خلال السنوات الاخيرة, شهدت عبارة - المبادرة بالضرب- ذبذبات اعلى فأعلى. ومع صوت اطلاق الرصاص فى حرب العراق, شهدت الانفجارات الارهابية اشتدادا يوما بعد يوم. السؤال الذى يفرض نفسه كيف اصبحت استراتيجية ضرب الارهابيين المرسومة فى السابق مادة حافزة؟ الدليل ان الشعب العراقى البريء لقى الامرين من قبل الارهابيين المتغطرسين, سقط زعماء الدولة من مناصبهم خير المثل هو رئيس الوزراء الاسبانى ازنار. لا ندرى من هو المخطىء؟ لكننا نرى بوضوح نقطة واحدة هى ان حرب العراق التى تمثل عملا نموذجيا للمبادرة بالضرب لم تحقق انتصارا نهائيا فيها بعد, وعكس ذلك, اصبحت عقبة فى طريق اعادة انتخاب الرئيس بوش. رغم ذلك قدمت الدول العديدة بما فى ذلك اليابان وفرنسا واسرائيل استراتيجية المبادرة بالضرب بعد حرب العراق. تقدمت اليابان على غيرها فى تقديم المبادرة بالضرب. الدليل ان اليابان هى اول دولة تستخدم المبادرة بالضرب . فى يوم 24 مارس, جاء فى ملاحظات عامة لاستراتيجية اسيا الشرقية اصدرها معهد الدفاع اليابانى ان اليابان تستطيع ان تستخدم وسيلة (المبادرة بالضرب) لاجل الدفاع الذاتى, لتشن هجوما على قواعد عدوها الصاروخية. الواقع ان أبكر الدول هى اليابان ايضا فى اعتبار (المبادرة بالضرب) مفهوما استراتيجيا.الدليل انه فى يوليو عام 1999, جاء فى (الكتاب الابيض للدفاع) الذى اصدرته وزارة الدفاع اليابانية ان اليابان تستطيع ان تلجأ الى المبادرة بالضرب فى الهجوم على القواعد الاجنبية وذلك قبل مواجهة الهجوم الصاروخى او الغزو العسكرى. بعد سنة, طرح الرئيس الامريكى بوش ايضا استراتيجية المبادرة بالضرب, وشن بالتعاون مع بريطانيا حرب العراق على اساس المبادرة بالضرب فى عام 2003 . ثم انتشرت (المبادرة بالضرب) كفيروس, اذ انضمت الى صفوف (المبادرة بالضرب) كل من استرالياوروسيا وفرنسا واسرائيل والهند.وضعت جميع الدول استراتيجيات (المبادرة بالضرب) الخاصة لها واحدة تلو الاخرى وذلك له صلة بالخلفية الدولية بعد الحرب الباردة. فى الحرب الباردة, تمتعت القوتان العظميان بالقدرة على القيام بالضرب النووى, وذلك ليجعل اى جانب منهما لا يجرؤ على تنفيذ استراتيجية (المبادرة بالضرب), وحطم الانتهاء من الحرب الباردة هذه الموازنة. وتم شن حرب كوسوفو بحجة التدخل الانسانى, وطرح مسألة للناس لاول مرة: ايهما اكبر, حقوق الانسان ام سيادة الدولة؟ وفقا لمبدأ سيادة الدولة الذى حددته معاهدة وستفاليا للسلام, لا يمكن شن هجوم المبادرة بالضرب العسكرى على دولة ذات سيادة بحجة حقوق الانسان, ولكن الولاياتالمتحدة ودولا اخرى ترى انه رغم مخالفة مبدأ استقلال سيادة الدولة الا ان منع الذبح الواسع النطاق والمطاردة القومية لا يمكن تجنبهما اخلاقيا. ان ظهور الارهاب الدولى خاصة وقوع حادث 11 سبتمبراضفى على الانفراد والمبادرة بالضرب اللتين تنفذهما بعض الدول الغربية حجة جديدة. وهكذا, فان مبدأ استقلال سيادة الدولة ومبدأ الامن الجماعى ونظام القانون الدولى الحالى