بادىء ذي بدء دعوني اؤكد للقراء الكرام ان علاقتي بالملايين عدائية. ولكني اشكر الله على نعمائه العديدة والكبيرة التي اسبغها علي. فانا لست من اصحاب الشركات والمصانع وهذا الاعلان لكيلا اتهم بمحاباة رجال الاعمال وقد امضيت جزءا من حياتي موظفا حكوميا فانا اعرف الاعمال الحكومية وكذلك امضيت الجزء الآخر في القطاع الخاص ولهذا اعرف الشركات وارباب العمل. وفيهم بلا ريب العادل والظالم وفيهم المحترف المنظم ومنهم من (يثور وعليها تدور) وكم ساند الحظ من قليل حيلة! وكم عاند من حاذق المعي! اذا انا قريب من عامة الشعب ومجرب حياة الموظفين والعمال.. ونظرتي للسعودة موضوعية ولا أحب العزف على العواطف ودغدغة الحاجات لقد طالبت بدعم التدريب المهني ماديا مثل غيري وهذا صندوق دعم الموارد البشرية بزغ ولكنه لا يزال هلالا ونحن نريده بدرا فهو يحتاج الى مزيد من الدعم المالي واقترح تحويل ال2000 ريال التي تؤخذ على التأشيرة اليه. ويحتاج الى انطلاقة شجاعة تعتني بالكم قبل الكيف وطالبت بالتدريب المهني العسكري والحمد لله بدأ ولكن بدايته هذه لن تفي بحاجة السعودة فهي بداية على عكاز ومن هذه حالته فلن يقاوم رياح متطلبات سوق العمل. انا طالبت ومازلت اطالب بان يستدعى الباحثون عن العمل من خريجي الثانوية العامة والكفاءة الى دورة عسكرية مهنية مركزة لا تقل عن سنة ونصف وحبذا سنتين يعطى فيها المتدرب مكافأة جيدة وتحدد المهن وفق متطلبات السوق نوعا وكيفا وكما اما الكم فقط فقد لقينا منه نصبا. ومهما كان الصرف عليه فهو استثمار حقيقي ومربح على كل الاصعدة. والسعودة لدي: هي التدريب.. التدريب.. التدريب.. والانضباط.. الانضباط.. الانضباط!! وما عدا ذلك فالسوق كبير والحاجة موجودة. اعطني كفؤا اعطك وظيفة. ان الدورات المهنية العسكرية الحالية قصيرة وليست مجدية وارجو من المسؤولين ألا نضيع وقتا ونهدر جهدا. نحن في امس الحاجة الى استثمار رأس المال الاجنبي والمحلي داخليا ولا مناص لنا من تقديم اغراءات وضمانات وتطمينات لاقناع المستثمر بانه في بيئة امنة ولا اعني الامن بمفهومه التقليدي فهذا حاصل وسيستمر باذن الله وعونه. المقصود هنا البيئة بشموليتها من انظمة الى تساوي الفرص ومحاربة الفساد الاداري.... الخ. ومن اهم عوامل جلب الاستثمار توفر اليد العاملة الماهرة. ان تجربة المعهد السعودي الياباني لفني السيارات والذي تبناه رجل الاعمال عبداللطيف جميل مثال ساطع وحي على الطريقة المثلى للسعودة. اليد الماهرة ستجد طريقها اما بالتوظيف او مباشرة المهنة. لقد سعدت كثيرا بقرار معالي وزير العمل د. غازي القصيبي بتشكيل مجلس استشاري من رجال الاعمال وذلك ان التنمية الاقتصادية وتهيئة البيئة الملاءمة للاستثمار هي الطريقة المثلى للسعودة وليست نسب السعودة العشوائية والتي ادت إلى كذب واحتيال من قبل كثير من المؤسسات. وليس بخنق الاستقدام بدون مراعاة خصوصية كثير من الصناعات المحلية والمجلس