الوقت معيار اقتصادي يحكم العديد من النظريات الاقتصادية ويؤثر الى حد كبير في نهجها. وتولي السياسات الاقتصادية للوقت اهتماما خاصا يجسد موضوعيتها ويحكم نجاحها. وقد تكون لبعض السياسات الاقتصادية اثار سلبية في الاجل القصير، ولكن هذه الاثار السلبية تزول في الاجل الطويل، فننعم بايجابيات تلك السياسات في نهاية المطاف ولو استدعى الامر التضحية بشكل مؤقت، ومن ثم فان الحكم على السياسات الاقتصادية يكون في الاجل الطويل، والنظرية الاقتصادية في مضمونها تعبير علمي عن المنطق الانساني، فهي قد تتغير من مكان لاخر ولكنها تحافظ على مضمونها وتتسق مع المنطق الانساني، وهي تتعامل مع الوقت بمرونة وتحاول التأقلم معه. الوقت كما نقول، كالسيف ان لم تقطعه قطعك. واستثمار الوقت بذكاء هو ان تطوع ماهو متاح بين يديك منه ليحقق لك اقصى عائد او فائدة ممكنة، واستثمار الوقت على هذا النحو يتطلب رؤية استراتيجية. وتتعامل النظرية الاقتصادية مع الوقت باعتباره عنصرا من عناصر التكلفة. وضبط التكاليف وترشيدها متطلب اساسي لتحقيق المكاسب الاقتصادية، وهو جزء من حسن استغلال واستثمار الموارد الاقتصادية المتاحة باشكالها المعنوية والمادية المختلفة. ولهذا كان الوقت معيارا اقتصاديا. ولهذا ايضا ينجح الاقتصاد عندما يفشل الاخرون. هذا التسنيد الاقتصادي للوقت مهم جدا، وهو ضروري في المرحلة التنموية الحالية التي يمر بها الاقتصاد السعودي، لان الوقت لم يعد يسمح بمبدأ التجربة والخطأ. نحن نحتاج الى استثمار الوقت بشكل افضل واكثر اهتماما في كل مناكب الحياة وعلى أي مستوى بصرف النظر عن موقع الانسان كمستهلك او كمنتج. فالوقت عامل اقتصادي حاسم له دور فاعل في الدورة الانتاجية باطرافها المتعددة. الوقت ثروة يحسن استغلالها وتفادي هدرها واسرافها. والمجتمع الذي يحترم الوقت هو الذي يستطيع ان يطوع ثروات الاقتصاد لخدمته فيحول قدرات الاقتصاد الى عناصر فاعلة تسهم في رفع مستوى الرفاه ودرجة النمو والازدهار. الانسان الذي يحكم السيطرة على وقته هو ذلك الانسان الذي يعرف كيف يتعامل مع نعم الله. وتقدير نعم الله شكل من اشكال الشكر، ولله الحمد والشكر أولا وأخيرا. في مسألة الوقت يدعم الاقتصاديون علماء الاجتماع وهم يدعون الى احترام الوقت كمظهر حضاري يعكس جدية الانسان والمجتمع.