استعرض الدكتور خالد بن محمد القصيبي وزير الاقتصاد والتخطيط تجربة المملكة الاقتصادية والانمائية وآفاقها المستقبلية باعتبارها تحتل موقعاً بارزاً بين تجارب البلدان العربية في منطقة الشرق الاوسط سواء من حيث الناتج المحلي للاجمالي الذي قدر بحوالي 932 بليون ريال او سعة السوق وتوفير الموارد وفرص الاستثمار. جاء ذلك خلال الملتقى الفكري الاسبوعي لسفارة خادم الحرمين الشريفين برعاية السفير ابراهيم السعد البراهيم سفير المملكة وعميد السلك الدبلوماسي العربي بالقاهرة وحضرها وزير التخطيط المصري عثمان محمد عثمان ورشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري وعبد الستار عشرة مستشار الاتحاد العام لغرف التجارة المصرية. واكد الدكتور القصيبي ان تجربة مجلس التعاون الخليجي نموذج يحتذى للتعاون على المستوى العربي لا سيما بعد الانجازات التي تحققت الى حد اقتراب المجلس من تحقيق الاتحاد الجمركي والوحدة النقدية عام 2010 مشيراً الى اهمية التعاون الاقتصادي بين البلدان العربية لمواجهة التكتلات الاقتصادية الاقليمية والتحديات الاقتصادية والانمائية الناجمة عن ارتفاع معدلات السكان وبالتالي زيادة نسبة البطالة لا سيما بين الشباب ووفقاً لبعض التقديرات تحتاج الى توفير 80 مليون فرصة عمل خلال السنوات القادمة. الانجازات وقال: ان المملكة شهدت خلال السنوات القليلة الماضية تطورات، انمائية واقتصادية ايجابية انعكست في ارتفاع مستويات المعيشة والارتقاء بنوعية الحياة وفقاً لمعايير الدخول والرفاهية المادية والخدمات الصحية والتعليمية والاسكان والعناية بالبيئة واستخدام وسائل التحضر اليومية والنقل والاتصالات ومثال على ذلك زادت مسافات الطرق من 8 الاف كم عام 1970 الى 51 الف كم عام 2004 وعدد الهواتف الثابتة من 29400 هاتف الى 3 ملايين و 700 الف هاتف خلال الفترة نفسها، كما ارتفع عدد التليفونات المحمولة من 160 ألفا عام 1995 الى 9 ملايين عام 2004، وزادت الطاقة الكهربائية من 1.8 بليون ك وات في الساعة عام 1970 الى 159.3 بليون كيلو وات في الساعة عام 2004 أي بزيادة قدرها حوالي 14.6 في المائة سنوياً كما زاد عدد الارصفة في المواني من 27 رصيفا عام 1975 الى 183 رصيفا عام 2004. وفي مجال المشاريع الضخمة تم انجاز مدينتي الجبيل وينبع خلال فترة زمنية قياسية وهاتان المدينتان تحتلان مكانتين مرموقتين على الصعيدين الاقليمي والعالمي في مجالات الصناعات البتروكيماوية حيث تحتضنان حوالي 218 منشأة صناعية ويعمل بهما ما يزيد على 85 الف عامل. ايضاً شهدت السنوات الخمس الماضية تحسنا واضحا في مؤشرات التنمية الصحية، حيث زادت نسبة الرعاية الصحية للامهات الحوامل من 86.8 في المائة عام 1999 الى 98.5 في المائة عام 2003، كما زاد عدد المستشفيات الكبيرة من 312 الى 338 مستشفى وزاد عدد الاسرة من 45729 الى 48761 خلال نفس الفترة كما زاد عدد المدارس في التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي من 21254 الى 43460 مدرسة وايضاً تم انجاز حوالي 300 الف وحدة سكنية وتوفير ما يقرب من مليون و 300 الف فرصة عمل خلال نفس الفترة كما قدر معدل النمو السنوي في الناتج المحلي الاجمالي بحوالي 9.98 في المائة