بالمقارنة مع عام 2003, لم يشهد عام 2004 حربا واسعة النطاق ولا الصراع الحاد فى مجلس الامن الدولى, حتى فى الولاياتالمتحدة بالذات لم يحدث مثل الهجوم الارهابى الشبيه بحادث11 سبتمبر. ولكن, اذا نظرنا الى العالم نظرة عميقة فيمكننا ان نرى ان الخط الرئيسى لتطوير العلاقات السياسية الدولية فى عام 2004 ما زالت تتركز فى المجابهة بين الانفراد وتعدد الاقطاب, والصراع بين الانفراد وتعدد الجوانب بشأن النظرتين الى الانضباط العالمى, وبالجملة, ما زال الصراع بين الهيمنة وضد الهيمنة. تربط الولاياتالمتحدة بين مكافحة الارهاب والسعي الى الهيمنة ارتباطا وثيقا, وتروج بجهدها مؤامرة اقامة العالم بالانفراد.ان الولاياتالمتحدة ضحية. حادث 11 سبتمبر, ولقت حينها التعاطف والتأييد من جميع الدول فى العالم ولكن الولاياتالمتحدة تعتبر مكافحة الارهاب فرصة سانحة للسعى الى الهيمنة, ففى عام 2003, تجاوزت حرب العراق مدى مكافحة الارهاب الى حد كبير. وفى عام 2004, ربطت حكومة بوش مكافحة الارهاب بالسعى الى الهيمنة ارتباطا وثيقا وتقدمت بخطوة كبرى الى الامام بهذا الشأن. اولا: احتلت الولاياتالمتحدةالعراق وتعدت التشريعات المحلية لتتحكم فى مقدرات البلاد وتجعله قاعدة لتنفيذ خطة - الشرق الاوسط الكبير-. وبواسطة تأسيس الحكومة الافغانية الجديدة, وطدت الولاياتالمتحدة قاعدة تقدم الولاياتالمتحدة نحو جنوب آسيا وآسيا الوسطى. ثانيا: منذ ان استخدمت الولاياتالمتحدة حرب افغانستان فى دس قدميها فى آسيا الوسطى, اقامت واستأجرت ما لا يقل عن 6 قواعد جوية ومدت ذراعها الى منطقة القوقاز الخارجية, واقامت فى غيورغياسلطة تتودد لها. خلال الفترات الاخيرة دست أنفها فى انتخاب اوكرانيا تأييدا للفئة القريبة منها محاولة فى تزايد اضعاف وفك كومينولث الدول المستقلة. ثالثا: تربط الولاياتالمتحدة مكافحة الارهاب بمعارضة الانتشار النووى ارتباطا وثيقا وتعجل ببناء شبكة خاصة بالمعارضة الدولية للانتشار النووى برئاسة الولاياتالمتحدة. رابعا: ادخلت الولاياتالمتحدة تعديلات كبيرة على الترتيبات العسكرية فى كل العالم, وربطة مكافحة الارهاب بكبح الدول الناهضة التى تمثل تهديدا أمنيا. ايضا فى هذا العام كان احد الأمور الواضحة لمحاولة تطوير تعدد الاقطاب هو توسع الاتحاد الاوربى واجازة دستور الاتحاد الاوربى مما يعزز دوره فى الشئون الدولية. والرمز الاخر لتعدد الاقطاب هو تلاشى اوهام روسيا فى الولاياتالمتحدة تماما. بالرغم من ان روسياوالولاياتالمتحدة تبذلان جهودهما فى تحسين وتنمية علاقاتهما الا ان روسيا تزيد من حذرها من الولاياتالمتحدة بصورة واضحة. تتخذ كل من روسياوالولاياتالمتحدة موقفها العدائى ازاء الانتخاب فى اوكرانيا وذلك يتنبأ بتعمق الازمة فى العلاقات بين روسياوالولاياتالمتحدة. نهضت الصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا والدول الاخرى فى الدول النامية وتعزز التعاون بينها مما اصبح قوة هامة فتطوير تعدد الاقطاب, وخاصة, ترتفع مكانة الصين الدولية مع الاستمرار فى قوتها الوطنية الشاملة. اضافة الى ذلك, شهد التعاون بين المناطق ومنظمات التعاون فى شبه الاقاليم تطورا جديدا. على سبيل المثال, خطا التكامل الافريقى خطوة اخرى الى الامام. كما تعزز الاجتماع الآسيوى والاوروبى ومنظمة شانغهاى للتعاون واتحاد التعاون الاقليمى فى جنوب اسيا وذلك اصبح قوة دافعة جديدة لتطوير تعدد الاقطاب. الاستمرار فى الصراع بين تعدد الجوانب والانفراد فى هيئة الاممالمتحدة فى سبتمبر عام 2003 تقدم امين عام الاممالمتحدة عنان غيره فى انتقاد الانفراد الذى تنفذه الولاياتالمتحدة فى شن حرب العراق اهمالا الاممالمتحدة, واكد مرة اخرى اهمية احترام الادارة القانونية, والواقع انه استمر فى انتقاد الانفراد. منذ سنة, حاولت الولاياتالمتحدة فرض الهيمنة على الاممالمتحدةمرات. ومن المتوقع ان تستمر المجابهة بين الانفراد وتعدد الاقطاب والصراع بين الهيمنة وضد الهيمنة لفترات طويلة, ليصبح ذلك خطا رئيسيا يشرف على اتجاه تطور الوضع السياسى الدولى خلال الفترات الطويلة نسبيا.