يتناول د. عاطف معتمد عبد الحميد، الخبير المتخصص قضايا الجغرافيا السياسية في كتابه: (استعادة روسيا مكانة القطب الدولي.. أزمة الفترة الانتقالية) والذي يحلل فيه المرحلة الراهنة التي تمر بها روسيا، كونها مرحلة انتقالية لا يمكن بأي حال الخروج منها بإجابات نهائية حول قدرة روسيا على العودة كقطب دولي بعد عقدين من الزمن، والتي أطلق عليها المؤلف "مرحلة تجميع الحجارة". أظهرت الهزيمة الروسية في حرب الشيشان الأولى بين عامي 1994 – 1996 الحاجة إلى إصلاح القوات المسلحة الروسية لاسيما بعدما ترك حوالي 100 ألف ضابط العمل في الجيش وأصبحت الوحدات الروسية تعاني من عجز في الفنيين والمتخصصين واختلال التركيب القيادي للجيش مع تصاعد عدد الرتب العسكرية العلوية مقارنة بالجنود وتقادم غالبية المعدات العسكرية الروسية، بالتوازي مع الانهيار الاقتصادي الذي شهدته روسيا في أغسطس 1998، ومن ثم بدأت روسيا برنامج إصلاح بعد تولي بوتين الرئاسة في عام 2000 تحت إشراف وزير الدفاع الروسي آنذاك سيرجي إيفانونف. وشهدت ميزانية برنامج التسليح زيادة مضطردة؛ ففي غضون سنوات قليلة تصاعدت من 25 مليار دولار إلى 150 مليار دولار لاستبدال 50% من الأسلحة الروسية القديمة بحلول عام 2015 وتطوير أجيال جديدة من الصواريخ العابرة للقارات والتي أعلنت روسيا في عام 2007 أنها ستكون قادرة على اختراق الدرع الصاروخي الأمريكي. كما تتجه موسكو لتخفيض العدد الإجمالي لقواتها المسلحة ليصل إلى مليون جندي في عام 2012 بما يستلزم إغلاق عشرات المؤسسات العسكرية وإحالة ما يتراوح بين 150 إلى 350 ضابط للتقاعد.وعلى مستوى مبيعات السلاح، فإن روسيا تحتل حالياً المرتبة الثانية عالمياً بعد الولاياتالمتحدة في تصدير السلاح، فبينما تسيطر الولاياتالمتحدة على حوالي 40% من صفقات تصدير السلاح على المستوى العالمي، فإن روسيا سيطرت على حوالي 20% من صادرات الأسلحة عالمياً، وتوجه صادرات الأسلحة الروسية إلى أربعة أقاليم أساسية هي (آسيا بنسبة 62% من إجمالي صادرات الأسلحة الروسية، والمنطقة العربية بنسبة 15%، والقارة الإفريقية بنسبة 9%، وأمريكا اللاتينية بنسبة 2%). وتعود المرتبة المتقدمة لمبيعات السلاح الروسي إلى الأسعار المتدنية نسبياً بالمقارنة بنظيرتها الغربية وعدم وجود مشروطية أو انتقائية في اختيار الدول التي يتم تصدير السلاح إليها بالمقارنة بالولاياتالمتحدة، وتدر مبيعات السلاح على الاقتصاد الروسي ما يتراوح بين 7 و 9 مليار دولار سنوياً. مواجهة اختراق شرق أوروبا على مدار ما يقرب من عقدين خلال الفترة بين عامي 1991 و2009 واجهت روسيا اختراقاً لمجالها الحيوي من جانب حلف شمال الأطلنطي في ظل سياسته للتوسع شرقاً. وتمثلت أهم معالم ذلك الاختراق في انضمام بولندا لحلف الناتو في عام 1993 وتوجيه حلف الناتو لضربة عسكرية ليوغوسلافيا في عام 1999 وعجز روسيا عن تقديم الدعم للأشقاء من السلاف الجنوبيين، وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وتبني إدارة الرئيس بوش سياسة الحرب الاستباقية تمكنت الولاياتالمتحدة من تحويل أفغانستان لأكبر تجمع للقواعد العسكرية لحلف الناتو، وهو ما يعني مزيداً من اختراق منطقة النفوذ الروسية.