى ارض الوطن سالماً بعد رحلة علاجه، فلم يتريث قليلاً بل ضرب لنا اروع امثلة اللحمة بين القيادة وابناء هذا الوطن بتواضعه الجم، وزيارته للجنود البواسل ودرع هذه البلاد وتقبيله رؤوس أولئك الجنود المصابين في حرب الحوثيين امام الملأ كعربون شكر وتقدير. او باحتضانه ذلك الطفل من “ذوي الاحتياجات الخاصة” الذي رسم على شفتيه الصغيرتين ابتسامة مِلئها الامان وقول ذلك الطفل بكل براءة وصدق المشاعر “بابا سلطان .. انا احبك” .. فيرد ذلك الانسان بكل ما أوتي من حنان الابوة ورحمة المسؤول كاتمًا عبرته خلف تلك الابتسامة، وهو حامل ذلك الطفل وحاضنه بين ذراعيه قائلاً: “وانا بعد.. احبك” رحل سلطان الخير، وبقي ذكره خالداً في ذاكرة كل من عرفه, نعم رحل جسداً وبقي معنا بتفاصيله, رحل وترك لنا عمله الصالح, لكي يشهد له كل من يرى اعماله الصالحة يوم القيامة، فالناس هم شهود الله في ارضه، وستبقى أبا خالد في قلوبنا وسيبقى ذكرك ليرويه الابناء الى ابناء الابناء. سلطان راعي الخير للخير ينبوع من حيث ما روحت تسمع بخيره روى مسلم عن أبي هريرة “رضي الله عنه” ان الرسول “صلى الله عليه وسلم” قال: “إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”. فأبناء هذا الوطن هم ابناؤك ابا خالد ولن ينسوك من الدعاء الصالح، فنسأل الله العلي القدير ان يتغمّد فقيدنا بواسع رحمته وان يلهم شعبنا الصبر والسلوان وان يعوّضنا به خيراً. كما نسأله “جل وعلا” ان يجعله ممن قال فيهم سبحانه :”يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي”. اللهم آمين.. اللهم آمين.