تنظر حكومتنا الرشيدة لقطاع الخدمة المدنية بأنه أحد القطاعات المهمة في الدولة التي تساهم في خدمة الوطن والمواطن عن طريق تأمين سير المرافق العامة وترجمة القرارات الحكومية إلى خدمات ملموسة للمواطنين وحماية النظام الاجتماعي. لقد اهتمت بلادنا بهذا القطاع فأوجدت له مئات الآلاف من الوظائف حيث يزيد عدد الوظائف المدنية بالدولة على المليون وظيفة موزعة على سائر المدن والمحافظات وأنشأت له الأجهزة التي تختص بشؤونه وفي مقدمتها مجلس الخدمة المدنية الذي يرأسه خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الوزراء وأصدرت عشرات الأنظمة التي تحكم أوضاع موظفيه ومنها نظام الخدمة المدنية ونظام القضاء ولائحة منسوبي الجامعات ولائحة الوظائف التعليمية ولائحة الوظائف الدبلوماسية ولائحة الوظائف الصحية، كما أوجدت العديد من الحوافز التي تدفع موظفيه للإخلاص في العمل والتفاني فيه. ومن أبرز هذه الحوافز الترقية، فالترقية تحمل بالنسبة للموظف العديد من المزايا المادية والمعنوية، فهي تؤدي إلى زيادة راتبه ولو بنسبة قليلة كما أنها تؤدي إلى رفع مستواه الوظيفي ومركزه الاجتماعي. وعلى الرغم من أن بعض خبراء الإدارة ينظرون للترقية بأنها أحد أساليب شغل الوظيفة العامة وليست حقاً مكتسباً للموظف كالراتب والإجازة، فإنه في بلادنا ينظر للترقية بأنها حق للموظف الكفء الذي أثبت جدارته وإخلاصه في عمله، فقد سبق أن صدرت العديد من التوجيهات الملكية بقصر المزايا الوظيفية على الموظفين المجدين ولا شك أن الترقية تعد من أهم هذه المزايا. إن الترقية وإن كانت أمراً محبباً لدى الموظف إلا أنها قد لا تحصل له بعد إكماله مدة الترقية وذلك لكثرة المكملين مدة الترقية ولأن الوظائف الشاغرة لا تغطي عددهم، ولذا فإنه قد يحصل توقف للعلاوة السنوية للموظف بسبب إكماله درجات مرتبته وبالتالي انعدام الزيادة في راتبه. ومن أجل معالجة ذلك سبق للمقام السامي أن وافق على زيادة درجات سلم رواتب الموظفين خمس درجات لتعويض الموظفين عن الترقية وزيادة دخلهم المادي ثم تمت زيادة. الرواتب بنسبة (5%) سنوياً لمدة ثلاث سنوات ثم تم تثبيت هذه الزيادة في الراتب، ثم جاءت المكرمة الملكية الأخيرة لمعالجة مشكلة عدم الترقية وذلك عن طريق الآتي: *منح الموظف الذي أمضى ثماني سنوات في مرتبته دون ترقية مكافأة سنوية من أول شهر محرم من كل عام بمقدار مبلغ العلاوة المقررة لمرتبته بشرط أن يكون بلغ الدرجة الأخيرة في مرتبته وأن يكون تقويم أدائه لا يقل عن جيد جداً وألا يكون معاقباً بالحرمان من العلاوة أو الحسم من راتبه مدة تزيد على خمسة عشر يوماً. *رفع مرتبة الموظف إلى مرتبة أعلى لمن أمضى اثنتي عشرة سنة دون ترقية بشرط توفر مؤهلات الوظيفة عند الرفع لديه وألا يكون لديه أحد موانع الترقية الواردة في النظام، وأن يكون مسمى الوظيفة الجديد يتمشى مع قواعد التصنيف وألا يؤدي الرفع إلى أن يكون في مرتبة أعلى من مرتبة رئيسه، وأن تكون الأولوية في الرفع للأقدم مرتبة. فهاتان الميزتان اللتان وردتا في المكرمة الملكية سوف يستفيد منهما الآلاف من الموظفين والموظفات حيث ستؤديان إلى زيادة دخلهم المادي وتحسين وضعهم المعنوي والوظيفي وهو توجه طيب يشكر عليه مجلس الخدمة المدنية إلا أنه يوجد من يرى أن ذلك لن يحل مشكلة التجمد بشكل كامل فهو قد يعالج المشكلة لعدة سنوات فقط، وقد يشجع ذلك على تفشي المحسوبية عند الترقية عند علم من يتعامل بذلك بأن الموظف الذي لم تتم ترقيته بعد إكماله الأربع سنوات بسبب لا يعود إليه سوف تعالج مشكلته بالمكافأة بعد إكماله ثماني سنوات في مرتبته وبالترقية بعد إكمال اثنتي عشرة سنة. ولذلك يرى هؤلاء أن البديل الأفضل هو رفع الوظيفة بشاغلها بعد إكمال الموظف مدة الترقية وهي أربع سنوات وقد يكون من الوارد زيادتها إلى ست سنوات كأحد ضوابط هذا الاقتراح إضافة إلى عدم وجود ملاحظات على الموظف وألا يقل تقدير كفايته عن جيد جداً وأن يكون قد تلقى تدريباً خلال مدة الأربع سنوات التي أمضاها في مرتبته، ومن مبررات هذا البديل أن زيادة الترقية ليست بالمبلغ الباهظ الذي يكلف ميزانية الجهة الإدارية. ويعتقد مؤيدو هذا البديل أنه سوف يشجع الموظفين على مزيد من الإخلاص والانضباط وسوف يؤدي إلى اختفاء المحسوبية في الترقية وسيحقق العدالة بين الموظفين.