ومما عزز قناعة موسكو بأن الولاياتالمتحدة لا تزال تتبع سياسة الاحتواء الجغرافي حيالها إعلان حلف الناتو في عام 2002 عن ضم أربع دول من شرق أوروبا هي رومانيا وبلغاريا وسلوفاكيا وسلوفينيا، إضافة إلى دول البلطيق الثلاث: استونيا وليتوانيا ولاتفيا؛ وهو ما دفع موسكو للقبول بعضوية الحلف بصفة مراقب في عام 2002 لأسباب برجماتية، وعقب الثورة البرتقالية المدعومة من الغرب في عام 2004 ازداد الحلف تقارباً مع أوكرانيا وبدأت في تنظيم مناورات منتظمة مع القوات الأوكرانية على مقربة من القاعدة العسكرية الأوكرانية في ميناء ستيفاستبول التي يؤجرها الأسطول الروسي.ولهذا بدأت المناوئة الروسية للولايات المتحدة في التصاعد منذ عام 2006 خلال مؤتمر ميونخ للأمن عندما انتقد الرئيس الروسي الأسبق فلاديمير بوتين النهج الأحادي لإدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش فيما يتعلق بنشر الدرع الصاروخي الأمريكي في بولندا والتشيك بما يهدد توازن القوى في القارة الأوروبية، وتفاقمت الخلافات الروسية الأمريكية حول تلك القضية، ما دفع موسكو لإلغاء معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا ومعاهدة الحد من انتشار الصواريخ الباليستية متوسطة المدى من طرف واحد، فضلاً عن تهديد روسيا بين عامي 2007 و2009 بنصب صواريخ إسكندر قصيرة المدى التي يصل مداها إلى 480 كم لتوجيهها لبولندا ودول شرق أوروبا التي سيتم فيها نشر منظومة الدرع الصاروخي، وأعلن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أن القوات الروسية ستتخذ من كاليننجراد مركزا للتشويش الإلكتروني على منصات الصواريخ الأمريكية في أوروبا.كما أثار استمرار حلف الناتو في التوسع شرقاً اعتراض روسيا لاسيما بعد الموافقة في إبريل 2008 على ضم ألبانيا وكرواتيا للحلف والبحث في إمكانية ضم أوكرانيا وجورجيا في المستقبل، وهو ما دفع روسيا لاختراق جورجيا عسكرياً في أغسطس 2008 عقب شن تبليسي لهجوم على إقليم أوسيتيا الجنوبية الانفصالي المدعوم من جانب موسكو، بما صاحبه إدانة واسعة النطاق من جانب الولاياتالمتحدة والدول الأعضاء في حلف الناتو. واستهدفت موسكو من ذلك التدخل العسكري استعادة قدرة الردع الروسية في شرق أوروبا وبث رسالة مفادها أنها لا ولن تقبل باستمرار توسعات حلف الناتو في مجالها الحيوي. مناورات الحديقة الخلفية وعلى مستوى آخر اتجهت موسكو للمناورة بطريقة عسكرية بالسعي لاختراق منطقة النفوذ الأمريكية في أمريكا اللاتينية، حيث توجهت بعض القطع البحرية من الأسطول الروسي مدعومة بقاذفات إستراتيجية من طراز تي يو – 160 إلى فنزويلا لإجراء مناورات عسكرية بعدها زارت القطع البحرية الروسية كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا في عام 2008 الذي شهد عقد صفقات تسلح بموجبها أمدت روسيا فنزويلا بعدد من الطائرات المقاتلة بالتوازي مع العلاقات الوثيقة مع كوبا، والتي تم تتويجها بتوقيع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف اتفاقيات ثنائية في مجالات الصناعات الدوائية والنقل والسياحة والسماح لشركات النفط الروسية بالتنقيب عن النفط في مياه الخليج المكسيكي.