يشتق مصطلح الليبرالية أو اللبرالية من ليبر liber الكلمة اللاتينية التي تعني الحر، وهي مذهب سياسي أو حركة وعي اجتماعي، تهدف لتحرير الإنسان كفرد وكجماعة من القيود السلطوية الثلاثة (السياسية والاقتصادية والثقافية)، وقد تتحرك وفق أخلاق وقيم المجتمع الذي يتبناها تتكيف الليبرالية حسب ظروف كل مجتمع، إذ تختلف من مجتمع إلى مجتمع. الليبرالية أيضا مذهب سياسي واقتصادي معا ففي السياسة تعني تلك الفلسفة التي تقوم على استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية. تاريخ الليبرالية تطورت الليبرالية عبر أربعة قرون ابتداء من القرن السادس عشر، حيث ظهرت نتيجة للحروب الدينية في أوروبا لوقف تلك الصراعات باعتبار أن رضا المحكوم بالحاكم هو مصدر شرعية الحكم، وأن حرية الفرد هي الأصل، وقد اقترح الفلاسفة توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو وإيمانويل كانت نظرية العقد الاجتماعي والتي تفترض، أن هناك عقدا بين الحاكم والمحكوم، وأن رضا المحكوم هو مبرر سلطة الحاكم، وبسبب مركزية الفرد في الليبرالية فإنها ترى حاجة إلى مبرر لسلطة الحاكم، وبذلك تعتبر نظرية العقد الاجتماعي ليبرالية رغم أن بعض أفكار أنصارها مثل توماس هوبز وجان جاك روسو لم تكن متفقة مع الليبرالية. ولإجمال التطور في الليبرالية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، يمكن القول أن حقوق الفرد قد ازدادت وتبلورت عبر العصور حتى قفزت إلى المفهوم الحالي لحقوق الإنسان الذي تبلور بعد الحرب العالمية الثانية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد يكون أهم تطور في تأريخ الليبرالية هو ظهور الليبرالية الاجتماعية أو (الاشتراكية) بهدف القضاء على الفقر والفوارق الطبقية الكبيرة التي حصلت بعد الثورة الصناعية بوجود الليبرالية الكلاسيكية ولرعاية حقوق الإنسان، حيث قد لا تستطيع الدولة توفير تلك الحقوق بدون التدخل في الاقتصاد لصالح الفئات الأقل استفادة من الحرية الاقتصادية. رد فعل وهنا يرى المشرف العام على مركز الفكر المعاصر الدكتور ناصر الحنيني، أن الليبرالية نشأت كرد فعل على الدين النصراني المحرف في أوروبا واستغلال الكنيسة لنفوذها لظلم الناس والتواطؤ مع الحكام الظلمة في ذلك العصر مما نشأ عند الناس صورة ذهنية سيئة عن هذا الدين المحرف، وظهرت النظريات التي تتفق على ضرورة إقصاء وإبعاد الدين عن الحياة ما بين من يؤيد الإلحاد ومابين من يجعله شأنا خاصا للفرد وهي ما تسمى بالعلمانية، فالليبرالية مجموعة نظريات تؤكد على إبعاد الدين عن حياة الناس، وأن سبب تخلفهم وظلمهم هذا الدين الذي كان يعادي العلم والعلماء. وأضاف: الليبرالية تؤكد على أن المجتمع لن يأخذ حريته إلا بأن لا يكون للدين أي سلطة على حياة الناس أو النص المقدس بحسب تعبيرهم وهنا تكمن الخطورة وهي الفيصل بين الليبرالية والإسلام. وأكد أن الله عز وجل أرسل إلينا الرسل وأنزل على البشر الكتب ليحكموا بها في حياتهم وتكون حاكمة على كل تصرفاتهم وآخر الأديان هو الدين الإسلامي، حيث يقرر القرآن هذه القضية بعبارة واضحة (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)، بل أمرنا الله عز وجل بأننا إذا اختلفنا أن نرده إلى الشرع والدين المنزل من عند الله في كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، (وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)، وقال سبحانه (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما). ولفت إلى أنه لا يمكن لإنسان أن يكون ليبراليا ويؤمن بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود، فهذا في نظره يعارض الحرية الشخصية وهي أساس الليبرالية ولبها، والمسلم حر لكنه تحت مظلة العبودية لله فهي أعظم حرية، فهو مأمور باجتناب الحرام والفواحش ولو كانت شأنا خاصا له ومن رآه وجب عليه أن ينكر عليه وينصحه، وعلى الدولة أن تمنعه إذا اطلعت عليه، وكذلك المجتمع المسلم مأمور بتنفيذ عقوبات الله شرعها على بعض الذين يفسدون في المجتمع كقطع يد السارق ورجم الزاني المحصن وجلده إذا كان غير محصن وقتل القاتل، والإسلام يحرم الفواحش ولو كانت بالتراضي؛ لأن الله حرمها ويجب على العبد أن يمتثلها. وشدد على أن الليبرالية تتعارض مع أصل الإسلام وهي أن الإسلام يرى أن الدين الحق هو الإسلام وما عداه من الأديان باطلة غير مقبولة عند الله كما قال جل وعلا (إن الدين عند الله الإسلام) وقال (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)، كما أن الليبرالية ترى أن للشخص أن يتعبد بما يشاء ولا يسوغ لأحد أن يحكم على الشخص الآخر بالكفر أو أن دينه باطل وهذا يتناقض مع أصل الإسلام بالكلية. وتابع: الليبرالية الغربية لا ترى القداسة لكلام الله، وأنه معصوم ولا يجوز التنقص له لأن عندهم من باب الحرية النقد لكل شيء، والمسلم يرى أن النقد والتنقص للقرآن كفر مخرج من الملة بإجماع أهل الإسلام، وبناء على ما سبق فلا يمكن أن يكون الليبرالي بهذه المعتقدات مسلما أبدا. وخلص إلى القول«يجب التنبيه على أمر مهم، ألا يوجد في الليبرالية خير، نقول بعض المبادئ التي تدعوا إليها الليبرالية الإسلام قد جاء بها وهو صاحب الفضل وسبقهم بأكثر من 1200 سنة، فقيمة العدل والمساواة وإعطاء الحقوق الإسلام قررها بأحسن مما قررتها الليبرالية وما فيها من حق لن ننكره». تنوع المدارس ويشير الدكتور أحمد الدقن وهو عضو هيئة التدريس بقسم الإدارة العامة والمحلية بكلية العلوم الإدارية بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية في مصر، إلى إمكانية القول بتنوع المدارس الاقتصادية الليبرالية، وأن هذه الحقيقة وراء بقاء النظرية الاقتصادية الليبرالية، بينما انهارت نظرية الاقتصاد الاشتراكي. ويضيف: توجد مدارس متنوعة ضمن النظرية الاقتصادية الليبرالية، وهو ما يشير إلى ضرورة عدم احتكار أصحاب مدرسة ما للحقيقة المطلقة في الاقتصاد الليبرالي، لافتا إلى المبادئ الرئيسية لتلك المدارس. الليبرالية والإسلام المفكر السعودي الدكتور إبراهيم البليهي، أن الليبرالية هي المناخ الأنسب الذي يتيح للإسلام أن يجسد مبادئه العظيمة في العدل والمساواة وحفظ الكرامة الإنسانية وإسعاد البشر. ويقول: من حقائق الواقع الإسلامي، أن