الاستشاري سوف يوضح وجهة نظر القطاع الخاص قبل صدور القرارات وبهذا تكون القرارات عملية يمكن تطبيقها والاقتناع بها. وفي اعتقادي ان هناك امورا ثلاثة هي مفاتيح السعودة: 1/ احداث انقلاب نوعي في مؤسسات التعليم الفني سواء كان حكوميا او تجاريا. وان القضاء على دكاكين التدريب من خلال الرقابة الصارمة والعقوبة الرادعة بات في حكم الضرورة. وان الاعتراف بان مؤسسات التعليم الفني الحكومي قد ادت دورا لم يعد يواكب متطلبات المرحلة اضحى واجبا لتحقيق السعودة وان التدريب المهني العسكري إحدى ركائز هذا التغيير. 2/ دفع برنامج صندوق دعم الموارد البشرية بقوة من خلال مطالبة حكومتنا بتخصيص رسوم التأشيرة الى الصندوق وكذلك التوسع في التدريب المنتهي بالتوظيف من خلال لجان ميدانية تحدد حاجة كل مؤسسة ومصنع ميدانيا من حيث الكم والنوع وتحديد كيفية التدريب وبرنامجه وسيكون له مردود عملي ومضمون. وليتحرر الصندوق من بعض البيروقراطيات مثل: اشتراط لائحة داخلية, قصر الدعم على غير المؤهلين وهم خريجو الكفاءة والثانوية بل يتعدى ذلك الى خريجي مؤسسات التعليم الفني او الجامعات. ولكن بمدد تدريب اقصر حسب المهنة ومتطلباتها العملية. 3/ نظام العمل يجب ان يكون متوازنا جدا وان يخلو من العواطف المخملية. وان لا يكبل يد صاحب العمل في الاستغناء عن خدمات العامل غير المنتج او غير المرغوب فيه فلا نغرق في المثاليات على حساب الحقائق. فالترهل وضعف الكفاءة المهنية هما المشكلة وليس التعسف. اصحاب المصانع والمؤسسات ليسوا جمعيات خيرية ولا حكومية. هؤلاء محكومون بعامل الربح والخسارة وهم تحت طائلة المنافسة ولهذا فان الانتاجية والانضباط امران جوهريان لنجاح اي عمل. والكفؤ المنضبط سيفرض احترامه والحاجة اليه في اي مكان. ان قيام المصانع وبقائها وتطويرها واستجلاب رأس المال الاجنبي واستبقاء رأس المال المحلي هو الذي سيخلق الوظائف ويوجد الفرص. ومن اهم عوامل نجاح هذا الهدف الحيوي توفر ايد ماهرة منضبطة. دعونا نسهل مهمات صناعتنا ومن ثم يمكننا النظر فيما اذا كان هذا العامل تم فصله تعسفا ام لا. نهيىء العمالة السعودية المدربة ثم نغلق الاستقدام. ومن ينادي بتسهيل مهمة الصناعات المحلية واستجلاب رأس المال لم يخلع قبعة الوطنية ابدا. ان مستوى المهارات ومعدل الانتاجية ومدى الانضباطية يشكل عقبة وعلينا الاعتراف بها وهذا الجيل هو المسؤول عنها وكثير من الشباب هم ضحية بيئة تعليمية او اسرية او اجتماعية او كلها معا وليس هذا المقام مجال سير اغوارها. واننا ننتظر بفارغ الصبر نظام العمل الجديد والذي ارجو من الله ان يكون قد تلافى ما اعترى النظام القديم. وارجو ان يكون مغزاه بالدرجة الاولى تشجيع الصناعة من خلال دعم التدريب وتقدير الكفاءة وتكريس الانضباطية والانتاجية واحترام حرية رب العمل مع حفظ الحقوق الاساسية للعامل اما التدليل وتكبيل يد رب العمل فليس من صالح متطلبات الفترة على الاقل.