نظرا ً للبطالة الفكرية التي يعيشها الشاعر والجوع لإثبات الذات الذي يضرب في أعماق روحه , ويقض مضجعه ( إن كان له مضجع ), فقد استمر هذا الشاعر المسكين , يشتري الوهم في أسواق السراب مما أرهق ذاته المبعثرة وأتعب محبيه بركضه المحموم خلف هذا الوهم , فمجلات الشعر الشعبي تناسلت وتكاثرت وتشعبت وتورم بعضها من هذا الخلل الفكري لدى الشاعر الشعبي , الذي يتوهم أن قيمة الحياة و إثبات الذات لا تتخلق إلا على صفحات هذه المجلات الانتهازية والتي يفتقد أغلبها لمبادئ العمل الإعلامي المتعارف عليه في كل بقاع الأرض , وليت الأمر توقف على هذه الخدعة التي يبدو أنه لا نهاية لها , وأن لها إمدادات وتشعبات وروافد تبدأ من جيب هذا الشاعر المعدم وتنتهي في جيوب باعة الوهم.. ولعل آخر هذه الخدع من باعة الوهم هو برنامج ( أمير القوافي ) الذي يذاع من إحدى القنوات الفضائية التي أصبحت تنافس المجلات الشعبية توالداً وتكاثراً وتناسلاً وانتهازية لا ضوابط لها , وفكرة هذا البرنامج تمثل نموجاً للسذاجة التي اعتادت كل وسائل الكسب من الشاعر الشعبي أن تتبعها , فهذا البرنامج قائم على إغراء كل من يبحث عن ذاته المفقودة , ليقف في طابور العرض ويلقي ما جادت به مزاعمه , ليتم التصويت على أميراته للشعر عبر الاتصالات الباهظة من خاصية ( 700) ونظراً لمحدودية فكر الشاعر الشعبي بوجهٍ عام , فإن الكثيرين منهم يلجأ إلى الشديد القوي من أصحابه ليعطيه هاتفه الجوال , ليقوم بعمليات ترشيحه المتتابعة والتي ستمنحه لقب ( أمير القوافي ) ممن لا يملك منح لقب ولا نزع لقب , وفي النهاية سينضم للقائمة السوداء لدى شركة الاتصالات مقابل لقب مازال الجد قائما حول استحقاق أحمد شوقي بكل قامة الشعرية له , ليأتي من يمنحه لشاعر شعبي ربما أنه لم يكتب أكثر من عشر قصائد بائسة. إن من يتأمل فكرة هذا البرنامج و آليات عمله , يدرك أنه فصل من فصول المسرحيات الهزيلة التي تعرض على مدار الساعة على مسرح الساحة الشعبية , وطالما أن الشاعر الشعبي بهذه السذاجة والبدائية من حق أي جهة أن تبيع له الوهم , ولكن من حقنا أن نقول انه ( أمير يشتري الوهم ) أو بصورة أدق أمير الوهم إن كان للوهم إمارة , ولكن من سيحمي أسماع الناس وصفحات الجرائد من ادعاء هذا الوهم , ماذا سيكون مصير الإمارة بعد عشرين حلقة عندما يكون هناك عشرون أميرا, هل ستكون هناك حلقة خاصة لاختيار أمير أمراء القوافي, أم أن الإمارة المذكورة ذات صلاحية زمنية محدود كأن يكون الأمير المُنصب أميرا للقوافي لمدة أسبوع ثم يطاح به في انقلاب دراماتيكي..!! بقي تساؤل مهم لأسرة البرنامج الذين أثق بهم بحكم مزاملتي لهم في موقع على شبكة المعلومات العالمية فترة من الزمن , هل تمويل البرنامج مادياً هو السبب في هذا الالتفاف على جيوب الشعراء الفارغة , أم هي قناعات بصحة التوجه , إن كانت الأولى فأعتقد أن البحث عن راع ٍ مقتدر ربما كان خياراً أفضل وأكثر مصداقية للإمارة والأمير , أما إن كانت الأخرى فالله المستعان.