رغم الظروف الاقتصادية والسياسية الدولية والاقليمية غير الملائمة. قاعدة التنويع وقال الدكتور القصيبي: ان اتباع سياسة تنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل الوطني في المملكة خفف من الاعتماد على الايرادات النفطية فخلال هذا العام بلغت مساهمات القطاعات غير النفطية حوالي 66.3 في المائة من الناتج المحلي واسهامات القطاع الخاص حوالي 43.6 في المائة للقطاعات غير النفطية، كما ارتفعت قيمة الصادرات السعودية من النفط في المنتجات النفطية ومنها البتروكيماويات والغذائية من 210 بلايين ريال عام 1999 الى 473 بليون ريال عام 2004. كما تضاعفت قيمة الصادرات غير النفطية من 22 بليون ريال الى 51 بليون ريال خلال نفس الفترة ويعزى هذا النمو بالدرجة الاولى الى تضافر عوامل عديدة في المملكة اهمها الانتفاع الامثل من الايرادات النفطية ليس فقط في تمويل الانفاق الحكومي والخدمات العامة بل وفي تمويل مشاريع التنمية العامة والصناعات الاستراتيجية واقامة البنية الاساسية فضلاً عن تشجيع القطاع الخاص بفضل الرؤية الحكيمة للقيادة السياسية بالمملكة. الخبرة التراكمية واشار الدكتور القصيبي الى الخبرة التراكمية للمملكة في مجال التخطيط الاقتصادي عبر سبع خطط خمسية سابقة وفقاً لأساليب منهجية ساعدت على رسم رؤية مستقبلية لمشروعات استراتيجية اقتصادية تمتد حتى عام 2005 بحيث تكون من اهم اولوياتها تنمية الموارد البشرية، تحسين مستويات المعيشة، زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد وتنمية الصناعات ذات المزايا التنافسية وتوفير متطلبات التنمية المستدامة وعلى هذا الاساس تعتمد الخطة الخمسية القادمة من 2005 الى 2009 على بناء قاعدة حديثة للعلوم والتقنية وتحسين التعليم خلال مراحله المختلفة والتدريب المهني وزيادة مشاركة المرأة في عملية التنمية ورعاية الفئات ذات الدخول المنخفضة وتوفير مزيد من فرص العمل بهدف رفع مستوى المعيشة للمواطن وهو ما يتطلب تعبئة الموارد والادخار لزيادة الاستثمارات وتشجيع القطاع الخاص المحلي وجذب رؤوس الاموال الوطنية في الخارج لاعادة استثمارها في المملكة فضلاً عن فتح المجالات امام الاستثمارات الاجنبية وفي هذا الصدد تم تنفيذ العديد من الاصلاحات والاجراءات المؤسسية والتنظيمية بهدف تحسين البيئة الاستثمارية لتشجيع القطاع الخاص "المحلي والاجنبي" كما تستهدف الخطة ايضاً تنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل الوطني في المملكة عن طريق زيادة الفعاليات الاقتصادية غير النفطية في توليد الناتج المحلي الاجمالي لكي يتجنب الاقتصاد الوطني التأثيرات السلبية للتقلبات المحتملة في اسواق النفط والطاقة الدولية ايضاً يهدف مشروع الخطة الخمسية القادمة الى تحقيق تنمية متوازنة بين جميع مناطق المملكة لتقليل الفجوة الانمائية من خلال توفير البنية الاساسية والخدمات العامة وبناء قواعد. مسيرة الاصلاح الاقتصادي وقال الدكتور القصيبي: ان مسيرة الاصلاح الاقتصادي التي انطلقت في المملكة منذ سنوات استهدفت تحقيق التنسيق بين ادوات السياسة المالية "الايرادات والنفقات" في الميزانية العامة وكان من مؤشراتها انخفاض الرقم القياسي لتكاليف المعيشة بمعدل 2 في