وعملت موسكو على تشجيع دول شرق أوروبا وآسيا الوسطى لتقليص التعاون العسكري مع الولاياتالمتحدة في مقابل تقديم مزايا تجارية تفضيلية أو دفع مقابل مادي ملائم، وهم ما أسفر عن قيام أوزبكستان في عام 2005 بإنهاء الوجود العسكري الأمريكي على أراضيها.وفي السياق ذاته نجحت موسكو في إقناع قرغيزيا في مطلع عام 2009 بإغلاق القاعدة العسكرية الأمريكية التي أقيمت على أراضيها منذ عام 2001، وذلك حين أعلن الرئيس القرغيزي كرمان بك بكاييف في ختام زيارته لموسكو قرار إغلاق قاعدة ماناس الجوية التي استخدمها حلف الناتو لإحكام السيطرة على أفغانستان. واتجهت روسيا لتشكيل تحالف مضاد لحلف الناتو للتصدي لاختراقه لمجالها الحيوي، فدعمت موسكو في عام 1996 تدشين منظمة شنغهاي للتعاون بعضوية روسيا وطاجيكستان وكازاخستان وقرغيزيا والصين وأوزباكستان، كتكتل إقليمي يهدف إلى الرفاهية الاقتصادية لشعوب آسيا الشمالية والوسطى، إلا أن الأهداف الرئيسية للمنظمة كانت ذات طبيعة أمنية وعسكرية بحيث بدأت دولها الأعضاء بتخفيض عدد قواتها على حدودها المشتركة، ودفعت توسعات حلف الناتو في شرق أوروبا وآسيا الوسطي روسيا لتحويل شنغهاي من منتدى اقتصادي إلى تحالف شبه عسكري، وهو ما اتضح في أغسطس 2007 لدى إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين الدول الأعضاء في المنظمة في جبال الأورال، بالتوازي مع عقد قمة منظمة شنغهاي في بشكيك بقرغيزيا، والذي تبعه إجراء مناورات عسكرية مشتركة في مدينة فهر أباد في طاجيكستان عام 2009 على الرغم من أن تلك المناورات جرت تحت شعار مكافحة الإرهاب الدولي والحركات الانفصالية.ولموازنة تمدد حلف الناتو نحو روسيا، سعت موسكو للتوسع في مناطق جيوسياسية جديدة لاسيما المحيط القطبي الشمالي بالنظر إلى ثرواته الطبيعية من النفط والغاز التي لم تستكشف بعد، وهو ما وضع روسيا في مواجهة الولاياتالمتحدة وكندا والدنمارك والنرويج لعدم وجود توافق حول الوضع القانوني للمحيط القطبي، لأن تطبيق قواعد القانون الدولي للبحار سيؤدي لاحتفاظ كل دولة بامتداد حدودي لا يتجاوز 370 كم وترك منطقة مساحتها 1.7 مليون كم كمياه دولية مفتوحة، ومما أسهم في تصاعد التوتر بين الدول المطلة على المحيط القطبي الشمالي قيام روسيا باستعراض قدراتها العلمية والعسكرية في عام 2007 من خلال إرسال بعثة علمية استكشافية هدفها الأساسي يتعدى حدود الاستكشاف العملي إلى تأكيد أن حدود الجرف القاري الروسي يمتد من جزر نوفو سيبرسك حتى أعماق القطب، وتمكنت البعثة من غرس العلم الروسي في عمق المحيط القطبي المتجمد على عمق 4000 متر، وهو ما دفع النرويج لرسم خرائط ملاحية للقطب الشمالي للكشف عن المنطقة التي تتبع جيولوجيا جزيرة جرينايلاند التابعة لها، وقد تكلف هذا النشاط الروسي حوالي 40 مليون دولار. هل عادت القطبية الثنائية من جديد؟ بعد كل هذه المؤشرات لمكامن القوة الروسية، فإن السؤال المطروح حالياً بقوة هو: إلى أي مدى تمكنت روسيا من استعادة مكانتها التاريخية كقطب دولي؟، وهل يمكن اعتبار المسارات السابقة للسياسة الخارجية الروسية مؤشرات دالة على عودة مكانة روسيا الدولية إلى ما كانت عليه قبيل انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991؟. في هذا الصدد يمكن القول إن روسيا استعادت جانبا كبيرا من مكانتها وهي لا تزال تمتلك مقومات الدولة الكبرى، لذا فإن اضطلاعها بدورٍ محوري في النظام الدولي لا يمكن الاختلاف عليه، ولكن روسيا لم تستعد مكانتها السابقة كقطب دولي بالنظر إلى مواجهتها لعدد من الإشكاليات الرئيسية تتمثل فيما يلي: أولا: الخلل الديموغرافي الذي تتعرض له روسيا على عدة مستويات أهمها: تركز السكان في الثلث الغربي من روسيا في مقابل تقلص الكثافة السكانية في الشق الشرقي (سيبيريا) وتناقص عدد السكان في روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي بما يقدر بحوالي 7 مليون نسمة، وتناقض أعداد السكان من ذوي الأصول السلافية بمعدلات سنوية تتراوح بين 4% و7%، في مقابل الزيادة السنوية للسكان ذوي الأصول القوقازية بنسبة 13%؛ وهو ما يثير مخاوف عدد كبير من أعضاء التيارات القومية الروسية وخاصة مع تصاعد عدد المهاجرين الأجانب إلى روسيا في عام 2008 إلى 7 ملايين؛ مما دفع القوميين المتعصبين لرفع شعارات من قبيل "روسيا للروس فقط" وتصاعد ممارسات الممارسات العنصرية والعنف ضد الأجانب. ثانيا: تعاني الديمقراطية الروسية من جوانب قصور هيكلية، نتيجة سيطرة حزب روسيا الموحدة على مجلس الدوما الروسي واحتكاره للسلطة السياسية واتباع نهج الاغتيال السياسي والتصفية الجسدية للمعارضين من قبيل اغتيال الصحفية الروسية أنا بولتيكوفسكايا في أكتوبر 2006 والسعي لتفتيت المعارضة السياسية واتهامها بالفساد والعمالة على غرار ما حدث مع رئيس الوزراء الروسي الأسبق ميخائيل كاسيانوف أو اعتقال رموز المعارضة مثل ميخائيل خوردفسكي ممول كتلة يابلانكا الليبرالية ورئيس شركة يوكوس النفطية الذي اعتقل في عام 2003 باتهامات تهرب ضريبي. وفي هذا السياق سجلت المنظمات الدولية في الانتخابات الرئاسية الروسية في عام 2008 ممارسات غير تنافسية متعددة وعمليات تزييف للنتائج، بما دفع المعارضة الروسية لوصف الانتخابات بأنها بمثابة تعيين من جانب بوتين لميدفيديف. ثالثا: التعددية العرقية والدينية وانخفاض مستوى معيشة الأقاليم البعيدة عن المركز يؤدي لتعزيز النزعات الانفصالية في الأقاليم الروسية المختلفة وخاصة الشيشان التي خاضت حربين شرستين ضد القوات الروسية بين عامي 1994 و2004؛ وهو ما دفع موسكو لاتباع نهج مركزي يقوم على عدم التخلي عن سلطوية النظام الحاكم للحيلولة دون نجاح أي من الجماعات الانفصالية في الانسلاخ عن الدولة المركزية أو الانفراد باستغلال الثروات الاقتصادية في الأقاليم التي تقطنها. رابعا: يواجه قطاع الطاقة الروسي عدة إشكاليات أهمها تذبذب الأسعار عالمياً وتقادم خطوط الأنابيب الروسية التي يتم من