من فتح اذنيه لوشاية كان اقرب الى الزلل والجناية وابعد عن الحلم والهداية.. ومن تعجل في حكمه على الآخرين ظلم ومن تأنى رحم ومن صمت على جور سلم.. ومن جار على محبيه غرم. .. ويقول العرب: (العجول مخطىء وان ملك والمتأني مصيب وان هلك) ويقول لقمان: لا تسيء لمن احسن اليك وان ظلمك.. ولا تعن على من انعم عليك وان هجرك ومن تمام المروءة ان تنسى ان الحق لك. .. واسخف قرار يتخذه الانسان هو ذلك الذي يبدأه بالترافع عن نفسه وذكر محاسنه واغفال مساوئه ومخازيه.. وخير الناس من تذكر اخطاءه قبل اخطاء غيره. .. والناس غالبا تراك بعيون تكشف عيبك.. وفي ذلك تصويب لزلاتك.. ولكن عليك الا تراها انت بعين تكشف الخزايا فيكثر اعداؤك.. ومن اعتاد رؤية محاسن الناس قبل عيوبهم سلم شرهم. .. ومن كثر افتراؤه كثر كلامه.. ومن كثر كلامه قل فعله ومن قل فعله خف عقله.. والصامتون هم اكثر الناس حكمة وليس كل صامت شيطانا اخرس.. فالصمت فضيلة من لا علم له ولا فضيلة.. .. وفي زمن الحوار تذكر ان علم الجدل والكلام قد استمر اكثر من الف عام. فما اصاب الناس من كوارث عبر كل الازمنة الا زلات السنتهم واختلاف آرائهم وتعدد اهدافهم ورغباتهم.. وانحراف سلوكهم.. وبفعل الجدل.. والخلاف وصلت العديد من الامم الى قاع المأساة المفجع والاليم. .. وقبل ان تحاور احدا او تناقش اي احد هل تساءلت: هل نحن مؤهلون لاقامة حوار عادل ومنصف تستقيم معه الحياة ام نحن كائنات متوحشة منعزلة تضيق الدوائر حولها.. وتضيق بمن حولها؟ .. وهل نحن مفرغون من كل ما يثير الجدل حول ما نريد ومالا نريد وما يجب ومالا يجب.. وهل نحن اشقياء بما نعرف ام لاننا لا نعرف؟ .. وهل احداقنا باتت تضيق بالنن والهدب ونطلب العمى ونستجديه.. وهل كل ابواب الخيار قد سدت امامنا.. واصبحت ممارسة قمع الاراء من السنن الحديثة.. التي لا يستغنى عنها في اي ارض واي مكان.. وهل من الصواب في حالات كهذه ان تصمت او تتحدث؟ .. قد يقول البعض: ان الاحياء يملكون حرية التأمل والتفكير والتساؤل والتطلع.. ولهذا لابد ان يتحدثوا ويناقشوا ويتكلموا وبالطبع لابد ان يختلفوا. .. وفي هذه المدارات الصعبة والضيقة والمغلقة ايهم الاجدى.. الصمت ام الكلام؟ سؤال ازلي مازال قائما عبر كل العصور.. ولا يملك الاجابة عنه.. الا الحكماء والعقلاء.. ولا ازيد.