أخيراً اهتمت الجامعة العربية بمجريات ثورة الشعب السوري، فقد دعا وزراء الخارجية العرب الرئيس السوري بشار الأسد إلى الاستجابة لتطلعات الشعب السوري وكبح جماح شهية قوات الأمن السورية للقتل. وقرر الوزراء، في أعقاب اجتماع عقد في القاهرة مساء السبت، إيفاد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لابلاغ قرارهم إلى الرئيس السوري. ولكن في نفس الوقت الذي كان وزراء الخارجية مجتمعين في القاهرة، كانت قوات الأمن السورية تداهم المنازل وتلاحق المتظاهرين بالرصاص في الشوارع وتحاصر المساجد في المدن السورية. وسقط أعداد من القتلى برصاص قوات الأمن السورية. وكان الثائرون السوريون ينحون باللوم على البلدان العربية لأن تجاهلها للثورة السورية أعطى ضوءاً أخضر للنظام السوري للمضي قدماً في حملات البطش والقتل وانتهاج الخيار الأمني. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أول زعيم عربي يطلب صراحة من النظام السوري وقف إراقة الدماء، ففي الثامن من الشهر الجاري وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز دعوة صريحة إلى النظام السوري إلى ضرورة الوفاء بالوعود وتحقيق إصلاح حقيقي على الأرض، وحذر من أن «ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة العربية السعودية». يعرب المجلس عن قلقه وانزعاجه ازاء ما تشهده الساحة السورية من تطورات خطيرة ادت الى سقوط آلاف الضحايا بين قتيل وجريح من ابناء الشعب السوري الشقيق (..) ويشدد على ضرورة وضع حد لاراقة الدماء وتحكيم العقل. وقال مجلس الجامعة العربية في بيان مساء أمس الأول انه «يعرب عن قلقه وانزعاجه ازاء ما تشهده الساحة السورية من تطورات خطيرة ادت الى سقوط آلاف الضحايا بين قتيل وجريح من ابناء الشعب السوري الشقيق (..) ويشدد على ضرورة وضع حد لاراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الاوان واحترام حق الشعب السوري في الحياة الكريمة الآمنة وتطلعاته المشروعة نحو تحقيق الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يستشعرها الشعب السوري وتحقق تطلعاته نحو العزة والكرامة». وكان هذا اول اجتماع رسمي للجامعة العربية بشأن سوريا منذ بدء الانتفاضة. وانتقد معلقون عرب كثيرون الجامعة العربية بسبب رد فعلها الخجول على العنف. وظلت الجامعة لاشهر تعرب فقط عن (القلق) مما يشير الى انقسامات بين اعضائها والذين يواجه بعضهم احتجاجات عامة. وواجهت الجامعة العربية ضغوطا للتحدث بشكل اكثر صراحة بعد الانتفاضتين الشعبيتين اللتين اطاحتا برئيسي تونس ومصر والاطاحة بمعمر القذافي في ليبيا. وتظاهر مئات من المؤيدين للناشطين المطالبين بالديمقراطية في كل من سوريا واليمن خارج مقر الجامعة في القاهرة قبيل وصول وزراء الخارجية العرب لحضور الاجتماع. ودعا المتظاهرون رئيسي البلدين الي التنحي. ويشهد اليمن اشهرا من الاحتجاجات الحاشدة للمطالبة بسقوط الرئيس علي عبد الله صالح الذي يحكم البلاد منذ 33 عاما. وقال نبيل العربي الامين العام للجامعة العربية ان «الجامعة العربية تتعرض لضغوط كبيرة من الرأي العام العربي لذلك تسعى الجامعة العربية لتعزيز حقوق الانسان واستقلال القضاء وتوسيع المشاركة السياسية». واضاف «نؤكد على عدم جدوى المنحى الامني وان الاسراع في مشاريع الاصلاح سوف يجنب الدول العربية التدخلات الأجنبية». وقال الرئيس الحالي لمجلس الجامعة العربية وزير الدولة للشؤون الخارجية بسلطنة عمان يوسف بن علوي في وقت سابق ان الاجتماع مهم للاستقرار في سوريا. وقال خلال الجلسة الافتتاحية «سوف نتشاور بهدف تحقيق الاستقرار بما يمكن الشعب السوري من التغلب على هذه الازمة على القاعدة التي تحقق لسوريا الاستقرار والتنمية والعدالة». وداخل قاعة الاجتماع عرضت شاشات تلفزيونية جثثا لقتلى في مدينتي حماة ودير الزور السوريتين. وتصاعدت الادانة الدولية لما يحدث في سوريا هذا الشهر بعدما أمر الأسد الجيش باقتحام عدة مدة من بينها حماة ودير الزور واللاذقية. ويحظى نظام الرئيس بشار الأسد بدعم قوي من إيران ومن العرب الموالين لإيران، مثل رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، وحكومة لبنان التي يهيمن عليها حزب الله الموالي لإيران. وأعلنت إيران نفسها عن تقديم 5.8 مليار دولار دعماً لنظام الأسد، يؤكد معارضون سوريون أن معظمها يستخدم لشراء معدات وأجهزة وأسلحة قمع للمتظاهرين. وتقول الأممالمتحدة أن قتلى الاحتجاجات برصاص الأمن السوري بلغ 2200 قتيل ، لكن المعارضة السورية تقول ان عدد شهدائها أكثر من هذا العدد. وتقول المعارضة والهيئات الحقوقية السورية أن آلافاً في عداد المفقودين، وان السلطات اعتقلت عشرات الآلاف على مدى الاشهر الماضية. وتزامناً مع اجتماع الوزراء هددت وزارة الداخلية السورية أي مواطنين يفكرون بالتجمع او التظاهر. وطلبت منهم التزام منازلهم «حرصاً على سلامتهم».