هو راقٍ برقيّ قراء صفحات ملحق “في وهجير”.. شاعر وكاتب من طراز مخملي فاخر .. تشدك كلماته وأبياته ما أن يقرأ المتلقي كلماته الا ويجد نفسه مجبراً على إنهاء ما بدأ بقراءته.. انه “حامد مناور” استضفناه في هذ الحوار.. حامد الشاعر أم الكاتب؟ لا يمكنني بأي حالٍ من الأحوال أن أعزل أحدهما عن الآخر.. فلكل منهما مكانته الخاصة في قلبي، صحيحٌ أنني أرى أنني، ومن وجهة نظري الخاصة، أنني ككاتب أفضل بكثير من كوني شاعراً لكن الشعر هو الذي أوصلني إلى قلوب الناس وأنا سعيدٌ بذلك.
متى بدأت الكتابة؟ بدأت الكتابة في مجلة “الشرق” عام ألفين وواحد، عندما كان يشرف عليها أخ القلب سعود الشبرمي، والذي أعتبره من أهم مكاسبي من هذه الساحة فهو إنسان نقي وأنيق وراقٍ في تعامله. هل كل شاعر كاتب؟ بالطبع لا ولكن أيضاً ليس كل شاعر شاعراً في الأصل.. فأكثر الشعراء لا يمتون للشعر بصلة. أربع سنوات من الكتابة في صفحات “في وهجير” ما السر بعد ذلك في ابتعادك عنها؟ والله إنها من أجمل أيام عمري، فهي أرض خصبة يحيط بها الصدق والوضوح والجمال من ثلاث جهات، والحب من الجهة الرابعة، فعلى الرغم من أنني كتبت في غير مكان إلاّ أن ل “في وهجير” مكاناً خاصاً وركناً قصيّاً من القلب لا يوازيه ولا ينافسه أحد، وأنني كلما أتذكر أنني كتبت في “اليوم” أرفع.. أفرحُ بذلك والله.
هل يعني هذا ابتعاداً عن الكتابة، ام انها استراحة محارب، ام تفرغ لحامد الشاعر؟ أنا عندما أكتب فأنا لا أُهدرُ الوقت بل أُهدرُ أحزاني الواحد تلو الآخر، أنا أكتب لأنني أرى أنني كنتُ قادراً على تقديم ما يمكنه أن يضيف هذه الساحة والمتابع لها، ولا أحبذ حكاية استراحة محارب، لو قلت استراحة محارب لقلت ربما، والشعر معي في وقت وزمان هو بالنسبة لي كالأكل والشرب، لا أحتاج إلى وقت فراغ لأكتبه وأعيشه، بل إنه معي في نبضةٍ والتفاتة، وإن أردت السبب الحقيقي لعدم الكتابة في “اليوم”، فلأنني هرمتُ ولم أعد قادراً على الكتابة في مكان مهم ك”في وهجير”، ولكنني متابع لها في كل صغيرة وكبيرة وهي بيتي الثاني! لديك أسلوب في كتاباتك وطرحك يميل الى الجرأة.. ألا تزعجك ردود الفعل من بعض الشعراء المعنيين او جمهورهم؟ يزعجني من يخلط بين كوني أتكلم عن النص أم أنني أتكلم عن كاتبه، أنا قلت غير مرّة وفي أكثر من مكان إن دور الشاعر ينتهي بعد نشر نصّه ويأتي دور المتلقي ليقرأه بطريقته وبما يملكه من وعي وإحساس، وأنا عندما أتحدث عن نصٍ ما أتحدث عنه بمعزلٍ عن نجومية صاحبه، وقد انتقدت شعراء كباراً أحبهم وأقرأ لهم بنهم، ولكن لأنني كاتب يجب علي أن أضع النقاط على الحروف، ولا أخفيك أن هناك غضباً جارفاً من كثير من جمهورهم ولكنني عندما أقول ما أنا مؤمنٌ به فلا أبالي خاصةً أنني وأنا أقول ما أقول لا أقوله لأي سببٍ.. فلا عداوة لي مع أي شاعر ولله الحمد. إلى أي مدى حامد راضٍ عن نفسه؟ الرضا نسبي، لكنني وصلت إلى كل ما يمكن الوصول إليه من خلال الشعر والشعر فقط، أي شيء يحتاج الوصول إليه أمرٌ آخر غير الشعر لا أحبه ولا أحب الوصول إليه ولا به.