خلالها تصدير الغاز المسال وتصاعد احتمالات حظر التعامل مع ناقلات النفط الروسية من جانب الدول الأوروبية لعدم مراعاتها للمعايير البيئية، ناهيك عن توقع نضوب النفط الروسي في فترة تتراوح بين 12 و35 سنة على أقصى تقدير، وتحاول تركيا تقديم نفسها كبديل لروسيا في تأمين الواردات النفطية للقارة الأوروبية من خلال عقد تحالفات مع الدول المنتجة للغاز مثل أذربيجان والدول المستهلكة في جنوب أوروبا مثل اليونان وإيطاليا سعياً من جانبها لتمرير الغاز الأذاري لأوروبا عبر خط باكو – تبليسي – أرضوم المقرر الانتهاء منه في عام 2015. خامسا: لا تتسم منظمة شنغهاي للتعاون بالتماسك بين أعضائها لاختلاف أهداف الدول الأعضاء بها، فبينما تسعى موسكو لإنشاء تجمع عسكري آسيوي يواجه الاختراق الأمريكي لشرق أوروبا ووسط آسيا، فإن الصين تستهدف استغلال المنظمة للحصول على مزايا تجارية تفضيلية وإتاحة الفرصة أمام شركاتها للتنقيب عن النفط وتأمين تدفق واردات طاقة إضافية إليها، ويرتبط ذلك بأزمة الثقة بين الدول الأعضاء في المنظمة ومخاوف دول آسيا الوسطى من مساعي كل من روسيا والصين للهيمنة الإقليمية واستغلال مواردها الطبيعية. كما أن اختراق موسكو لأمريكا اللاتينية لا يشكل تهديداً كبيراً للولايات المتحدة لافتقاد التواصل البري وعائق اللغة، مقارنة بالتقارب الجغرافي بين مناطق النفوذ الأمريكية التقليدية في تركيا والشرق الأوسط وأوروبا الغربية والمناطق التي اخترقها حلف الناتو بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى. وختاماً يمكن القول إن روسيا الصاعدة، وإن لم تتمكن من استعادة موقعها التقليدي في النظام الدولي، فإنها حققت تقدماً ملحوظاً على المستويين الاقتصادي والعسكري وتجاوزت في غضون فترة وجيزة أزماتها الاقتصادية والاجتماعية لتعود من جديد لاعباً رئيسياً على مسرح دولي يشهد تغيرات هيكلية بوتيرة متسارعة.. ولذا ليس غريبا أنه لا تكاد مشكلة جيوسياسية في العالم إلا ولروسيا كلمة فيه. تقابلنا روسيا حين نراجع الأزمة النووية الكورية أو الإيرانية، وتقابلنا حين نتابع سباق اللاعبين الدوليين الرئيسيين في سوق السلاح، وفي أزمات البح الكاريبي، وفي تصدير النفط والغاز، وفي الصراع العربي – الإسرائيلي، بل حتى في مشهد تفصيلي داخل دولة عربية أو أخرى يخص جماعة دينية نجد روسيا حاضرة تبدي الرأي وتتخذ القرارات.وإذا ما راجعنا التنافسات الروسية الحالية مع مراكز القوة العالمية حول البحر الأسود، وبحر قزوين، وبحر البلطيق، والصراع على السيادة في شمال المحيط الهادئ مع اليابان، والتنافس مع الصين للسيطرة على آسيا الوسطى، فضلا عن تشابك المصالح في أوروبا الشرقية، ربما نندهش أن كافة هذه المشاهد تستند، كما جاء سابقا، من ممارسات مشابهة جرت قبل ثلاثة قرون على الأقل.ولذا تصدق بالتالي مقولة ليليا شيفتسوفا، الباحثة بمركز كارنيجي الأمريكي، حين قالت في عام 2006: "ما زالت روسيا اليوم قادرة على المسير، وهي تمضي رغم نكساتها وآلامها نحو المستقبل.. قد تبدو في سيرها عرجاء، إلا أنها تتحرك نحو الأمام".