هي نظام سياسي يقوم على ثلاثة أسس: فصل الدين عن الدولة (العلمانية).. والتعددية الحزبية والنقابية والانتخابية من خلال النظام البرلماني (الديمقراطية).. وكفل حرية الأفراد (الحرية الفردية). وتذكر الموسوعة الفلسفية العربية، ان الليبرالية في الفكر السياسي الغربي نشأت وتطورت في القرن السابع عشر، وان لفظتي: (ليبرالي) و(ليبرالية) لم تكونا متداولتين قبل بداية القرن التاسع عشر، وان كثيرا من الافكار الليبرالية موجودة في فلسفة (جون لوك) السياسية، فهو اول وأهم الفلاسفة الليبراليين. هذه الفكرة الليبرالية السياسية تبحث في تحديد طبيعة الحكم: هل هي تعاقدية، ائتمانية، بين الحاكم والمحكوم، أم حق مطلق للحاكم؟ والذي دعا الى هذا البحث، احوال وانظمة الحكم السائدة في اوروبا "في ذاك الزمان" حيث الصراع بين الملكيات والقوى البرلمانية. اما القوى البرلمانية فقد رفضت ادعاء هذا الحق، وقررت ان الحكم ليس حكرا لفئة معينة، وان العلاقة بين الحاكم والمحكوم علاقة ائتمانية تعاقدية، وبما ان الانسان له حقوق طبيعية في الحرية والكرامة، وجب الاقرار بان الحكم يجب ان يكون مبنيا على رضا المحكوم. وقد كان هذا بالفعل مصير الملك (جيمس الثاني)، الذي خلع عن العرش عام 1688م في الثورة البيضاء الشهيرة، المعروفة بالثورة المجيدة. ذهب نفر الى فكرة مجتمع بلا دولة، ايمانا منهم بان التعاون الطوعي بين الناس يغني عن الدولة، لكن الاغلبية الساحقة من السياسيين والمفكرين اعتبروا وجود الدولة ضروريا، فالأمور لا تنتظم من تلقاء نفسها.. لكنهم اختلفوا في تحديد ملامح هذه الدولة وسلطاتها، ومن هنا نشأ في الفكر السياسي الليبرالي مفهوم (دولة الحد الأدنى)، فالحاجة الى الدولة حاجة عملية فقط، في التنفيذ، لا في التشريع والقضاء، ولا يجوز أن توسع نطاق سلطاتها خارج الحدود التي تفرضها هذه الضرورات العملية. ومشكلة سوء استعمال السلطة قديمة قدم التاريخ البشري، فاذا كان وجود الدولة ضروريا، فوجود السلطة كذلك، ولابد للسلطة ان تكون بيد اشخاص معينين، لصعوبة ممارسة الجميع لها، ومتى استقرت السلطة في أيدي اولئك، فما الذي يحول بينهم وبين سوء الاستعمال؟ هذه هي المشكلة التي نتجت عنها فكرة الليبرالية السياسية.. وقد حاول بعض الفلاسفة منذ القدم وضع حل لها. افلاطون مثلا كان يرى ان المشكلة تحل اذا اجتمعت السلطة والفلسفة في شخص واحد.. لكن هوبز لم يرتض هذا الحل، ورفض معادلة أفلاطون، مشددا على ان السلطة وحدها هي العنصر الاهم في بناء مجتمع مستقر.. وهوبز من المعارضين للحل الليبرالي، وفلسفته السياسية تقوم على ان هناك علاقة عكسية بين الحرية والاستقرار، وهو يعطي الحاكم سلطة شبه مطلقة، نتيجة قناعته انه بدون هذه السلطة المطلقة لا نظام ولا استقرار ولا أمان. أما الحل الليبرالي الذي وضعه (جون لوك) وطوره (مونتسيكو) فيرفض حصر الخيارات بخياري هوبز: * مجتمع لا سلطة فيه (فوضى). * مجتمع يساء فيه استعمال السلطة. وهذا الحل يرتكز على مبدأ ثالث هو: * حكم القانون وسيادته، واصلاح مؤسسات المجتمع وتطويرها. ودعاة هذا الحل يرون ان من الخطأ ان نركز على الحاكم المثالي، ومن الأصح ان نركز على اشتراع قوانين واستحداث مؤسسات تقلل من سوء استعمال السلطة، وتسهل مراقبة المسئولين، وتجيز معاقبتهم ان هم أساءوا استعمال مسئولياتهم. ويفترض هذا الحل ان اغراءات سوء استعمال السلطة ستظل موجودة، ولكنه يقلل من احتمال اساءة استعمالها فعلا. وحكم القانون يعني أن المرجع الأخير لم يعد ارادة فرد ما، او مجموعة أفراد، بل أصبح مبادئ اتفق عليها، ودخلت في بنية المجتمع وصلبه. * باحث في العلاقات الدولية ومدير العلاقات العامة بمركز الدراسات العربي الأوروبي بباريس