يشكو المشرفون على مشارح بغداد عدم قدرتها على استيعاب الاعداد الكبيرة من جثث الضحايا التي تصلهم يوميا امام صغر حجم مركز الطب العدلي او مشرحة بغداد. فبينما كانت تستقبل تلك المشرحة التي يكتظ عند ابوبها يوميا آلاف الناس بحثا عن جثث اقاربهم الذين قتلوا في حوادث سلب او خطف او في العمليات العسكرية الامريكية قرابة عشرة جثث يوميا قبل الاحتلال الامريكي اصبحت تستقبل في اوضاعها الاعتيادية قرابة 30 جثة يوميا وربما تزيد الارقام الى الضعف في اوقات المواجهات الدموية في بغداد . ويقول الدكتور عبد الرزاق العبيدي معاون مدير معهد الطب العدلي (الطب الشرعي) في بغداد انه رغم ارتفاع عدد الموتى الذين ينقلون الى معهده الذي يسمى بمشرحة بغداد فان عدد الاطباء لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة ، حيث يوجد في عموم العراق عشرون طبيبا عدليا مما يجعل العمل في المشرحة صعبا للغاية ويتأخر تشريح الجثث الى عدة ايام فيما يقوم الاهالي بالضغط على المعهد او التهديد احيانا لاستلام جثث اقاربهم. ومنذ الاحتلال الامريكي للعراق اصبح عدد الجثث التي تستقبلها المشرحة يوميا فوق طاقة العاملين فيما يشعر المرء بان بغداد ستخلو من اهلها اذا ما رأى عدد الجثث التي تنقل او التي ما زالت مكدسة في ثلاجات المشرحة ، ويشير المسؤول عن سجلات قضايا القتل في بغداد بان مشارحنا مخصصة لاستيعاب ما بين خمس الى عشر جثث يوميا، لكننا الآن نستقبل ما بين 20 و 30 جثة في اليوم ويصف ذلك بالكارثة بكل معنى الكلمة موضحا ان السجلات الخاصة بالمشرحة المركزية في بغداد والمتعلقة بحالات القتل والجرائم العادية تؤكد ان المشرحة المركزية قد استقبلت (6635) جثة خلال العام الجاري . ومن جانبه كشف وزير الصحة العراقي علاء الدين العلوان عن معلومات تفيد بان العاصمة العراقيةبغداد تتصدر لائحة المدن العراقية من حيث عدد الوفيات جراء العمليات العسكرية واعمال العنف المسلح ، بينما تعد محافظة المثنى الأقل في هذا المجال. وقال العلوان في تصريح صحفي ان نسبة القتلى في العمليات العسكرية في بغداد خلال الاشهر الستة الماضية بلغت 1271 حالة وعدد الجرحى اكثر من 7 آلاف حالة ، فيما سجلت محافظة المثنى (7) حالات وفاة و(40) حالة اصابة. وجاءت محافظات الانبار والنجف وديالى بالمراتب الثانية والثالثة والرابعة بعد بغداد. واضاف ان الاعداد التخمينية التي تذكرها وسائل الاعلام مبالغ بها وان عدد الوفيات الناتجة عن العمليات العسكرية مدة ستة اشهر بلغ ثلاثة آلاف و(438) شخصاً وعدد الجرحى (15) ألفاً و(517) شخصاً. ومع هذه الارقام الكارثية فان المراقبين يشيرون الى ان الضحايا في العمليات العسكرية الامريكية في الفلوجة وغيرها من مناطق العراق مثل سامراء وتلعفر والنجف ومدينة الصدر لم تسجل حوادث الموت فيها اما بسبب عدم اخلاء اكثرها او دفنهم دون تسجيل ، حيث يعمد الاهالي الى ايجاد اية فرصة لدفن الجثث قبل تفسخها لكونها تظل عدة ايام مرمية في الطرقات.