التقديرات المتفائلة تقول ان تسعة من كل عشرة ممن يطلق عليهم لقب شعراء والذين رفعوا مستوى الضجيج على مساحة وطننا الغالي , هم في الحقيقة من الغاوين الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم يتبعون الشعراء , ولكنهم أصبحوا في هذا الزمن هم الشعراء الذين يفعلون و لا يقولون , وفي كل بقعة ضوء (يتبطحون) , وسأناقش فعلهم حتى لا يظن أحد أن هذا الفعل فضيلة , لأنه ليس كل فعل يقوم به الإنسان هو شيء إيجابي , فالقتل فعل والسرقة فعل والرشوة فعل ولكن هذا الأفعال هي عبارة عن جرائم تعاقب عليها كل الشرائع السماوية وكل القوانين الوضعية .. في الظروف التي يسود فيها منطق العقل , كانت مهمة هؤلاء الغاوين هي متابعة الشعراء , وحفظ قصائدهم والتأثر بها , ونقل أخبارهم , والتباهي أمام الناس بأنهم أصدقاء للشعراء , ولكن في زمن اختلاط المفاهيم أصبحوا هم الشعراء الذين يثرثرون بما لا يفقهون , مما جعل القصيدة تتحول من عمل ٍ إبداعي إلى ثرثرة مسجوعة لا تقول شيء حتى و إن اعتقد القارئ العادي أنها تقول كل شيء , لذلك فإن هذه الثرثرة بحاجة إلى (المكيجة) التي تجعلها تصبح لدى العامة وكأنها قصيدة , وذلك من خلال المقدمات المعلبة التي تساق قبلها , والصورة التي تعلوها والأزمات التي تفتعل حولها , واللقاءات السخيفة التي تجرى مع مثرثرها , والمهاترات المفتعلة التي تثار بين الغاوي الذي كتبها وبين زملائه في المهنة.. هذه هي الحقيقة المغيبة , وهذا هو الواقع المسكوت عنه , خذوا ما شئتم من قصائد أغلب هؤلاء , وأخضعوها للفحص العابر , القادر على فهم الكلام العادي , بعيداً عن التصورات التي تستدعيها القوالب الشعرية , ماذا ستجدون .؟ ستجدون كلام بعضه لا معنى له , والبعض الآخر له معان ٍ سطحية وضعت في غير مكانها وجاءت في السياق الخطأ فأصبحت هي الخطأ بعينه. أما عن ممارسات هؤلاء الغاوين المندرجة تحت صيغة الفعل , فوالله ان الجبين ليندى من أفعالهم وغرورهم وصفاقتهم , والمؤلم أن هؤلاء البؤساء يعتقدون أن الحياة اكتسبت بوجودهم وجهاً مشرقاً , وأن الأدب يعيش في أزهى عصوره نتيجة مجهوداتهم , وأن الشعر قد تجاوز قدرة الإبداع البشري على يديهم , والمؤلم أن لديهم قدرة عجيبة على الإفلات من المقاضاة الأدبية , نتيجة اتباعهم أساليب همجية , تعتمد على القمع الفكري , وإن استدعى الأمر قد يتحول هذا القمع اللفظي إلى قمع بدني , يتنافى مع أخلاق الأدب , وسلوك الأديب. هذا هو الواقع الحقيقي لأغلب المتجولين في ساحة الشعر الشعبي , وفي الساحة المجاورة هناك فئة شبيهة لهؤلاء الغاوين , وإن كانت تختلف أساليب اغتصاب لقب الشاعر , فالأساليب في الساحة المجاورة تبدو أكثر رقياً ظاهرياً , بينما في الحقيقة أن كل فئة أتعس من الأخرى , والنتيجة ضياع الشعر وضياع الشاعر , وتدني سقف الإبداع. إنه زمن الغاوين الذين تجاوزوا حدود المنطق فاغتصبوا الشعر ولم يتوقفوا عند ذلك بل تمادوا في غيهم وغوايتهم فأخذوا يوجهون وينظرون ويدعون ويزعمون ويثرثرون في كل مساحة متاحة وغير متاحة , أما المبدعون فعليهم أن يعلقوا جراحهم خلف أسوار الصمت حتى يقضي الله أمرا ً كان مفعولا . همسات مكتوبة * للقارئ الكريم (سلطان الحربي) .. نص ( أغاني الدراويش ) كتبته قبل عام , ونشرته في منتدى القصمان ومنتدى شظايا الأدبي , لم أنشره في الصحافة , لأن النص متجاوز , والقفز على ضوابط النشر يحتاج إلى هدم النص و إعادة بنائه , وهذا يسرق الحياة من النص , دع من يسرق يسرق , الشيء الثمين أيها العزيز هو ما يغري بالسرقة , أما بخصوص معاوية رضي الله عنه , فلم يمسه النص بشيء , ولكنه تحدث عن واقع أثبته التاريخ . لك ودي واحترامي. * القارئة الكريمة ( ندى الصباح) بعدي عن الساحة لا يمكنني من التأكد من الموضوع , ولكن الساحة الشعبية لا يستبعد عليها أي شيء , يجب أن نفحص كل أمر قبل أن نسلم بمصداقيته , ربما أن النص مهدى أو مباع بثمن ٍ غير مادي , عموما لا الشاعر ولا الشاعرة المذكورين يستحقان الالتفات وكذلك النص لا يستحق القراءة , ربما هي مهاترات مفتعلة لإضاءة الشموع الذابلة في الظلام . لك احترامي.