للمسلمين نحو ستين دولة، وأن أكثر هذه الدول مازالت شديدة التخلف، ولا يمكن أن يكون الإسلام ذاته هو المسؤول عن هذه الأوضاع البائسة المزرية، وإنما الوصاية عليه هي التي انكمشت بتعاليمه، وحجبت أضواءه، وأوصدت عليه في أطر ضيقة، فالليبرالية بما تتيحه من تنوع وتكامل وحراك ومرونة ونشاط وتوقد، هي التي ستتيح لأضواء الإسلام أن تكون بكامل سطوعها وأقصى درجات إشعاعها، بدليل أن ماليزيا، وهي من أشد الدول اهتماما بالإسلام وبقضايا المسلمين، قد تبنت الليبرالية، فاستطاعت بذلك أن تحقق ازدهارا مشهودا رائعا يستحق الاحتذاء، وكذلك تركيا بعد وصول الإسلاميين الليبراليين إلى الحكم، فلقد حدوا من الهيمنة المطلقة للعسكريين، وتمكنوا بليبراليتهم الإسلامية من تحقيق قفزات مهمة في كافة المجالات. ويوضح البليهي، أن الليبرالية تعني بمعناها الفلسفي الحرية المسؤولة المنضبطة بالأخلاق والشرع والقانون، أما أسباب غموض مفهوم الليبرالية في ثقافتنا فإن البليهي يعيده إلى أن عدم تعريب الكلمة وبقائها في العربية بلفظها الأجنبي، مما أبقى المعنى غائما، أما السبب الثاني فهو حساسيتنا الشديدة في التعامل مع الفكر الغربي، فنحن نتوجس من أية فكرة وافدة، خاصة إذا كانت ذات محتوى سياسي أو ثقافي أو اجتماعي، فنحن لا نتقبل من خارجنا سوى المعلومات كمسائل مبتورة من سياقها الفلسفي أو التقنيات الجاهزة، أما الأفكار فنرفضها ابتداء من دون أن نحاول فحصها، فيحرمنا ذلك من أن نتعرف على محتواها مع أن الأفكار هي مصدر الأزدهار. الليبراليون العرب الدكتور عز الدين دياب متحدثا عن الظاهرة الليبرالية الجديدة في الوطن العربي، تساءل أيضا: هل بالإمكان الإفصاح عن ليبراليين عرب جدد؟ ويجيب على هذا السؤال بأن هذه النقطة تؤسس لمقاربة إنثروبولوجية جزئية عن«ليبرالية جديدة» في الوطن العربي، بحيث لا تتعدى على الإطلاق أكثر من رؤية حضور تلك الليبرالية في الثقافة السياسية العربية وقول كلمة معصومة ومنقادة بمنهج العلم الأنثروبولوجي؛ لأن الأنثروبولوجيا كما تفيد عن نفسها بأنها: تطبيق نظرية. ويبين أنه في ظل الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي يعيشه الوطن العربي، وجدت الليبرالية الجديدة ضالتها بين فئات محددة من المثقفين العرب، فأخذوا بها وأخذت بهم إلى حيث يشاء أهلها في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية. وليس في إطار ما يحتاج إليه الوطن العربي من قيم ليبرالية، وخاصة قيمة إنسانية الفرد العربي وحريته، والرأي والرأي الآخر، وامتلاكه شأنه العام، والتعبير عن همومه وأحلامه دون وصاية من أحد. في السياق ذاته، يستغرب عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور راكان حبيب، من ردة فعل الليبراليين العرب ممن لا يؤمنون بالديمقراطية، وساق مثالا على ذلك مستدلا بمن سخروا فضائياتهم في مصر للتشكيك في مصداقية حزب العدالة. وقال: عندما يسمع المتابع مطالب الليبراليين بعد ظهور النتائج يخيل إليه أن الوضع لم يتغير. فهم لا يريدون الحكم أن يكون في أيدي الأغلبية الفائزة ولا يريدونهم أن يكتبوا الدستور، بل يطالبونهم أن