ضمن برنامج عيد ارامكو السعودية بالظهران قدم فرع جمعية الثقافة والفنون بالأحساء مساء « الأربعاء» الماضي عرضا فنيا في إطار ما يسمى بفن الكوريوغراف وهو احد الفنون الدرامية المعتمدة على قدرة الحركة الجسدية. العرض بعنوان «للأقنعة أسطورة» من تأليف الدكتور سامي عبداللطيف الجمعان، وإخراج نوح محمد الجمعان وشارك في هذا العرض أكثر من ثلاثين شابا. فكرة العرض تدور حول أحداث حياتية ذات طابع إنساني لا يختص بمكان أو زمان معين بل يسعى العرض الممتزج بالموسيقى لتقديم حالة إنسانية عامة، وان يكشف عن ان مهما وضع الإنسان من قناع وحتى لو كان من ذهب تبقى القوة الحقيقية للحقيقة للإنسان الباحث عن الحقائق في عالم يضج بالأحداث والمتغيرات ويبقى الإنسان احد محركات تلك الأحداث والمتغيرات. المسرح الصامت يعتمد على مجموعة من المقومات الرئيسية لنجاح أي عرض وقد أوجده المؤلف أو المخرج في العمل مثل القصة الهزلية المتضمنة لمجموعة من الأفكار والمشاعر والانفعالات، وتشغيل الحركات والإشارات والإيماءات وتمثلات الجسد، وتشغيل الألعاب البهلوانية والسيركية الصامتة، وتوظيف المفارقة والسخرية والضحك، واستخدام الكوميديا، ومحاكاة الآخرين وتقليدهم، واستثمار الكاريكاتور الانتقادي. المخرج جعل من اللغة الجسدية للممثل علامة من علامات العرض المسرحي، في حين اثبت الممثلون أن حركة الجسد هي احدى الأدوات المهمة في التمثيل كان احد المحاور الرئيسية في العرض هو «القناع» والذي قال عنه الناقد المسرحي حسن يوسفي: «القناع مفارقة كبرى: يحرر من الأشكال المألوفة ويأسر في قالب واحد، يخفي قسمات ويظهر أخرى، يخلق الاستيهام وضده، يمسخ حامله. يمكن أن نذهب مع المفارقة حتى حدودها القصوى لنقول: إن القناع يزيل القناع. هل نتصور حياة يومية للإنسان خارج الأقنعة؟! إنه مرتبط بأعماق الكائن وبشرطه الوجودي والاجتماعي، لذا فعلاقاته بمقولات أساسية كالشخصية والهوية والضِّعف علاقات قوية. القناع رمز في ذاته ومعنى مضمر لما يخفى، وقد اعتمد المخرج في العرض على الحركة الاستعراضية للجسد كلغة تخاطب وتواصل إبداعي مع الجمهور من خلال الأقنعة بشتى صورها وأشكالها وألوانها واختلاف الثقافات وهنا إشارة رائعة لمختلف الشعوب وقد جاءت ضمن رؤية إنسانية وفنية». ويكتب للمخرج نوح الجمعان الحالة المهارية والإبداعية في طريقة تعامله مع مجموعة أكثر من ثلاثين ممثلا شابا (بعضهم للمرة الأولى يصعد خشبة المسرح،) والتحكم في حركاتهم الصامتة سواء عبر اليد أو القدم أو الرأس بتناسق رائع وملفت.. لقد استطاع الجمعان أن يوظف الإشارات والإيماءات والصمت بطريقة ايجابية أشعلت حماس الجمهور الذي تفاعل مع عرض يشاهده لأول مرة، وقد ساعد المخرج على ذلك الأداء الملفت للممثلين من خلال الحوار أو حركة الجسد سواء الصامت أو تلك الخفة على خشبة المسرح. بالإضافة الى الموسيقى التي كانت مواكبة لحالة صمت الممثلين وحركتهم بل كانت في بعض الأحيان أقوى من الصمت. المخرج جعل من اللغة الجسدية للممثل علامة من علامات العرض المسرحي، في حين اثبت الممثلون أن حركة الجسد هي احد الأدوات المهمة في التمثيل والعرض المسرحي واستطاع الممثلون من خلال القناعة والصمت تصور حياة الإنسان اليومية خارج القناع وانه مرتبط بأعماق الكائن وبشرط وجوده الاجتماعي بقوته وضعفه، ويعود النجاح للعناية الكبيرة من قبل المخرج وأداء التمارين المكثفة والمتكررة للممثلين حتى يكونوا في قمة الأداء والحركة على خشبة المسرح رغم أن العرض يعرض للمرة الأولى أمام الجمهور الذي تجاوز ألف متفرج. صاغ موسيقى العرض محمد عبدالرحمن الحمد ورسم ديكوراته إبراهيم المبرزي ومنصور الذكرالله واحمد القعيمي.