لنيابة - دستور الاممالمتحدة- تواجه تحديات لا مثيل لها. للدول الكبرى قصد خاص للقيام بالمبادرة بالضرب يجب ان نولى اكبر اهتمام للمبادرة بالضرب التى تسعى اليه الولاياتالمتحدةوروسياواليابان. فى الولاياتالمتحدة, لاستراتيجية المبادرة بالضرب صلة وثيقة بالتدخل الانسانى وحرب مكافحة الارهاب والانفراد والامبريالية الجديدة والمحافظية الجديدة, وذلك تجسيد مختلف منبثق من الخلفية المشتركة الواحدة. مع انحلال الاتحاد السوفياتى وتدهور اقتصاد روسيا, لا تتمتع روسيا بالقوة الفعلية للتنافس مع الولاياتالمتحدة فى الهيمنة, فتزايدت هذه الحالة اعتمادا على الاسلحة النووية. اكد بوتين مرات ان روسيا لن تتخلى عن المبادرة بالضرب, وتحافظ على حقها فى استخدام الاسلحة النووية اولا. يمكن القول ان المبادرة بالضرب لروسيا تعد سياسة تنفذها لاجل تهديد جانب العدو واكتساب المبادرة الاستراتيجية فى ظل ظروف الضعف. قدمت اليابان مرتين المبادرة بالضرب, ويبدو ان ذلك يهدف الى كوريا الديمقراطية فى الظاهر ولكن لها هدفا محددا اخر فى الباطن. تحاول اليابان ان تحافظ على المبادرة الاستراتيجية بالمبادرة بالضرب. اليابان لها تقاليد عسكرية وتاريخ لشن الحرب العدوانية ونقص فى الفحص الحقيقى واحتمال لتطوير التسلح النووى, لذلك فان استراتيجيتها الرامية الى المبادرة بالضرب تمتاز باكثر خطورة قياسا بالدول الاخرى. من يقدر على كبح المبادرة بالضرب؟ بعد حرب العراق, مر وضع الوقاية من الانتشار النووى بتغيرات, اذ ان المسألة النووية شهدت شيئا واضحا غير متضيق, واشار محللون الى ان استراتيجية المبادرة بالضرب الامريكية جعلت ما يسمى دول محور الشرتشعر بهزة هائلة, وفقا للتقاليد الفكرية, فان امتلاك اسلحة الدمار الشامل خاصة الاسلحة النووية ستؤتى لهذه الدول قوة تهديدية وتقدم لها حاجزا امنيا قويا. بالرغم من ان اتجاه تعدد الاقطاب فى العالم يعد تيارا لا يقاوم وازدياد قوة تعدد الجوانب بلا انقطاع الا ان ذلك لم يصل الى مستوى تحطيم انفراد الولاياتالمتحدة, وفى هذه الحالة, ربما لا تأتى بالامانة لتلك التلد الضعيفة رغم امتلاك الاسلحة النووية, وعكس ذلك تتاح للولايات المتحدة حجة لفرض الحصار حتى الضرب. وعلى هذا الاساس, كان لليبيا وايران وكوريا الديمقراطية فكرة جديدة. اذ قررت ليبيا التخلى عن خطة اسلحة الدمار الشامل وتسعى الى تطبيع العلاقات مع الولاياتالمتحدةوبريطانيا, اما تخفيف حدة التوتر فى المسألة النووية لايران وشبه جزيرة كوريا فتنتج عنه خلفية التعاون بين الدول الكبرى اخبرت تجارب الحربين العالميتين والحرب الباردة الناس بأن التعاون بين الدول الكبرى يتجلى باهمية عظمى. يجب على الناس ان يفكروا اكثر اى آلية للتعاون بين الدول الكبرى قادرة على كبح تنفيذ استراتيجية المبادرة بالضرب. ولكن حاليا, هناك منظمات دولية متعددة الجوانب وخاصة الاممالمتحدة لا ريب من خيار افضل لكبح استراتيجية المبادرة بالضرب, فلا يمكن اضعاف دور الاممالمتحدة بل يجب تعزيزه.