يقفوا موقف الضعيف فيتعهدوا أمام الملأ أنهم لا ينوون سلب الحريات ولا هدم المدنية. إضافة إلى ذلك سخرت بعض الفضائيات برامجها للتشكيك في مصداقية حزب الحرية والعدالة، وحملت بعض الصحف عناوين مستفزة وشديدة العدوانية لوصف فوزهم، بل وصل بمسؤول حزب في مقابلة تليفزيونية المطالبة بتدخل غربي لحماية مصر من التيار الإسلامي! متناسيا أن هذا التيار يعتبر الأقباط أصحاب حق وشركاء. وأضاف: إنه أمر عجيب وغريب حين يفصلون الديمقراطية بدون الأغلبية! فمع التسليم أن تتضمن الحملات قبل بدء الانتخابات النقد وحتى الضرب تحت الحزام، إلا أنه من غير الطبيعي أن تستمر على حالتها العدائية حتى بعد ظهور النتائج. لذلك وبعد هذا المشهد لابد من القول، إذا أرادت الأحزاب والنخب في العالم العربي تطبيق الديمقراطية فإن عليها الانصياع لأصوات الناخبين؛ لأنه من غير المعقول أن تملي أحزاب حازت على صوتين أو عشرة أجندتها على الأكثرية، فهؤلاء يطالبون بالديمقراطية وفي نفس الوقت لا يريدون الاعتراف بنتائج الصندوق! وهنا يورد الكاتب المعروف في مجلة «تايم» بوبي غوش تحليلا يوضح فيه أن موجة الانتصارات الانتخابية للإسلاميين بدأت مع حزب النهضة في تونس، وامتدت إلى المغرب مع فوز حزب العدالة والتنمية، وصولا إلى انتصار التيار الإسلامي بحزبي «الحرية والعدالة» التابع لجماعة «الإخوان المسلمين» و«النور» السلفي التوجه. وأضاف غوش: «لماذا فشل الليبراليون، الذين تزعموا الثورات في المنطقة، في تحقيق نتائج جيدة بالانتخابات؟ لقد سمعت مجموعة من الإجابات منهم في القاهرة مماثلة لتلك التي سمعتها في تونس، وبينها أنهم حاولوا تنظيم أنفسهم خلال ثمانية أشهر، بينما ينشط الإخوان منذ 80 سنة، إلى جانب أن الإسلاميين لديهم القدرة على الانفاق أكثر بكثير منهم بفضل الدعم السعودي والقطري». وتابع غوش قائلا: إن من بين التبريرات التي سمعها أيضا أن جماعة الإخوان والتيار السلفي:«استخدما الدعاية الدينية لتضليل الكثير من الناخبين الأميين والفقراء». ورأى غوش، أن الأسباب التي وردت على لسان الليبراليين والعلمانيين غير مقنعة، إذ أن التيار السلفي حديث النشأة، وقد تمكن بدوره من تحقيق مكاسب انتخابية كبيرة، كما أن قوائم الليبراليين تضم أثرياء بوسعهم الإنفاق على حملاتهم، كما أن هيئات الرقابة الدولية لم تؤكد وجود عمليات تزوير لنتائج الانتخابات. وأضاف: «أما القول بأن الإسلاميين خدعوا الناخبين فهذا يدل بالضرورة على أن معظم المقترعين هم من السذج»، معتبرا أن هذه النظرة من قبل الليبراليين تجاه الناخبين بسبب عدم التصويت لهم«تشرح سلوكهم السياسي تجاه جمهورهم وتوفر المفتاح لفهم أسباب فشلهم الذريع». واعتبر الكاتب، أن التيارات الإسلامية تفهم الديمقراطية أكثر بكثير من الليبراليين والعلمانيين في المنطقة، واستدل على صحة قوله بالإشارة إلى مسارعة الإسلاميين في تونس والمغرب لإجراء تحالفات انتخابية مع قوى يسارية وعلمانية، وتأكيدهم المتكرر على أنهم لا يسعون للحصول على كرسي الرئاسة ولا يرغبون بفرض النموذج الإيراني بدولهم، الأمر الذي بدد الكثير من المخاوف حيال برنامجهم. كما