لا أعرف لماذا نحن مشغولون بتضخيم بعض الأمور رغم أن هناك ما هو أهم على أجندتنا الوطنية سواء من حيث القضايا أو من حيث المهام أو المطالب. خلال أكثر من أسبوعين تابعت مجريات إعلامنا الذي أشغل نفسه كثيراً بقضية امرأة قادت سيارة ،كل صحفنا تعاملت مع الموضوع وكأننا في المريخ وليس على الأرض تماماً مثلما ننشغل كثيراً بجريمة قتل أو حادث سرقة. صحيح أن هناك جوانب إنسانية مؤثرة في جرائم القتل ، لكننا لا يجب أن نعتبرها خارجة عن طبيعة التعامل البشري بسلبياته قبل إيجابياته وبدوافعه قبل اهتماماته لنقع بعدها في فخ «شيطنة» الأشياء أو تفخيخها أو التملص منها وإنكارها وكأننا مدينة فاضلة. إننا بحاجة للحكمة في التعامل مع الأشياء فلا التهرب منها سيلغيها ولا افتعال ضجيج لها سيجعل منها شيئاً مؤثراً أو ذا قيمة.. نحن نجزم بأن مجتمعنا بخير .. ومشايخنا الأفاضل هم أقدر الناس على فهم الواقع الذي يعيشه العالم .. وقيادتنا حريصة كل الحرص على أمن وسلامة مجتمعناالدولة وعلى لسان كبار مسئوليها أعلنت أكثر من مرّة أن قضية قيادة المرأة، مرهونة برؤية مجتمعية وعرف عام وليست خاضعة لقانون يمنعها أو لا يجيزها ، المرأة في مجتمعنا الإسلامي العام مثل الرجل تماماً في الحقوق والواجبات ،المشكلة كلها مقننة بتقبل اجتماعي أو مزاج مجتمعي يقبل أو يرفض ، يشجع أو يستنكر وبالتالي فليس من الحكمة أبداً أن تأخذ هذه المساحة من الاهتمام ، تماماً مثل قضية مشاركة المرأة في الانتخابات والتي جعل منها كثيرون مشكلة لم يفهم بعضنا أنها رهينة بنفس الظروف التي تسمح أو لا تسمح، والمملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني يحفظهم الله تجري أكبر محاولات الإصلاح العام بتأنٍ ورويّة وفق هذا المناخ ووفق طبيعة الأشياء وتدرجها وتقبلها والتعامل معها ضمن معطيات عصر نعيشه ونتشارك فيه لا أن ننفصل عنه وبالطبع في أطر شريعتنا الغرّاء .. وربما كان إقرار مجلس الشورى قبل أيام مشاركة المرأة في الانتخابات وبدعم شرعي هو أكبر دلالة على أن المسألة كلها وبرمتها ليست إلا مجرد خطوات تماشي عملية التطور الاجتماعي لا أكثر ولا أقل. حكمة علمائنا الأفاضل في التعامل مع هذه القضايا جنبتنا مفاتن وأهواء كثيرة وسبق لمشايخنا الأفاضل أن أوضحوا الآراء الشرعية ومقتضيات العصر ، لكن بعضنا للأسف الشديد يحاول أن يبحث عن « فرقعة « ليطفو فوقها ونحن بكل تأكيد لا يمكن أن ننفصم مع واقعنا داخلياً أولاً ولا مع المحيط بنا. كلنا نذكر، كيف كانت النظرة للتقنية الحديثة الراديو مثلاً والذي اعترض كثيرون عليه باعتباره رجسا من عمل الشيطان، حكمة الملك عبد العزيز التي أدارت محطة القرآن الكريم أسقطت حجج المعارضين ، الدش الفضائي والذي كان هو الشيطان ذاته أصبح لا بيت يخلو منه ، الهاتف الجوال والذي كان يتم النظر إليه بريبة أصبح في يد كل شخص ، المشكلة إذاً ليست في التقنية، وليست في العلم، ولكن في الضوابط الاجتماعية للاستخدام والرقابة الذاتية التي تبيح أو تمنع. ليس صحيحاً أبداً محاولات الإشغال المتعمدة تلك والتي من شأنها أن تثير خلافات في الرأي العام وصدقوني لو قادت امرأة في الشارع فلن يسمع بها أحد وستعود إلى بيتها مخيّبة آمال كل من راهنوا على ضجيجها أو حاولوا استغلال موقفها للمزايدة علينا وعلى وطننا وشعبنا. إننا بحاجة للحكمة في التعامل مع الأشياء ،فلا التهرب منها سيلغيها ولا افتعال ضجيج لها سيجعل منها شيئاً مؤثراً أو ذا قيمة.. نحن نجزم بأن مجتمعنا بخير .. ومشايخنا الأفاضل هم أقدر الناس على فهم الواقع الذي يعيشه العالم .. وقيادتنا حريصة كل الحرص على أمن وسلامة مجتمعنا . وهذا يكفي. ** تذكر!! تذكر يا سيدي أن عقوبة العضو الفاسد قطعه .. وتذكر أيضاً أن هناك حقيقة تقول : إذا تخاصم اللصوص ظهر المسروق. ** وخزة.. أقول لهؤلاء وهؤلاء : خير الناس من فرح بالخير للناس.