بات تكريس ثقافة المبادرة لدى الشباب توجُّهاً عالمياً مهماً، واصبح الوعي بثقافة المبادرة يتطوَّر تدريجياً في مجتمعات الدول المتقدّمة.. ووفقاً لما جاء في محاضرة ألقاها الدكتور عبدالله بن علي الجفالي خلال اللقاء الخامس والثلاثين الشهري لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض، فإن المبادرة صاحبة قيمة حقيقية، يمتد تأثيرها لمختلف مناحي الحياة، ولها دور هام جداً في تنمية الابداع، خاصة لدى الشباب، وإن كثيراً من الشخصيات العالمية الناجحة من الساسة والمبدعين ورجال المال والاعمال والعلماء والمخترعين وغيرهم، كانت المبادرات هي منطلقهم، وقد نتج عن تلك المبادرات نجاح يتجاوز مستوى المبادر نفسه، الى آفاق أرحب اجتماعياً واقتصادياً، امتدت الى مختلف مناحي الحياة. على مستوى الوطن، ومن واقع متابعتي الشخصية، هناك ثلاث مبادرات على مستوى التنمية الشبابية تستحق الاشادة.. المبادرة الأولى، وهي مبادرة حكومية تتعلق بتأسيس صندوق الموارد البشرية، الذي يهدف الى تسهيل توظيف المواطنين وتدريبهم وتشجيعهم في العمل في القطاع الخاص.. أما الثانية فهي مبادرة إنشاء صندوق المئوية، الذي ينظر إليها على أنها إحدى ثمار احتفال المملكة بالذكرى المئوية لتأسيسيها، وهو صندوق يهدف الى تطوير قدرات الشباب في مجال الاستثمار في المنشآت الصغيرة والمتوسطة.. أما المبادرة الثالثة فيه التي أطلقها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فتهدف الى تنمية قدرات الشباب في مجال الحوار والتواصل الثقافي. أعتقد أن أفضل ما يمكن أن نتعلمه من حياة ستيف، هو كيف «ان شاباً كان قد طرد من الجامعة، وطرد أيضاً من وظيفته، وثبت أنه ليس رجل أعمال ناجحاً فحسب، بل تمكّن من أن يصبح ناجحاً بفضل مبادراته الممثلة بالتقنيات، التي وفّرت لي ولك وللإنسانية جمعاء الكمبيوتر الشخصي، والآي بود، والآي فون، والآي باد.. ولقد نجحت تلك المبادرات بفضل ما قُدّم لستيف من دعمٍ وتشجيع معنوي، ودعم مالي من رجال أعمال ذوي أفق بعيد وقد حفلت المنطقة الشرقية، بقطاعيها العام والخاص بالكثير من المبادرات، وهناك الكثير من النجاحات التي قامت اساساً على مثل هذه المبادرات، والأمثلة كثيرة، إلا أن من بين أهم هذه المبادرات، المناسبة السنوية التي تقيمها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن تحت اسم «يوم المهنة»، وهو لقاء سنوى أسّسته الجامعة منذ ثمانية وعشرين عاماً بهدف تعريف طلاب الجامعة على فرص العمل والتدريب في المؤسسات والشركات المحلية. وهناك مبادرة «لجنة أصدقاء المرضى» التي قامت بتأسيسها الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية منذ عشرين عاماً تقريباً.. ومن أهم برامج اللجنة الزيارات الرمضانية الى المراكز الصحية والمستشفيات للتعرّف على احتياجاتها وتقديم العون المادي لها.. وقد حظيت هاتان المبادرتان بقبول وترحيب كبيرين منذ تأسيسهما، الأمر الذي أدى الى تبنّيهما من قبل جامعات وغرف تجارية أخرى في أرجاء المملكة. أما آخر المبادرات التي خرجت من المنطقة الشرقية، والمتعلقة بالشباب مباشرة، فهي: «الكرسي العلمي الذي أسّسه مؤخراً سمو الأمير محمد بن فهد».. فبعد أن لاحظ سموه تنامي المبادرات الشبابية، قرر إنشاء كرسي علمي يعزز من خلاله ذلك الوضع المتنامي من تلك المبادرات الشبابية، من خلال دعم قدراتهم ومواهبهم وتقديم ما يحتاجونه من دعم علمي وبحثي وتدريبي، ينمّي فيهم روح الفكر والمبادرة والابداع. ويمثل غرس ثقافة المبادرة ونشرها أبرز تحدٍّ للمنظومة التعليمية، فلهذه المنظومة ممثلة بالتعليم العام والعالي، دور هام في غرس روح المبادرة لدى الشباب.. فالمدارس والكليات والجامعات هي التي تعمل على تغيير عقلية الطالب، وتطوّره وتهيّئ له مجال الدراسة والبحث، وتدفع به الى ساحة العمل مؤهلاً بقيم مضافة عالية.. ولذلك، فانه يتوقع من المنظومة التعليمية أن تعمل على اكتشاف المبادرات ومصادرها، وعلى تنمية المواهب التي تبادر، وتموّل المبادرات ومشاريعها، ومن ثم، نشر نتائج هذه المبادرات التي تكون المنظومة التعليمية قد عملت فعلاً على غرسها، وبذلك تكون قد نجحت في أحد أدوارها المجتمعية الهامة. وبينما كنت أعدّ هذه المقالة، جاء نبأ وفاة العالم التقني الأمريكيSteve Jobs، وأعتقد أن أفضل ما يمكن أن نتعلمه من حياة ستيف، هو كيف «ان شاباً كان قد طُرد من الجامعة، وطرد أيضاً من وظيفته، وثبت أنه ليس رجل أعمال ناجحاً فحسب، بل تمكّن من أن يصبح ناجحاً بفضل مبادراته، الممثلة بالتقنيات التي وفّرت لي ولك وللإنسانية جمعاء الكمبيوتر الشخصي، والآي بود، والآي فون، والآي باد. ولقد نجحت تلك المبادرات بفضل ما قُدّم لستيف من دعم وتشجيع معنوي، ودعم مالي من رجال أعمال ذوي أفق بعيد، وأيضاً ما تحقق لستيف من دعم في مجال البحث العلمي لإكمال مسيرته البحثية التقنية الهامة. لقد قدَّم لنا ستيف مثالاً عن: كيف تحقق المبادرة نجاحاً يتجاوز المبادر نفسه؟ إن غرس ثقافة المبادرة، ونشرها، يحتاجان الى الكثير والكثير من الدعم والتشجيع، وأرى أننا في القطاع الأهلي مطالبون بالمشاركة في دعم جهود الدولة في غرس ونشر ثقافة المبادرة، وربما نكون في حاجة الى عمل مؤسسي، ينشأ لخدمة هذا التوجُّه وأهدافه. [email protected]