أشار إلى أن تلك القوى استثمرت بنجاح جهودها الخيرية التي بدأت قبل سنوات طويلة على صعيد المستشفيات المجانية ومراكز تقديم الأغذية التي ساعدت من خلالها الطبقات الفقيرة، كما أقتنع الناس بأن «التقوى» التي تظهرها ستساعدها على إنهاء الفساد في الإدارة. وخلص الكاتب إلى القول: إن الاختبار الحقيقي لديمقراطية الإسلاميين يتمثل في تصرفهم خلال المرحلة التي تعقب الانتخابات، ولكنه توقع لهم النجاح في هذا الاختبار، باعتبار أن الإسلاميين يواصلون محاولة بناء التحالفات مع القوى الأخرى من جهة، إلى جانب أنهم بحاجة لسائر القوى لضمان الغالبية البرلمانية من جهة أخرى. توطيد العلاقة ويرى أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور خالد الدخيل، الاعتقاد بأن الليبرالية تحارب الأديان خرافة، مشيرا إلى أنها تعنى بتوطيد علاقة المجتمع بالدولة وتحقيق حرية الأفراد والجماعات وتأكيد التعددية في المجتمع، فالمجتمع بمؤسساته وجماعاته ليست متماثلة وهناك اختلاف في المصالح والرؤى. وأضاف: الليبرالية تنادي بإقرار التعددية، بحيث أن لا يفرض أحد مرئياته على المجتمع، وتؤمن بحرية الفرد، وكل ذلك يأتي ضمن التنظيم القانوني للدولة دون أن يكون منها ما هو خارج القانون، فإن خرج شيء عن القانون فهو فوضى، كما أنها لا تحارب الأديان بأي شكل، لافتا إلى أن الأديان تنادي بكل القيم التي تدعو إليها الليبرالية من حرية العدل والمساواة، كما أنها ترى عدم جواز استخدام الدين من قبل فئات معينة للحصول على مكتسبات سياسية، وبالتالي فإنها لا تتعارض مع الإسلام إطلاقا. وشدد الدخيل على أن الذي لا يؤمن بحرية التعبير والرأي والتعددية ليس ليبراليا، كما يرى أن من يقولون بعدم وجود ليبراليين سعوديين محاولة لنشر السمعة السيئة، داعيا المروجين لهذه الأقوال إلى عدم الحكم بدون اطلاع. وقال: كما أن هناك من يدعون الإسلام وليسوا بالضرورة ملتزمين أو يكون مفهومهم حول الإسلام ضعيفا، فهناك ليبراليون كذلك، لكن التعميم ليس من سمات العلماء والمفكرين، في حين الشتم أمر سهل، والمطلوب الوقوف على الواقع مع الالتزام بالمنهج العلمي، مع الاعتراف بأن هناك بالتأكيد فرق بين العالم العربي وخصوصا السعودية، وبين أمريكا وفرنسا في ذلك، فهناك تمثل الليبرالية فلسفة سياسية واقتصادية متمثلة في التعليم ومؤسسات الصحافة منذ أكثر من 250 عاما، وكذلك في الصحافة والأدب فهي تقاليد راسخة وتاريخ، أما عندنا فهي ما زالت ضعيفة كثيرا. وزاد «هناك من يملك القوة لدينا وهو التيار الإسلامي الذي يتكئ على تراث راسخ منذ مئات السنين، وهو مع ذلك لم يتجاوز مرحلة الوعظ»، مضيفا «محاربة الليبرالية بهذه الطريقة نوع من الهجاء وليس من التفكير السليم، كما أن الليبراليين مسؤولين عن ضعفها، ومع ذلك لا يجب أن نقع في خطيئة التبرير، والملحوظ مع هذا كله أن حركة المجتمع لدينا متوجهة نحو الليبرالية، والدليل على ذلك أنه مهما اختلفت المسميات إلا أن كثيرا ممن كان لدينا من المحرمات بدأ يتساقط مثل الديمقراطية والانتخابات وعمل المرأة وتعليمها، وكذلك الليبرالية وثقافة الاختلاف نفسها».