تعاني عائلة سعودية بجميع أفرادها الذين يتجاوز عددهم 9 أفراد منذ عدة سنوات من أمراض نفسية دفعتهم إلى التردد الدائم على العيادات والمصحات النفسية في السعودية، وبدأت معاناة تلك الأسرة عندما أصيب ربها بمرض نفسي شديد. وتقول الزوجة التي لقبت نفسها بأم عبد الله: ان زوجها (علي) كان يعمل على تربية الأولاد والسهر على راحتهم، ورغم الفقر كنا نعيش في سعادة وراحة بال. وتصمت أم عبد الله قليلا، ثم ترجع بذاكرتها إلى اليوم الذي أصيب فيه زوجها بمرضه فتقول: بدأت مأساتي بعد أن تعرض زوجي لمرض نفسي، وفي أحد الأيام اعتدى علي بضرب مبرح؛ مما اضطرني إلى ترك البيت، واللجوء إلى دار أهلي في منطقة جازان، وبعد عدة أيام فوجئت باتصال من إحدى بناتي تخبرني فيه بأن والدها ضرب شقيقتها البالغة من العمر12 بعصا غليظة في مناطق مختلفة من جسدها مما أدى إلى وفاتها. وتتابع أم عبد الله قصتها والدموع تملأ عينيها: هرعت إلى الرياض كي ألقي نظرة أخيرة على ابنتي قبل ان تذهب إلى مثواها الأخير، ولكن ما أن شاهدت الجثمان حتى أصبت بانهيار عصبي، وأصابتني حالة اكتئاب شديد، مما جعلني أتردد بشكل مستمر على العيادات النفسية، وقد أثرت تلك الحادثة أيضا على جميع أولادي وبناتي؛ فأصبحوا أيضا من مرتادي المصحات النفسية. واختتمت (أم عبد الله) حديثها باكية: خرج زوجي بعد 4 سنوات من السجن؛ حيث أخذ القضاء بعين الاعتبار حالته النفسية والمرضية، وقد استقبلته في بيتي كي نعيش جميعا في بيت واحد، بعدما أُغلقت جميع الابواب في وجهه، ولم يقبل أحد أن يوظفه، وأيضا ليقيني بأنه بحاجة لملاذ آمن وقلب حنون يخفف عنه... هو زوجي وأبو أبنائي؛ ولا أملك خيارا آخر سوى الوقوف إلى جانبه. لا يذكر شيئا وقالت إحدى بنات أم عبد الله أن والدهم وبعد خروجه من السجن، وعند سؤاله عن الذنب الذي فعلته شقيقتهم الراحلة حتى ضربها ذلك الضرب المبرح، يجيب بأنها أخطأت وأنه قام بمعاقبتها بالضرب، وإن استفسروا عن خطئها يجيب: لا أتذكر ماذا فعلت، ولكنها أخطأت، وأما عن حالته الصحية فانه يأخذ بعض المهدئات عندما تأتيه الحالة كي لا تتكرر. أما الابنة الكبرى لأم عبد الله، والبالغة 25 عاما، والتي تعالج في المصحة النفسية التي يعالج بها والداها، فحاولت ان تتذكر ما حدث في ذلك اليوم قائلة: عندما سافرت والدتي وتركتنا مع والدي في المنزل، كنا نسعى دائما إلى إرضائه وعدم إغضابه، وفي يوم تعرض لنوبة صراخ أفقدته السيطرة على أعصابه، وقام بضربنا ضربا مبرحا، بما في ذلك المغفور لها أختي التي نالت قسطا اكبر من الضرب، حيث إننا انصرفنا جميعا من أمام ناظريه وبقيت تتلقى تلك الضربات. وتتابع الابنة الكبرى: ذهبنا إلى أختي لنطمئن عليها بعد أن انتهى والدي من ضربها، وصرنا نتحدث إليها وهي خائفة ومرعوبة، وفجأة توقفت عن الحركة وانقطع نفسها، وقمنا بتحريكها دون جدوى، فذهبنا إلى إيقاظ والدنا الذي كان قد خلد إلى النوم، فقام بنقل أختي للمستشفى مسرعا، وهناك تم القبض عليه وسجن، وبعد خروجه استقبلناه، وكأن شيئا لم يحدث.