بدأ الحوار الوطني في البحرين، ومثل أي حوار بدأت أطراف في شد الحبل، والأكثر ضجيجاً وشكوى هي الأطراف التي ارتبطت بالخارج فكراً ونهجا وتخطيطاً وتصرفاً، حسب الاثباتات الحكومية ونتائج المحاكمات التي جرت في البحرين. ولن تصمد أية حلول في بلد متنوع مثل البحرين إلا أن يكون القاسم المشترك والهدف وجوهر الولاء والعطاء في أدبيات النشاط العام والحركة السياسية هو البحرين فقط ولأجل استقلال هذه البلاد الكريمة وبناء مستقبل لها وحدها. وما أحدث الاضطرابات في البحرين ليس حركة وطنية صادقة تطالب بحقوقها أو ناشطين يوجهون نقداً قاسياً لأداء الحكومة، فذلك يراه كل إنسان وكل بحريني وعلى رأسهم عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى، حقا مشروعا يوجب الاهتمام والإصغاء. لكن ما أحدث الاضطرابات ونشر الفوضى وهيأ للمواجهة هو الأبواق التي تتحدث بلسان بحريني وتطلق شعارات ظاهرها حقوقي، لكن باطنها التزام حرفي بخطط وأدبيات وأوامر ومصالح دولة أجنبية هي إيران تجاهر بعدائها للبحرين ولدول الخليج. وكانت طهران ذاتها قد قمعت مواطنيها المحتجين على تزوير الانتخابات، بإجراءات قاسية وعنيفة وسقط بينهم قتلى وأرديت فتيات يافعات عزل في ميادين المظاهرات، وأدخلت طهران المئات من مواطنيها السجون، بحجة أنهم عملاء لشياطين الغرب على الرغم من أنهم يرفعون شعارات وطنية. وفي الوقت الذي ترفض حكومة إيران أي حوار مع المعارضة أو السماح لها بإبداء الرأي، وتقمعها بشدة وتخضعها لمحاكمات يقول الإيرانيون أنفسهم إنها مسيسة، قدمت البحرين المتهمين بأعمال تخريبية وجرائم قتل إلى محاكم قضائية ووفرت لهم وسائل الدفاع، ثم أمر عاهل البحرين بتأسيس لجنة تقصٍ مستقلة تحدد الأخطاء والمسببات للاضطرابات، وفوق ذلك بدأ الملك حمد قيادة حوار وطني شامل وصريح كي يعبر كل طرف عن رأيه ويسمع الآخر حجته، بعيداً عن صخب الشعارات وأصابع الدول العابثة والمؤامرات وبعيداً عن تأجيجات الفضائيات التي، لسبب في نفس المخططين، جعلت من البحرين القضية الوحيدة التي تعطيها كل الأهمية وتسليط الأضواء وانتقاء ضيوف يدلسون ويضللون أكثر مما يحللون. هذه هي البحرين، وطناً ومواطنين وقيادة، كبيرة في عطائها وصبرها ومبادرة لتخطي جراحها، كي يفتح كل بحريني عقله للمستقبل ويفتح قلبه للبحرين المستقلة وأن يعطي كل الولاء والمحبة والإخلاص للبحرين والبحرينيين وليس لغيرهم. وأن يعرف كل بحريني أن أي حل لأي مشكلة في البحرين لن يكون في غير البحرين وليس خارج حدودها، وأن الشعارات المستوردة تهدف إلى تحويل البحرينيين إلى أدوات لخطط ومؤامرات يعاني منها كثيرون، في لبنان والعراق، بعد أن صدقوها واعتقدوا بنزاهتها، ولكن هذه الشعارات انقلبت ضدهم وحاربتهم حينما دافعوا عن وطنهم وهويتهم.