أخيراً، خرجت التشكيلة الحكومية اللبنانية المدعومة من فريق 8 آذار / مارس إلى العلن، بضغط من دمشق على وجه الخصوص. وراجت أنباء أن سوريا ألحت، في الأيام الأخيرة وبضغط من الأوضاع المضطربة، على زوارها اللبنانيين بضرورة تشكيل الحكومة اللبنانية بأسرع ما يمكن. الرئيس سليمان وميقاتي وبري.. الاجتماع التداولي الأخير قبل إعلان التشكيل وأعلنت التشكيلة الجديدة خلال أربع ساعات تقريبا بعد مداولات جمعت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري في قصر بعبدا الرئاسي. ولعب الرئيس سليمان دورا أساسيا في إخراج التوليفة الحكومية، التي ضمت ثلاثين وزيرا، الى النور بعد تنازله عن حقيبة وزارية من حصته هي وزارة الشباب والرياضة لصالح فيصل كرامي المحسوب على المعارضة السنية السابقة، ما اضطر ميقاتي إلى ضم حليفه النائب أحمد كرامي الى الحكومة وإعطائه وزارة دولة، لتسجل الحكومة الميقاتية «سابقة» لم تحصل في الحكومات اللبنانية التي تألفت بعد اتفاق الطائف وهي تمثيل الطائفة السنية بسبعة مقاعد (أربعة منهم من طرابلس في شمال لبنان واثنين من بيروت) مقابل خمسة مقاعد للطائفة الشيعية. وهذا يعني أن الحكومة، بحسب مصادر مراقبة، ليست حكومة 8 آذار بقدر ما هي حكومة «وسطيين». «في الساعات الأخيرة كان قراري بالإقدام على هذا الأمر، بعد أن بدأت الأمور تسوء إلى درجة كان يصعب معها تشكيل حكومة بعد اليوم» بدأ ميقاتي مشاوراته مع رئيس الجمهورية ثم انضم إليهما رئيس المجلس بعد نحو ثلاث أرباع الساعة، ليتمحور النقاش حول ثلاث عقد هي الوزير السني السادس, والوزير الماروني السادس, والوزير الدرزي الثالث. إلا أن مداولات قصر بعبدا لم تنجح في تجاوز عقدة الوزير الدرزي الثالث حيث رفض النائب طلال ارسلان ، بعد الاعلان مراسيم التشكيل، المشاركة في الحكومة، وحمل في مؤتمر صحفي، بغضب، على ميقاتي. وكان أرسلان يطالب بحقيبة وزارية وليس حقيبة دولة. إعلان الحكومة عند الساعة الثالثة إلا الربع أعلن أمين عام مجلس الوزراء سهيل بوجي من بعبدا، صدور مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة وتلا بيان تضمن ثلاثة مراسيم تتعلق بقبول استقالة حكومة الرئيس سعد الدين الحريري وتسمية النائب محمد نجيب ميقاتي رئيسا لمجلس الوزراء وتشكيلة الحكومة الجديدة. ووقع المرسومين الأولين رئيس الجمهورية، فيما وقع الثالث الرئيسان سليمان وميقاتي. وضمت الحكومة الجديدة 13 وزيرا جديدا و11 وزيرا من الحكومة السابقة و5 وزراء من حكومات سابقة. وضمت التشكيلة الحكومية ما يلي: محمد نجيب ميقاتي رئيسا لمجلس الوزراء، سمير مقبل نائبا لرئيس مجلس الوزراء، طلال ارسلان وزير دولة (قدم استقالته فور تشكيل الحكومة)، نقولا فتوش وزير دولة لشؤون مجلس النواب، غازي العريضي وزيرا للأشغال العامة والنقل، علي قانصوه وزير دولة، علي حسن خليل وزيرا للصحة العامة، محمد الصفدي وزيرا للمالية، محمد فنيش وزير دولة لشؤون التنمية الإدارية، وائل ابو فاعور وزيرا للشؤون الاجتماعية، جبران باسيل وزيرا للطاقة والمياه، حسين الحاج حسن وزيرا للزراعة، شربل نحاس وزيرا للعمل، فادي عبود وزيرا للسياحة، سليم كرم وزير دولة، علاء الدين ترو وزيرا للمهجرين، احمد كرامي وزير دولة، ناظم الخوري وزيرا