المائة خلال العام الحالي وكذلك تحسين اداء المصارف وتطوير السوق المالية والخصخصة وازالة العقبات امام التجارة الخارجية وتشجيع تدفق رؤوس الاموال الاجنبية من خلال بعض القرارات والاجراءات التشريعية لتحسين كفاءة اداء الاجهزة الحكومية وفي هذا الصدد تم اعتماد نظام الاستثمار الاجنبي الجديد وانشاء الهيئة العامة للاستثمار ومركز الخدمات الشاملة للمستثمرين وهيئة تنظيم المدن الصناعية كما تم الترخيص لبنوك الاستثمار الدولي للعمل في المملكة واتخاذ كثير من الخطوات الهامة واللازمة لتحسين بيئة العمل ومناخ الاستثمار. الاستراتيجية المستقبلية واوضح الدكتور القصيبي ان الاستراتيجية الاقتصادية المستقبلية للمملكة تعتمد على تشجيع الشركات الاجنبية التي تمتلك الخبرات المتطورة والتقنيات الحديثة للاستثمار داخل المملكة بهدف زيادة التنمية. واشار الى عمق العلاقات الاقتصادية والاجتماعية التى تربط المملكة ومصر حيث تبادل الزيارات بين المسؤولين فى البلدين للمشاورات والمناقشات المشتركة فى كافة الامور التى تخصهم و بما يصب فى صالح الامة العربية . واشار الى قرب زيارة وزير التجارة والصناعة المصرى يصحبه وفد من رجال الاعمال المصريين التى ستتم فى العاشر من يناير المقبل لبحث العديد من المشروعات المشتركة وكذلك لإزالة كافة المعوقات التى تمنع انسياب السلع والتجارة بين البلدين. وقال: ان تجربة المملكة ونجاحها يصب فى خدمة البلاد العربية بشكل خاص والبلدان الاسلامية والنامية بشكل عام حيث إن التعاون الاقتصادى الوثيق بين المملكة وبين هذه الدول يخدم المصالح المشتركة بعد التغيرات الجذرية التي يشهدها النظام الاقتصادى العالمى مما يشكل تحديات لا يستهان بها للعديد من البلدان النامية. واشار الوزير الى ان الدول العربية اختبرت خلال العقود الماضية وسائل متنوعة لتعزيز التعاون الاقتصادى فيما بينها الا انها للاسف لم تحقق اهدافها المنشودة بعد لذا لابد من تحفيز الجهود على تطوير التعاون من خلال تفهم متطلبات التنمية الاقتصادية الوطنية لضمان نجاح مشاريع التعاون المشترك ، فعلى الرغم من اهمية العامل السياسى فى اقامة التكتلات الاقليمية الا انه لا ينبغى تجاوز دور العوامل الاخرى لتأمين سبل النجاح وفى ضوء سيادة اقتصادات السوق ، فان تماثل السياسات الاقتصادية فى مجالات حرية التجارة ودور الدولة الاقتصادى والسياسة الاستثمارية وغير ذلك يزيد من فرص نجاح تكتلها ويعزز قدرتها التنافسية واذا ما استعرضنا آفاق التعاون الاقتصادى العربى من جهة والتكتلات الاقتصادية من جهة اخرى. لابد ان نعترف بوجود تحديات اقتصادية وانمائية هامة فيها ، فالبلدان العربية تواجه معدلات نمو مرتفعة فى السكان ، وارتفاع معدلات البطالة وتشير التقديرات الى ان البلاد العربية تحتاج الى 80 مليون فرصة عمل جديدة خلال السنوات الخمس عشرة القادمة هذا علاوة على المشاركة المحدودة للمرأة فى العمل وضعف المنافسة فى الاسواق الدولية والتوسع الحضرى فى مقابل تخلف الريف والزراعة وتزايد ندرة الموارد المائية والمشاكل البيئية بالاضافة الى ضعف تجارتها البينية الامر الذى يتطلب مضاعفة الجهود لمواجهة تلك التحديات. د. القصيبي والبراهيم وجويلي في حوار قبل اللقاء