بدأت أمس اكبر عملية اغاثة في العالم لمساعدة دول اسيا التي ضربتها الامواج العاتية الناجمة عن زلزال في قاع المحيط الهندي ودمرت البلدات الساحلية مخلفة وراءها الموت والدمار والمآسي, ليودع العالم عام 2004 على مشاهد كارثية غير مسبوقة اذا نظرنا الى حجم الزلزال.ويشارك في عملية الاغاثة عدد من الدول الاسيوية المجاورة للدول المنكوبة ودول اوروبا والولاياتالمتحدة ومنظمات الاغاثة الدولية وعدد لا يحصى من الافراد الذين يقدمون المساعدات الفردية بشكل مستقل، إلا ان الاطباء الاجانب وعمال الاغاثة يواجهون دمارا واسعا واعدادا هائلة من الموتى وصلت الى اكثر من 55 الف شخص.واطلقت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ولجنة الهلال الاحمر نداء لجمع مبلغ 44 مليون دولار لتوفير المساعدات الفورية للضحايا. وقال ماركو نيسكالا الامين العام للمنظمة في جنيف نحن نواجه تحديا هائلا بسبب اتساع المناطق المتضررة.. لم نر حتى الان سوى القدر الطفيف من الماسأة. وافادت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ان الوضع هائل ومريع لدرجة انها اضطرت الى استخدام مخزونات كبيرة من الفراش والاغطية والملابس وادوات الطبخ الى سريلانكا التي قتل فيها حوالي 18000 شخص واصبح 200 الف اخرين دون مأوى.وقال المفوض الاعلى للاجئين رود لوبير في جنيف ان امداداتنا تكون عادة للمشردين ولكن هذه حالة طارئة والسكان المحليون بحاجة الى مساعدة في الوقت الحالي. ووصلت الى سريلانكا طائرات محملة بمواد الاغاثة والموظفين الطبيين من الصين والدنمارك وفرنسا والهند وروسيا.وفي الهند المجاورة التي قتل فيها اكثر من 8500 شخص، اصدرت لجنة الصليب الاحمر المحلية نداء لتقديم الاغذية والملابس وادوات الطبخ فيما خصصت الحكومة مساعدات فورية بقيمة 114 مليون دولار. وحذر عمال الاغاثة من كارثة صحية بعد ان اكتظت المخيمات في الهند بالناس المحتاجين الى الاغذية والمياه والمأوى وبدأت الامراض التي تسبب الاسهال بالظهور. وقالت ليزيت برغرز مسؤولة صندوق رعاية الطفولة (اليونيسيف) اثناء تفقدها الوضع في جنوب الهند ان جلب الماء النظيف الى الناس في المخيمات امر هام في هذه المرحلة لمنع انتشار الامراض. ومن بين الدول الاخرى التي دمرت بنيتها التحتية وشرد سكانها اندونيسيا وميانمار وتايلاند وماليزيا وسريلانكا. وذكرت اندونيسيا ان عدد القتلى فيها تجاوز 27 الف شخص لتكون بذلك اكثر الدول الاسيوية تضررا ممن الكارثة. ويتوقع ان يرتفع عدد القتلى في اقليم اتشيه القريب من مركز الزلزال الذي ادى الى الامواج العاتية اذا لم تصل المعونات اليه خلال ايام. وقال هادي كوسويو من الاتحاد الدولي للصليب الاحمر في جاكرتا نستطيع ان نقول انه بعد امواج عنيفة بهذا الشكل فان حمى الضنك والاسهال سينتشران. وفي مقر الاممالمتحدة في نيويورك قال يان اغلاند وكيل الامين العام للشؤون الانسانية في الاممالمتحدة للصحافيين ان عملية الاغاثة ستكون الاكبر في التاريخ. واوضح هناك الاف القتلى من البشر وعشرات الآلاف من الحيوانات النافقة، يجب دفن البشر والتخلص من جثث الحيوانات قبل ان تلوث مياه الشرب. وهذه عملية هائلة. وسارعت دول اسيا التي لم تتأثر بالكارثة الى تقديم المعونات. فقد قدمت اليابان 40 مليون دولار لمساعدات الاغذية والادوية والمأوى الطارئة فيما ارسلت سنغافورة والفيليبين فرقا طبية الى تايلاندواندونيسيا. وقدمت الصين مبلغ 602 مليون دولار للهند واندونيسياوتايلاندوسريلانكا والمالديف. وقال بنك التنمية