للبيئة، فايز غصن وزيرا للدفاع الوطني، شكيب قرطباوي وزيرا للعدل، عدنان منصور وزيرا للخارجية والمغتربين، نقولا نحاس وزيرا للاقتصاد والتجارة، مروان شربل وزيرا للداخلية والبلديات، فريج صابونجيان وزيرا للصناعة، وليد الداعوق وزيرا للإعلام، بانوس مانجيان وزير دولة، حسان دياب وزيرا للتربية والتعليم العالي، غابي ليون وزيرا للثقافة، نقولا الصحناوي وزيرا للاتصالات، فيصل كرامي وزيرا للشباب والرياضة. ودعيت الحكومة لأخذ الصورة التذكارية مع سليمان وبري وميقاتي، عند الساعة العاشرة من قبل ظهر الثلاثاء. ميقاتي شكر ميقاتي اللبنانيين ومواكبتهم لتشكيل الحكومة العتيدة، وقال: «تحمّلتم مصاعب التشكيل وتمكّنا مع جميع المعنيين وبالتعاون مع فخامة رئيس الحمهوريّة ميشال سليمان من تذليلها، ونتطلع لنيل ثقتكم وثقة ممثليكم في الندوة البرلمانية». وفور إعلان الأمين العام لمجلس الوزراء استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري قال ميقاتي: «نحن نتمسّك بالسيادة واستقلال لبنان وتحرير ما تبقى من أرضنا من العدو الاسرائيلي والتمسّك باتفاق «الطائف، والعودة إلى الحوار تحت سقف الدستور، وهذه الثوابت تحفظ وحدة واستقلال لبنان، وتلتزم الدستور والقواعد التي يلتزم بها لبنان». وأشار إلى أنّ شعار حكومته سيكون «كلنا للوطن كلنا للعمل، ليقيننا بأنّ اللبنانيين ملّوا من الكلام ويريدون العمل». وأضاف: «إذ لفت إلى أنّ العالم منشغل ويتابع ما تشهده الدول العربيّة، نتابع ما يجري عندنا لحماية وطننا وتجنيب بلدنا المصاعب الاقتصادية والمالية، ونتطلّع لحق العودة ومنع التوطين». وأكّد، في الإطار عينه، أنّ «الحكومة حريصة على المحافظة على العلاقات مع جميع الدول العربيّة الشقيقة دون استثناء وتتطلع إلى التعاون الوثيق معها، وأنّ التزامات لبنان العربيّة والدوليّة هو من الثوابت في سياسة الحكومة مع تمسكنا بقرارنا ومصلحة بلادنا العليا». وتابع: «الحكومة هي حكومتكم أينما كنت في الموالاة أو المعارضة أو في الوسطيّة الفاعلة وأتمنى أن تكون على قدر آمالكم ومواجهة الأخطار والمصاعب». وشكر مساعي نبيه بري «هذه الحكومة لم تكن لتبصر النور لولا تضحيات رئيس المجلس النيابي نبيه بري وسعيه الدؤوب». ويرأس بري حركة أمل حليفة حزب الله وهو أقرب الموالين لدمشق. وبرر ميقاتي إعلان التشكيل على الرغم من الخلافات بقوله: «في الساعات الأخيرة كان قراري بالاقدام على هذا الأمر، بعد أن بدأت الامور تسوء الى درجة كان يصعب معها تشكيل حكومة بعد اليوم» مشيراً إلى أنه «جرى بعض التعديل على التشكيلة». ارسلان من جهة ثانية وفي شأن رفض النائب ارسلان المشاركة في الحكومة اشارت المعلومات الى أن ارسلان استدعى الاعلام اللبناني الى دارته في خلدة، للإدلاء بالموقف المناسب في غضون الساعات المقبلة، فهو لن يعلن الاستقالة لأنه يرفض مبدأ اعلان هذه الحكومة ومبدأ التعيين بالشكل الحالي «اعلان الاستقالة هو مثابة قبول التعيين أولاً، ونحن نرفض مبدأ التعيين». ضغوط سورية وفور إعلان الحكومة تلقى الرئيس سليمان اتصالاً هاتفياً من الرئيس السوري بشار الأسد هنأه فيه على تشكيلها. وراج أن ضغطاً سوريا أدى للإسراع بتشكيل الحكومة كي ينضم لبنان إلى الصوت السوري في مواجهة الضغوط الدولية.