اين تجد نفسك مبدعاً.. في قلمك ام في قصائدك؟ أنا أرى أنني ما زلتُ في مرحلة الحبو، لكنني أيضاً ضد من يقول: أترك الحكم أولاً وأخيراً للقارئ، لأنني والله أصبحت لا أثق بالقارئ كثيراً، ولا أهتم برأي الأكثريّة كثيراً، أنا مع القلّة دائماً، فكثرة الجمهور تدل على سطحيّة ما تكتبه، لدرجة أنني رميت كثيراً من نصوصي لأنني رأيت تصفيقاً حاراً لها في أكثر من أمسية، المتابع يريد نصوص الوجبات السريعة، يريد أن يضحك، وأنا أكره أن أكون أضحوكة مهما كانت الأسباب، أكره النزول إلى المتلقي، المتلقي هو الذي يجب أن يرتقي إلى النص، وهناك قراء يستطيعون تمييز الغث من السمين والوصول إلى النص ولكنهم قلّة للأسف..
ما تقييمك للساحة ووضعها الراهن؟ الساحة قطعاً لم تكن كما كانت، بل إنها لم تعُد تقدِّم لنا شعراء حقيقيين، هي تحاول لكنني سرعان ما أكتشف أنها في الطريق الخطأ، هي تقدّم نجوماً فعلاً، لكنها لم تقدِّم شعراء مبدعين منذ خمس سنوات على الأقل. ماذا ينقص الساحة الشعرية في نظرك؟ ينقصها الشعر وشعراء يقدِّمونه على طريقة تركي حمدان. ما الذي يزعجك بالساحة، وما الذي يعجبك فيها؟ يزعجني فيها أنني لا أجد فيها ما يعجبني.
ما أقرب بيت لقلب حامد؟ كل الكلام اللي تقولون اقوله إلاّ يبه ما قد نطقها لساني ! ماهي آخر أبياتك؟ والله ولك وحشة مهي وحشة كلام وسط ما بين الضحكة وبين النحيب وحشة ترفرف بالمحبة والسلام وتقول يا لبا عيونك يالحبيب قصيدة تمنيت أنها لك، ولماذا؟ كل نصوص تركي حمدان العنزي.
الشعر له عدة أغراض، ومن أغراضه الهجاء، هل تطرَّق حامد مناور للهجاء؟ لا والله.. وأنا أرى أنه لا أسوأ من مديح من لا يستحق إلَّا هجاء من يستحق ومن لا يستحق. يزعجني من يخلط بين كوني أتكلم عن النص أو أنني أتكلم عن كاتبه، أنا قلت غير مرّة وفي أكثر من مكان أن دور الشاعر ينتهي بعد نشر نصّه، ويأتي دور المتلقي ليقرأه بطريقته وبما يملكه من وعي وإحساس. ما رأيك بشعراء المدح والهجاء؟ وما مدى رضاك عن نشر مثل هذه القصائد او طرحها امام الملأ؟ أنا مع مديح من يستحق، أما الهجاء فإنني أرى أنه أسوأ ما جاءنا به الشعر. هل استفاد حامد مناور من الشعر في حياته اكثر مما خسر؟ استفدت أنني معكم الآن وبينكم، وأن قراء “في وهجير” قرأوا لي ويقرأون لي الآن، أما إن كنت تقصد فائدة مادية فلا، ولم أبحث عنها قط ولو أردت لفعلت وقلت لك ما قاله: الشافعي عن امرئ القيس عندما سئل عن الغزل، قال: لو أردت لأنسيت الناس امرئ القيس، ولو أردت أنا لأنسيت الناس الشعراء الذين أصبحوا معروفين للقاصي والداني، وهم أكثر من أن أحصيهم لك، ولكنني على يقينٍ بأنك تعرفهم جيداً، وتعرف أنني لستُ منهم! شاعر تتمنى أن تجمعك به أمسية.. ولماذا؟ أحييتُ قبل سنوات أمسية مع فهد عافت وغازي العكشان.. وكانت من أجمل أمسياتي .. لكنني والله أرى أنني لستُ شاعر أمسيات، وأن ما أكتبه لا يصلح أن يُقرأ في أمسية، لا أقول كله بل أغلبه، وأتمنى أن أحيي أمسيةً وإن كان ولا بد فمع الشاعر الجميل سعد الحريص، على الأقل أسمعه عن قرب.
ثلاث رسائل لمن توجّهها؟ الأولى والثانية والثالثة إلى جريدة “اليوم”.. هذه الجريدة التي أحبها وأحب من يحبها. مساحة حرة.. وكلمة أخيرة؟ ما جيت للشعر متفرج ولأني كذا لي أصعب الشعر والعادي تركته لهم