تمر على الإنسان أوقات عصيبة تتملكه فيها مشاعر حزينة.. وقد تطول هذه الأوقات أو تقصر بناء على شخصية الفرد وطريقة تفاعله معها.. وبالمقابل فهناك أيضا العديد من المشاعر الجميلة التي تنتابنا أحيانا وتضفي على حياتنا الفرح والسرور وترسم على شفاهنا البسمة الصادقة. وتلوح في الأفق أمامنا أسئلة عديدة حول مشاعرنا.. ما الذي يثيرها؟ وكيف نتعامل معها؟ ما فلسفتنا في الحياة حيال هذه المشاعر السلبية والإيجابية.. في هذا الاستطلاع نناقش كل تلك الأمور عبر هذه السطور. ونبدأ اليوم مع مشاعرنا الحزينة على أن نتناول في استطلاع قادم مشاعر الفرح والسرور. صمت.. وجوم.. امتعاض (أم مبارك القحطاني) أبدت رأيها في الأمر فقالت: تنتابني المشاعر الحزينة عندما أقع في مشكلة ما وأبحث عن الحل فأجد العقبات أمامي.. عندها من الطبيعي أن ينتابني شعور بالاحباط والحزن ولكنني عندها لا أجد سوى قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) فبها أخفف عن نفسي.. وتقول أم مبارك: الشعور بقلة الحيلة يحزنني، لكنه يجعلني أيضا أبادر لعمل شيء ما وأجد الظروف كلها ضدي في معظم الأحيان، مما يثير الشجن في نفسي ودون أن أشعر ألجأ الى الصمت.. الوجوم.. وأعلن امتعاضي.. وأحيانا اكسر جدار صمتي وألجأ لصديقة مقربة أثق بها لأبثها حزني وافضفض لها بهدف اجراء عملية تفريغ لشحنات الحزن المكبوتة داخلي.. وتعقب أم مبارك على حديثها: حزني يجعلني أشعر بقيمة الأشياء الجميلة والمفرحة في حياتي لذلك فأنا أعتبره نعمة من الله. أما وجود العقبات فإنه يعطيني احساسا بقيمة الأشياء. القوي.. من يصبر ويتجلد (ف.ع) شاركتنا الحديث وقالت: الحزن في نظري شعور متأصل داخل الذات الإنسانية.. يأتي متهيجا كلما أيقظ بفعل صدمات أو مواقف قد تساهم في مضاعفة الشجن كالمصائب والابتلاءات. يقول الشاعر: كل من رأيت يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن؟؟ وقد لا تخلو حياة أي فرد منا من موقف محزن يتعرض له فيصاب بالاحباط والألم.. لكن القوي من يصبر ويتجلد. ويزداد صلابة وقوة وايمانا مما يدفعه للتغلب على صروف الدهر ونكباته الباعثة للشجن. ومما يساعدنا على دفع الشعور بالحزن، التأسي بأصحاب البلايا والمصائب ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء القدوة الحسنة فجميعهم تعرضوا لما يعرضهم للحزن والألم النفسي لكنهم صبروا وجاهدوا أنفسهم ولجأوا الى الله سبحانه وتعالى بالدعاء وطلب العون. فالتقرب الى الله سبب مهم لانشراح الصدر وزوال الحزن، وهو الباعث على الصبر المنير لكل ظلمة والمفرج كل كربة. وأسأل الله تعالى أن يزيل الهم والحزن ويبعث السرور على كل قلب مكلوم وكل شعب مظلوم. وان شئت أيها القارئ اقرأ كتاب (لا تحزن) للدكتور عايض القرني ففيه فائدة عظيمة بإذن الله. وأرغب في التذكير بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل...) ودعائه (اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء). لجأت للعلاج النفسي تعتقد (أم آلاء) ان الحزن شعور طبيعي قد يصيب الانسان في أي وقت لكنه يتحول الى مشكلة حقيقية عندما تزداد حدته ويتحول الى اكتئاب فيصبح الفرد غير قادر على التحرر من الماضي الحزين ولا يستطيع عندها التخطيط للمستقبل أو التفاؤل بالغد. وتستطرد (أم آلاء) قائلة: هذا للأسف ما حدث لي، فقد كانت طفولتي حزينة نتيجة خلل في التكوين الاسري وكثرة المشاكل الاسرية بجانب الاسلوب الخاطئ في التعامل معي من قبل والدي فقد كنت مضطهدة جدا مما جعلني أشعر بالحزن على نفسي وبعدم تقدير لذاتي كبرت وكبرت مشكلتي معي لأنني لم أحاول طرد مشاعري الحزينة من داخلي فكنت أهرب من مصادر الحزن فأتجنب الاحتكاك بأسرتي وأنزوي وحدي في غرفتي بالساعات دون أن أعمل شيئا، فقد كان الحزن يكبلني تماما. وكنت قد اعتدت على ممارسة دور الحزينة بل انني أصبحت أشعر بمتعة في ذلك لكنني بعد أن تزوجت، قررت أن أحاول التخلص مما أشعر به حتى لا ينعكس على حياتي الجديدة.. وبدأت بحضور دورات تدريبية وقراءة كتب تعنى بهذه الأمور.. لكنني لم أتحسن بشكل ملموس فاتجهت للعلاج النفسي الذي تمكن بعد عدة جلسات من تغيير طريقة تفكيري وأسلوب تفسيري للواقع الذي أعيشه فغيرت نظرتي السلبية للأمور ودربت نفسي على التفكير الايجابي. لقد ساعدني البوح والتحدث مع الطبيبة النفسية في علاج مشكلتي وبدأت أنسى حزني ومسبباته وأحس بسعادة لانتصاري على مشاعري السلبية وأرى الآن النتائج الإيجابية وقد بدأت تظهر عليّ وصرت أبتسم (رغما عني في البداية) حتى اعتدت على رسم الابتسامة على شفتي مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك صدقة). أميل إليه.. وأنطلق في عالم الإبداع (وفاء) تميل إلى الحزن ولا تتضايق منه فهي تعتبره عاطفة سامية ولا يجب أن نقضي عليها. وعن نفسها تقول وفاء إنها تستخدم حزنها كحافز لها على كتابة الشعر الذي تبدع به حين يداهمها الشجن حيث تختلي بنفسها وتنطلق في عالم الخيال والابداع لتنتج أحلى القصائد.