الاسوي انه عرض مساعدات فورية للعديد من الدول المنكوبة. وصرح رئيس البنك تاداو تشينون الواضح ان هذه مأساة كبرى كلفت خسارة مريعة في الارواح. ووعد لي كا شينغ الثري من هونغ كونغ بتقديم ثلاثة ملايين دولار لمساعدة الضحايا واعادة البناء لان المعاناة التي سببتها الكارثة احزنته. ووصلت طائرتان استراليتان محملتان بمواد الاغاثة وتقلان فرقا طبية الى اندونيسيا ومن المقرر ان تصل طائرتان اخريان اليوم الاربعاء. ومن المقرر ان تتوجه طائرة تابعة لخطوط فيرجن بلو الاسترالية المحلية الى منتجع فوكيت المدمر في تايلاند حيث يقدر ان سبعة الاف استرالي كانوا يقضون اجازاتهم هناك اصبحوا في عداد المفقودين. وسارعت الدول الاوروبية الى ارسال مساعدات الى الدول المنكوبة حالما يعرف حجم الكارثة كما اعلنت عديد منها زيادة مساعداتها المالية. ورافق وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه احدى طائرات الاغاثة الفرنسية التي توجهت الى سريلانكاوتايلاند وهي تحمل اطنانا من مواد الاغاثة وعددا من الفرق الطبية وخبراء الاغاثة. كما ارسلت المانيا كذلك فرقا من خبراء الاغاثة الى سريلانكاوتايلاند وتبرعت بمبلغ مليوني يورو الى الدول المنكوبة ووعدت بمساعدات اعادة اعمار على المدى البعيد. وتوجهت طائرة بريطانية تحمل الخيام والاغطية البلاستيكية الى كولومبو. كما توجهت ثلاث طائرات بلجيكية الى سريلانكاواندونيسيا. كما تبرعت تلك البلدان اضافة الى دول اوروبية اخرى الى حملة مساعدات من الاتحاد الاوروبي الذي تبرع بثلاثة ملايين يورو واعلن الثلاثاء انه سيتبرع بمبلغ 50 مليون يورو اضافية. واقترحت المفوضية الاوروبية عقد مؤتمر للمانحين الدوليين لتنسيق جهود الاغاثة. وفي حديث لاذاعة البي بي سي قال الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون انه من المهم بالفعل ان يقود شخص ما هذه الحملة. وفي واشنطن اعلنت الولاياتالمتحدة التبرع بمبلغ 20 مليون دولار اضافية بعد ان تبرعت مبدئيا بمبلغ 15 مليون دولار. وتبرعت كندا بمبلغ 203 ملايين دولار اميركي. وأعلنت المملكة العربية السعودية أمس أنها خصصت عشرة ملايين دولار لمساعدة منكوبي الزلزال والفيضانات في آسيا. واعلن المغرب انه سيرسل مساعدة عاجلة الى الدول المتضررة تشمل مواد طبية كاللقاحات واغطية. واضافة الى الجهود الحكومية فقد قامت المنظمات الاهلية والشركات الخاصة في العديد من الدول باطلاق النداءات لجمع الاموال للدول المنكوبة. ووصف وزير الخارجية الاميركي كولن باول بلاده بأنها لم تكن بخيلة في المساعدات التي ستقدمها لدول آسيا المتضررة من المد البحري. وقال لتلفزيون (سي إن إن) عقب انتقادات وجهها مسؤول بارز في الاممالمتحدة لدول العالم الغنية بسبب قلة المبالغ المالية التي قدمتها لمساعدة تلك البلدان، ان الولاياتالمتحدة ليست بخيلة، سنعمل المزيد، أتمنى لو ان تلك التصريحات لم تطلق. وقال باول لتلفزيون (ايه بي سي) ان العالم يستجيب الان لتلك الكارثة والولاياتالمتحدة قدمت مساعدات خلال السنوات الاربع الماضية اكثر من اي بلد او مجموعة دول. وأكد باول على ان الولاياتالمتحدة منحت او وعدت بمنح حوالى 15 مليون دولار وارسلت تسع طائرات استطلاع بي 3 و 12 طائرة نقل من طراز سي 130 تحمل مواد الاغاثة الى الدول المنكوبة. واكد على ان الولاياتالمتحدة ستكون من الدول المساهمة الرئيسية في الجهود الدولية للاغاثة. عمال الانقاذ يرفعون ضحايا الطوفان على شاحنة هندية مسنة تجلس بين حطام المنازل وسفن الصيد بالهند