لا يمكننا أن نحول بيننا وبين الاصابة بمرضٍ، أو التعرض لحادث ما، ولا يمكننا أيضاً أن نوقف تقدّمنا بالعمر، نحن جميعاً في هذه الحياة لنخوض التجارب الضرورية ولنتعلم مختلف الدروس من مختلف الصعاب، ولهذا فإن كل ما نستطيع عمله في مواجهتها هو أن نجعل هذه الحياة ممتدة حتى بعد رحيلنا، وأن نحول خبراتنا وتجاربنا إلى دروس نستفيد منها نحن بالمقام الأول ولمن سيأتي من بعدنا. حتى الأموات يمكنهم أن يكونوا ملهمين أو فاعلين. فلم يعطل المرض القاتل أحلام الشاب البريطاني «ستيفن سوتون» الذي يبلغ من العمر 19 عاماً، بل ان أحلامه أصبحت واقعاً ومحفزًا لجميع المرضى المصابين بالسرطان مثله حول العالم. لقد كان يعلم أنه سيغادر الحياة حتماً وفي وقت قصير.. ولهذا انتبه بأن عليه أن يعتني بأحلامه جيداً، لم يتعامل ستفين مع ما تبقى له من أيام بيأس واحباط وانسحاب مبكر، بل بإرادة وعزيمة وابتسامة لا يمكن أن ينساها كل من شاهد صورته في حجرة المستشفى بقناع الأكسجين المتدلّي، رافعاً بيديه علامة الانتصار والأمل، وكأنه يمتلك كل الحياة وليس بضعة أيام منها فقط. رغم أن «سوتون» أعد قائمة من 50 حلمًا يتمنى تحقيقه قبل رحيله عن الدنيا، ورغم أنه حقق العديد من هذه الأحلام مثل العزف على الطبول خلال المباراة النهائية لدوري الأبطال في «ويمبلي»، والهبوط بالمظلة وغيرها. لكن الحلم الاستثنائي الذي كان يتصدّر قائمته هو رغبته في جمع عشرة آلاف يورو لمؤسسة تكافح السرطان لدى الشباب، مما دعاه إلى إطلاق حملة إعلامية من غرفته في المشفى لجمع التبرعات. ولأن مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثيرها الباذخ على البريطانيين فقد تناقلت الحملة التي وصلت رقمًا شعبياً وقياسياً أدهش العالم. مما دعا هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إلى دعم حملة تبرع باسم «سوتون» على الهواء، مباشرة. وبينما كان ستيفن يتآكل من الداخل، وبينما كانت أعضاؤه تتهاوى وتلوّح لجسده بالوداع إلاّ أنه استطاع أن يحقق حلمه الاستثنائي ويتجاوزه أيضاً، حيث جمع (3 ملايين يورو) لمصلحة جمعية خيرية لعلاج المصابين بالسرطان. قبل أيام كتبت والدة «سوتون» على صفحة الفيسبوك خبر مفارقة ابنها للحياة أخيراً بعد أن قاتل كثيراً ليبقى على قيدها. نعم رحل هذا الشاب المفعم بالحياة، ورغم أنه فارقها صغيراً ويافعاً إلا أنه ما زال يعيش في قلوب الكثيرين الذين عمل لأجلهم. تويتر @hildaismail