مع حلول الإجازة الصيفية، نعود إلى طرح الموضوع الجدلي، حول المسميات الوظيفية في نظام الخدمة المدنية، ومزايا كل مسمى عن الآخر، وإن كانت وظائف المراتب والمستويات هي الأبرز لكون شاغليها هم الأكثرية في نظام الوظائف المدنية، وهي أقرب إلى تشابه المهام والأكثر اختلافا في المزايا المادية والمعنوية، والتي ترجح كفة موظفي المستويات التعليمية عن غيرهم. ولعل الإجازات وعدد ساعات العمل هي الأكثر وضوحا في فرق المزايا، حيث إن إجازات الكادر التعليمي قد تبلغ ثلاثة أشهر خلال العام، عدا الأعياد واليوم الوطني، وتعليق الدراسة، وكذلك الحوافز التي تمنح كإجازة إضافية؛ نظير تدريس مرحلة أو تنفيذ مهمة ندب لمدرسة أخرى، وعلى هذه الإجازات يأتي أيضا تقليص الدوام اليومي في نهاية العام الدراسي، وبدايته، بذريعة انه ليس هناك أعمال تقوم بها هذه الكوادر، وعلى الرغم من كل ذلك إلا أن هناك من يطالب بالمزيد وسط تشكي وتذمر هذه الفئة من قلة ما يقدم لها من حوافز! في المقابل، هناك الفئة الأخرى، وهم موظفو المراتب، والذي يرزحون تحت وطأة هذا النظام الذي يحتفظ بأنظمته العقيمة منذ عقود، دون أن يتسلل الجانب الإنساني، فيلطف فيها قليلا رحمة بتلك الأعداد الكبيرة واستجابة لتطور قوانين العمل والآليات التي تنجز بها هذه الأعمال، ووسائل التحفيز التي تراعي الجوانب النفسية للموظف، وتمنحه الدافعية لزيادة إنتاجية وتميزه في عمله، ومع أن موظفي المراتب يمثلون أكثرية موظفي الدول من الجنسين، غير أنهم الأقل في منح الامتيازات وتحسين الأوضاع الوظيفية، وحتى وجزء كبير منهم يتشارك في العمل مع موظفي المستوى في إدارة واحدة، كما هو حال إدارة التعليم والتي تضم الكادرين، إلا أن لكل فئة نظامها حسب المسمى. لذا، يتمتع التعليمي بالإجازات والحوافز المادية، والآخر ينتظم طوال العام في عمله غير الثلاثين يوما التي تمنح له كإجازة فقط. وهذا النظام، قد يتكيف معه الموظف الرجل، غير أن الموظفة التي هي أم وزوجة وربة عائلة تعاني من وطأته، وقد يتعاكس دوامها مع ظروف أو مناسبات عائلية خاصة في فصل الصيف، تجبرها على التغيب عن عملها وتتطلب مرونة وتسهيلا وذلك تقدير لوضعها، قد يتعذر البعض انه بإمكانها اخذ إجازة اعتيادية خلال هذه الفترة، وهنا يقف النظام حيث إنه لا يحق لها اخذ الإجازة إلا وفق شروط وإجراءات معقدة، تلعب فيها مزاجية الرئيس دورا كبيرا.