التجربة التعاونية الرائدة لدول الخليج الست ولدت لتبقى، فقد أكدت منذ انعقاد قمتها الأولى في العاصمة الإماراتية جدارتها لتحقيق مضامين ميثاقها الرامي لبلورة توجهات الدول الخليجية الأعضاء نحو مزيد من التكامل والتنسيق في سائر شؤونها السياسية والاقتصادية والإدارية ونحوها، والوصول إلى المراحل التكاملية بين الدول الخليجية الست لايبدو صعب المنال بحكم تجانس وتطابق التركيبة الاجتماعية والثقافية للدول الأعضاء، ولاشك أن المنظومة التعاونية كانت ولاتزال ضرورية لدول تسعى إلى توحيد جهودها في عدة قنوات حيوية في عصر اتسم بظهور تكتلات دولية هامة سيكون لها شأن كبير في مستقبل قريب منظور لا سيما في الشأن الاقتصادي على وجه التحديد وأحرى بالتجربة الخليجية أن تخوض غمار التكامل بين الدول الأعضاء في منظومتها بحكم أن الظروف والمناخات الحالية مواتية لتحقيق ذلك، وإزاء ذلك فإن قضايا التعاون الاقتصادي سوف تتصدر أعمال القمة التي بدأت اجتماعاتها التحضيرية يوم أمس في المنامة، وسوف تبحث القمة في مسائل جوهرية تهم دول المنظومة الست على رأسها ظاهرة الإرهاب وكيفية مواجهتها ووضع الآلية المناسبة لمعالجتها بشكل جماعي، وقد مثل توقيع وزراء داخلية مجلس التعاون في شهر مايو الماضي على اتفاقية مكافحة الإرهاب في إطار مجلس التعاون نقلة نوعية وهامة على طريق مكافحة تلك الآفة التي مازالت تهدد أمن واستقرار دول المنطقة ولابد من مواجهة مشتركة لمكافحتها كما أن الوضع في العراق يشكل خصوصية لدول المنطقة سوف تبحث بعناية فائقة نظير ما تواجهه المنطقة من تداعيات الأزمة العراقية التي يتوق زعماء دول المجلس إلى حلحلتها والخروج منها بسلام كما أن ملف علاقات دول المجلس مع إيران سيطرح على جدول أعمال القمة انطلاقا من مفهوم توازن المصالح المشتركة مع أهمية إيجاد مخرج سياسي مقبول لمشكلة الجزر الإماراتية الثلاث كما أن الملف النووي الإيراني سيكون محل نقاش القمة التي سوف تركز على أهمية اغلاقه بشكل حاسم وقاطع منعا لأية ذريعة تبيح للقوى الخارجية التدخل في شؤون المنطقة لا سيما أن إيران مازالت رافضة لوجود الترسانة النووية الإسرائيلية التي تمثل تهديدا صارخا للسلم والأمن الدوليين فدول المجلس يهمها أن تبقى منطقة الشرق الأوسط خالية تماما من أسلحة الدمار الشامل لتعرية إسرائيل من التبريرات والذرائع التي مازالت تتخذ منها خطوة التفافية بالاستناد إلى الملف النووي الإيراني المفتوح.